الضفة الغربية تشهد تصعيد واسع والسكان يصفونه بالأصعب منذ أشهر

علاء حمدي
شهدت الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي، ولا سيما في شمالها، تصعيدًا ملحوظًا في نشاط قوات الاحتلال، وصفه السكان بأنه من أصعب الأسابيع التي مرّوا بها منذ عدة أشهر. وقد ساهمت كثافة العمليات، واتساع رقعتها الجغرافية، وحجم القوة المستخدمة، في تعميق حالة التوتر والقلق السائدة بين الأهالي.
وبحسب روايات محلية، نفّذ جيش الاحتلال سلسلة واسعة من المداهمات والاعتقالات في عدد من المدن والمخيمات. كما صودرت كميات من الأسلحة التي قيل إنها معدّة للاستخدام في عمليات مسلّحة. وشهد مخيم جنين للاجئين غارات جوية نفّذتها طائرات مسيّرة ومروحيات، أدّت إلى استشهاد قرابة عشرة أشخاص، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية داخل المخيم المكتظ أصلًا.
شهود عيان من جنين وصفوا مشاهد الدمار بأنها “الأعنف منذ شهور”، حيث انهارت منازل بأكملها، وانقطعت الطرقات، واستمرّت الاشتباكات لساعات طويلة، ما جعل بعض الأحياء غير قابلة للوصول. كما واجهت الطواقم الطبية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المصابين بسبب إغلاق الطرق وانتشار القوات العسكرية. وأعربت منظمات حقوقية عن قلقها إزاء التداعيات الإنسانية للعمليات، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة داخل المخيم.
إلى جانب الغارات، شهدت مناطق شمال الضفة عدة عمليات اغتيال استهدفت شبّانًا وناشطين، غالبًا داخل مناطق مكتظة بالسكان. وقد زاد ذلك من مخاوف الأهالي الذين يشعرون بأنهم يعيشون في دائرة من التهديد المستمر، وسط غياب أي أفق لحلول سياسية.
بالنسبة لكثير من الفلسطينيين في المنطقة، أعاد هذا التصعيد إلى الأذهان مراحل سابقة من عدم الاستقرار والعنف. وقد عبّر عدد من السكان عن شعورهم بالإرهاق، مشيرين إلى أن العام الأخير كان حافلًا بالمداهمات المتكررة، وتشديد القيود، واندلاع الاشتباكات بصورة شبه يومية. ويؤكد هؤلاء أن الوضع الحالي يناقض تمامًا حالة الهدوء النسبي التي عاشتها الضفة قبل نحو عامين، قبل أن تدخل في دوامة التصعيد.
قادة محليون ووجهاء المجتمع حذّروا من أن استمرار هذا النسق من العمليات قد يقود إلى مزيد من التدهور في الأمن والاستقرار الاجتماعي. وأفادوا بأن الحياة اليومية تأثّرت بشكل مباشر، موضحين أن المحال التجارية تغلق أبوابها لساعات طويلة، وحركة النقل تتعطل، فيما تجد العائلات صعوبة في إرسال أطفالها إلى المدارس وسط الإغلاقات المتكررة والمواجهات المفاجئة.
ورغم هذه الظروف القاسية، لا يزال السكان يعبّرون عن توقهم إلى عودة الحياة إلى طبيعتها. ويأمل كثيرون بانتهاء العدوان واستعادة روتين الحياة الذي افتقدوه، قائلين إنهم لا يطلبون سوى “العيش بأمان، والعمل والدراسة دون أن يبدأ يومهم أو ينتهي على وقع أصوات الرصاص والانفجارات”.
ومع استمرار التطورات الميدانية، يرى مراقبون أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة، محذّرين من أن غياب خطوات فعلية لتهدئة التوتر قد يدفع بالمنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار. وفي الوقت الحالي، تبقى الضفة الغربية، وخاصة شمالها، في حالة ترقّب حذر، بين تصعيد لا يزال مفتوحًا واحتمالات تهدئة لم تتضح ملامحها بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى