الشتاء والمطر في القطاع: معاناة تتجدّد ونقدٌ لغياب الدعم

يارا المصري
مع حلول الشتاء، لا يأتي المطر إلى القطاع كنعمة فحسب، بل يتحوّل في كثير من الأحيان إلى اختبار جديد لقدرة الناس على الصبر والصمود. فالمشهد السنوي بات متكرّرًا: أمطار غزيرة، شوارع تغرق خلال ساعات، بيوت متهالكة لا تقوى على مواجهة العواصف، وأسر تنتظر حلولًا حقيقية لا تأتي.
في المخيمات والأحياء المكتظة، يكفي أن يبدأ المطر حتى يظهر الخلل الواضح في البنية التحتية المرهقة أصلًا. تتسرّب المياه إلى البيوت، وتتعطّل حركة الناس، وتصبح تفاصيل الحياة اليومية — من الحصول على الخبز إلى الذهاب للعمل — مهمةً شاقة.
الشتاء هناك ليس فصلًا من الجمال أو الهدوء؛ بل فصل التحديات الكبرى. وكل قطرة مطر تعيد التذكير بواقع يحتاج إلى إعادة نظر شاملة.
لا ينكر أحد الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها القطاع، ولا حجم الضغوط المفروضة عليه. لكن رغم ذلك، لا يمكن تجاهل أن المسؤولية الاجتماعية والخدماتية جزء أساسي من مسؤوليات أي جهة تتولى إدارة المشهد على الأرض، بما في ذلك فصائل المقاومة.
فقد أبدى السكان مرارًا تذمرهم من غياب برامج إغاثية فعّالة خلال الشتاء، إلى جانب ضعف تجهيزات الطوارئ التي من المفترض أن تكون جاهزة قبل هطول الأمطار. كما يشتكي كثيرون من أن الخطط التي تعلنها الجهات القائمة لا تُترجم عمليًا إلى حلول ملموسة، ولا تصل المساعدات إلى مستحقيها بالسرعة أو الحجم المطلوبين.
ليست المشكلة فقط في نقص الإمكانات، بل في إدارة المتاح منها. فهناك احتياجات أساسية — مثل مواد العزل، البطانيات، مضخات سحب المياه، صيانة شبكات الصرف — يمكن توفير جزء كبير منها لو تم ترتيب الأولويات بصورة أكثر فاعلية.
كما يرى البعض أن التواصل مع الأهالي خلال الأزمات ضعيف، وأن آليات الشفافية في توزيع المساعدات تحتاج إلى تطوير واضح.
الناس في القطاع يتطلعون إلى دور أكثر واقعية ومسؤولية من كل الجهات، خاصة في فصل الشتاء الذي يكشف الثغرات بوضوح لا يمكن إخفاؤه.
رغم قسوة الظروف، يبقى من الضروري أن تنظر الجهات المقاومة، بصفتها جزءًا من إدارة الحياة اليومية في القطاع، إلى احتياجات الناس بعين المسؤولية لا بعين التبرير. والمطر — رغم كل ما يسببه — يمكن أن يكون فرصة جديدة لإعادة ترتيب الأولويات، وتطوير آليات تقديم الدعم، واستشعار حجم الثقة التي يضعها السكان في كل من يتصدّر المشهد.
فالناس لا يطلبون معجزات، بل يطلبون الحد الأدنى من الأمان المادي، وبنية تحتية تحميهم من غرق البيوت والطرقات، ودعمًا يعكس أن معاناتهم ليست مجرد تفصيل جانبي في مشهد أكبر.



