عربستان… وعرب اليوم تاريخ من الحقد الأوروبى

بقلم/ ناصر السلاموني
عندما يُعاد فتح ملف عربستان (الأحواز)، تظهر أمامنا واحدة من أكثر القصص التي حُجبت طويلاً عن الوعي العربي. أرضٌ عربية خالصة حكمها العرب لقرون، وكانت في بدايات القرن العشرين إمارة مستقلة بكل مظاهر الدولة؛ فلها حكومة ونظام إداري، ولها علمٌ خاص يُرفع فوق الدوائر الرسمية، وتُتداول فيها عملة محلية عُرفت باسم روبية عربستان المتداولة جنباً إلى جنب مع الروبية الهندية والجنيه العثماني في التعاملات التجارية.
ومع ذلك، اختفت هذه الإمارة من الخريطة تحت وطأة التحالفات الدولية والمصالح النفطية التي سبقت ورافقت اتفاقية سايكس–بيكو.
إمارة عربية مستقلة خارج نفوذ فارس
حتى مطلع القرن العشرين، كانت عربستان تتمتع بقدر واسع من الاستقلال الذاتي تحت حكم أسرة الكعبي، وكان آخر أمرائها (خزعل بن جابر )الذي استطاع أن يحافظ على كيان الإمارة رغم التنافس الإقليمي المحتدم.
تشهد الوثائق البريطانية والعثمانية على أن عربستان كانت تُعامل ككيان سياسي مستقل، له مراسلات رسمية وتحالفات خاصة، وجيش محلي، ونظام مالي وإداري قائم بذاته. وهذا ما جعلها أكبر وأقوى إمارة عربية خارج الجزيرة العربية في ذلك الوقت.
النفط… اللحظة التي تغيّر فيها كل شيء
مع اكتشاف النفط في بدايات القرن العشرين، تحولت عربستان إلى ساحة صراع دولي مفتوح. وبالرغم من أن الإمارة كانت حليفاً لبريطانيا، فإن المصالح النفطية الكبرى والخرائط التي تُرسم في أوروبا لم تترك لها مجالاً للصمود.
لقد أعادت القوى الكبرى ترتيب الأولويات: الحلفاء القدامى لن يحكموا المستقبل… والنفط أهم من الوعود.
1925… عام السقوط
في 20 إبريل 1925 بدأت القوات الإيرانية في التحرك نحو عربستان بغطاء سياسي بريطاني.
وفي 24 إبريل 1925 تم استدراج الأمير خزعل إلى طراد بريطاني، ثم اعتقاله وتسليمه إلى( رضا شاه). وبذلك أُعلن ضمّ الإمارة إلى إيران بالقوة، وألغيت حكومتها، وصودرت ممتلكاتها، وتم تغيير اسمها رسمياً إلى( خوزستان).
كان ذلك نهاية إمارة عربية امتدت لقرون، وبداية سياسة تفريس قاسية طالت الشعب واللغة والهوية.
عربستان وسايكس–بيكو… القصة التي لم تُكتب على الورق
لم تكن عربستان جزءاً رسمياً من اتفاقية سايكس–بيكو، لكنها كانت جزءاً من نتائجها. فالدول الكبرى التي أعادت تقسيم الشرق الأوسط بين النفوذ البريطاني والفرنسي، تركت فراغات مقصودة ليتم تسليمها إلى حلفاء جدد يخدمون المشروع الغربي في المنطقة.
لقد تجنبت بريطانيا تحويل عربستان إلى دولة عربية مستقلة لأن ذلك كان يعني ظهور قوة عربية جديدة تمتلك النفط، وهو ما لم يكن ضمن الخطة الغربية لإعادة تشكيل المنطقة.
تقسيم العالم العربي… الخريطة التي ما زالت تعمل حتى اليوم
ما حدث في عربستان يتكرر بصور مختلفة في أماكن كثيرة من العالم العربي والإسلامي. فالسياسة نفسها التي قسمت المشرق العربي إلى دول متعددة بحدود مفتعلة بعد سايكس–بيكو، هي التي منحت إيران المجال للتوسع، وهي التي شجعت أوروبا لاحقاً على توحيد نفسها في كيان واحد:
عملة موحدة، اقتصاد متكامل، جيش موحد، حدود مفتوحة… بينما تُترك الدول العربية مشرذمة ليصعب نهوضها.
وما ضياع عربستان إلا نموذج صارخ لمرحلة هُدمت فيها الوحدة العربية، وتوزعت الجغرافيا تحت إرادة القوى الدولية.
عربستان ليست قضية من الماضي
إن قصة عربستان ليست مجرد فصل من تاريخ المنطقة، بل شاهد على كيف تتغير الخرائط، وكيف تُصنع الدول وتنهار أخرى، وكيف تُمنح الهويات وتُسلب.
إنها قضية عربية أصيلة، تُثبت مرة بعد أخرى أن الشرق الأوسط لم يُقسّم مرة واحدة في سايكس–بيكو… بل يُقسّم كل يوم.وخاصة بعد تبنى الكونجرس الأمريكي لتقسيم الدول العربية إلى 38دويلة.والسودان والعراق وليبيا خير شاهد فهل نفوق ؟!!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى