نابلس تستعيد نبضها التجاري: أكشاك جديدة تبعث الأمل في قلوب التجار

يارا المصري
شهد سوق نابلس في الأيام الأخيرة تحولًا لافتًا للأنظار، بعدما شرعت الجهات المحلية بتنفيذ مبادرة لتبديل الأكشاك القديمة بأخرى جديدة وحديثة التصميم. ويُعد السوق من أقدم وأهم المراكز التجارية في المدينة، إذ يمثل نبض الحياة الاقتصادية فيها، غير أنه عانى خلال السنوات الأخيرة من ركود كبير بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وتراجع الحركة الشرائية والسياحية.
في البداية، استقبل بعض التجار هذه الخطوة بتردد وحذر، ظنًّا منهم أن الهدف منها هو إخلاء السوق أو إلغاء مواقعهم القديمة. لكن سرعان ما تبددت المخاوف، بعدما تبيّن أن المبادرة تهدف بالأساس إلى تطوير المنطقة وتنشيط الحركة التجارية فيها.
“في البداية خفنا… لكن المفاجأة كانت إيجابية”
يقول أحمد، أحد التجار القدامى في السوق:
“استبدلوا الكشك القديم لديّ بآخر جديد تمامًا، وبشكل مجاني. في البداية خفنا أن تكون الخطوة مقدّمة للإخلاء، لكننا اكتشفنا أنها مبادرة لتحسين أوضاعنا بعد عامين صعبين لم يكن لدينا فيها أي دخل تقريبًا. الآن لدينا أمل أن تعود السياحة والحياة كما كانت قبل عامين أو ثلاثة.”
ويضيف أحمد:
“الأكشاك الجديدة أعطت شكلاً جميلاً ومنظمًا للمكان، وأعادت إلينا الشعور بالكرامة. الزبائن عادوا يتجولون في السوق براحة أكبر، وهذا وحده إنجاز.”
لطالما كان سوق نابلس وجهة للمتسوقين من مختلف المناطق، ومقصدًا أساسيًا للزوار والسياح. إلا أن التحديات الاقتصادية والصحية التي مرّت بها المنطقة خلال السنوات الماضية أثّرت بشدة على النشاط التجاري. واليوم، مع التجديدات الأخيرة، يشعر التجار بأن مرحلة جديدة بدأت.
يقول يوسف، وهو صاحب محل للأقمشة:
“نحن لا نطلب الكثير، فقط أن نعمل بكرامة ونؤمّن رزق عائلاتنا. إن تحسين المظهر العام وتنظيم السوق خطوة كبيرة لإعادة الثقة بين الناس والتجار.”
من جانبها، أوضحت مصادر في بلدية نابلس أن المشروع يأتي ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل مركز المدينة وتحسين البنية التحتية للأسواق القديمة. وتشمل الخطة تحسين الإضاءة، وتطوير الممرات، وتنظيم أماكن البيع والجلوس، إضافة إلى تعزيز النظافة والأمن في المنطقة.
وأكد أحد المسؤولين المحليين أن الهدف من المشروع هو “خلق بيئة تجارية آمنة ونظيفة وجاذبة، تشجع على الاستثمار وتنعش الاقتصاد المحلي، خصوصًا بعد فترة طويلة من التراجع.”
كثير من التجار يرون في السوق أكثر من مجرد مكان عمل، فهو بالنسبة لهم إرث عائلي ومجتمعي. يقول عبد الله، بائع توابل في السوق القديم:
“هذا السوق موجود منذ أيام جدي. مررنا بظروف صعبة، لكننا لم نفقد الأمل. الآن نرى الحياة تعود من جديد، وهذا يمنحنا طاقة للاستمرار.”
المشهد في السوق تغيّر: الأكشاك الجديدة أعطت المكان مظهرًا أنيقًا وموحّدًا، والزوار يلاحظون الفرق. الحركة التجارية بدأت تتحسّن تدريجيًا، والتجار يتحدثون عن زيادة ملحوظة في عدد الزبائن خلال الأيام الأخيرة.
تقول إحدى الزائرات:
“ربما يبدو الأمر بسيطًا، لكن التغيير الكبير يبدأ من التفاصيل الصغيرة. عندما نرى السوق نظيفًا ومنظمًا، نشعر بالأمل.”
بينما تدرس الجهات المحلية توسيع المبادرة لتشمل أسواقًا ومناطق أخرى في نابلس، يتطلع التجار إلى المستقبل بتفاؤل حذر. بعد سنوات من المعاناة، أعادت هذه الخطوة إليهم الأمل بأن عجلة الاقتصاد المحلي يمكن أن تدور من جديد.
“كل ما نريده هو العمل بكرامة، وأن تزدهر مدينتنا كما كانت دائمًا.”



