علاقة العرب بالتاريخ مسألة مركزية

كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
مسألة التاريخ وعلاقتنا كعرب بالتاريخ مسألة مركزية، لأننا نُقِيـم علاقة تَـخارُجٍ…، علاقةَ تنافُـرٍ مع التاريخ… كأننا لا نتعاطى مع التاريخ إلا من زاوية قدريٌة.
نعود إلى التاريخ، نعود الى الماضي لنقول بأن قدرَنا أن نُـهزَمَ، أن قدرنا أن نكونَ في حالة خصاصة، قدرنا أن نكون في حالة هزيمة مزمنة، قدرنا أن نكون في وضع أزمة، أن نكون في وضع فاقة… نبرّر بماضينا هزائم الراهن والحاضر… في حين أننا لا نباشر ذواتَنا بالنقد،،، ولسنا أشدّاء مع ذواتنا، نحن نتساهل مع أنفسنا ونلقي بالمسؤولية على الآخر، على الاستعمار أو الظرف الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية أو ما شابه…
حالنا الواجب ونحن في حالة هزيمة حضارية، أن نباشر ذواتنا بالقسوة الضرورية، التي لا تناسبُها الا الهزيمة وحجم الهزيمة التي نحن فيها…
هذا الاساس: نحن كعرب، ليس لدينا مشروع حضاري!!!
أقولها وأشدد : ليست لدينا مشروع حضاري…
أقول واعيد : ليست لدينا الشجاعة السياسية لبناء مجتمع بديل،،، ليست لدينا الشجاعة السياسية لكي نؤسس قوة عسكرية في مستوى التحديات المطروحه… ليست لدينا الشجاعة لمجاوزة التقسيم الاستعمار الذي يباعد ويمزق جسم هذا الوطن… ليست لدينا الشجاعة لبناء مراكز دراسات وبحوث علمية…
أموال طائلة تريليارات أُنفِقت في التفاهات، ونحن لا نعتني الا بالهوامش، لا نعتني الا بما يزدريه العالم فنختصّ فيه…
أقول وأعود الى هذه المسألة، وأشدد عليها : ليست النزاعات القائمة بين أعضاء الجسد العربي إلا نزاعات مفتعلة. أكيد أن الاستعمار مهّد وخطط لها، لكن المسؤولية الاولى والمركزية هي مسؤولية العرب نظما وشعوبا على حد سواء…
لو وحّدنا السياسات لتمكنا من تشكيل مركز قوى في العالم!!!
لا اقول باننا سنتحول الى قوة امبريالية،،، ليس هذا المطروح، وليس هذا في امكاننا، لان ميزان القوى العالمية يمنع ذلك على الاقل في هذا السياق، لكننا نحتاج اليوم أن نشرع في بناء تلك القوة التي تمنحنا إمكانية التفاوض، تلك القوة التي تمنحنا القدرة على دفع العدوّ الى مراجعة حساباته قبل ان يهاجمَنا،،، على الاقل أن يتردد العدوّ قبل مهاجمتنا،،، على الاقل أن تأخذنا القوى العظمى بعين الإعتبار، على الأقل أن نُـعتبَـرَ كرقم في المعادلة الدولية،،، أن نحمي مصالحنا، أن لا نكون موضوعا لمفاوضات ومضاربات وتفاهمات من وراء ظهرنا… هذا هو المطروح!!!
قلت في أكثر مناسبة، إن أمامنا إمكانات بناء نظم تعليمية وبحوث علمية موحدة… قلت إنه في إمكاننا تيسير المبادلات التجارية البينية… قلت إنه في امكاننا على الاقل أن نوحّد الاجراءات الجمركية… اقترحت مجلة استثمار موحدة لعموم المنطقة العربية، مع بعض التعديلات أكيد، لكن نشرع حاليا خطوة خطوة في اتجاه تقريب النظم الاساسية؛ المؤسسات التي تشكل النظم الاقتصادية والاجتماعية… تدريجيا خطوة خطوة… المهم أن نتقدم!!!
لا أقول بأننا بمجرد قرار بيروقراطي، وفي لحظة وبقرار سريع يمكننا ان نغير الواقع، لكن أقول علينا أن نشرع في هذا اليوم وليس غدا.
عندما أذكر المغامرات العسكرية لعديد الدول ولعديد القادة، أجد أن هنالك ثروات ألقي بها في العدم، ثروات ذهبت سدى، جراء القرارات الاعتباطية والسياسات المغامراتية؛ غياب الحكمة وغياب العقل السياسي الواقعي والناجع …
هذا ما هو مطروح الآن، هذه أفكار أساسية على صفحتي وفي ذهني، لعلها تقود الى استفاقة عربية…
د. ليلى الهمامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى