نحو نهاية الحرب: اتفاق تاريخي بين إسرائيل وحماس واستنفار أمني واسع في القدس

يارا المصري
في ساعات الفجر الأولى من هذا اليوم أُعلن عن اتفاق دراماتيكي بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة عدد من الدول الإقليمية وجهات دولية، يقضي بإنهاء الحرب في قطاع غزة. وجاءت هذه التفاهمات بعد أسابيع طويلة من مفاوضات سرية وشاقة، وتضمّنت وقفاً شاملاً لإطلاق النار وتبادلاً للأسرى بين الطرفين تحت إشراف مراقبين دوليين.
وبحسب التفاصيل الأولية، سيُفرج بموجب الاتفاق عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح مدنيين وجنود إسرائيليين كانوا محتجزين في قطاع غزة. ومن بين المفرج عنهم عدد من الأسرى من سكان القدس الشرقية، الذين أمضوا سنوات طويلة خلف القضبان بتهم تتعلق بنشاطات أمنية معادية.
أجواء ترقّب وتوتّر في القدس الشرقية
منذ ساعات الصباح الأولى، شهدت أحياء القدس الشرقية حركة غير عادية. فقد انتشرت قوات الشرطة الإسرائيلية بكثافة في العيسوية وسلوان وجبل المكبر وشعفاط والطور — وهي الأحياء التي ينحدر منها بعض الأسرى المتوقع الإفراج عنهم. وتركّز الشرطة جهودها على منع الاضطرابات أو الاحتفالات الجماهيرية التي قد تنزلق إلى مواجهات، كما حدث في صفقات تبادل سابقة.
وقال مصدر أمني رفيع: “التجربة السابقة أثبتت أن عودة الأسرى إلى منازلهم ترافقها أحياناً استفزازات ومحاولات للتحريض، وهدفنا هو الحفاظ على الهدوء العام وضمان انتقال آمن ومنظّم، مع حماية الأمن العام لجميع السكان.”
في المقابل، يعيش سكان القدس الشرقية مشاعر متضاربة — فرح بعودة ذويهم من جهة، وخشية من اندلاع توتر أمني من جهة أخرى. وقد أصدرت العديد من العائلات مناشدات علنية تدعو إلى تجنّب الاحتفالات الجماهيرية. وقالت والدة أحد الأسرى: “أبناؤنا سيعودون إلى بيوتهم، لكننا نريد أن يكون كل شيء بهدوء. لا نريد أن نرى مواجهات جديدة في الشوارع.”
زيارة ترامب تضيف طبقة أمنية جديدة
يأتي هذا الاتفاق في توقيت حساس للغاية، إذ من المتوقع أن يصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل والقدس في نهاية الأسبوع القريب، في زيارة رسمية يُتوقّع أن تتركز على دعم التسويات الإقليمية والمساعدة في إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وقد بدأت الاستعدادات الأمنية في العاصمة بالفعل: حواجز في مداخل المدينة، ودوريات شرطة متواصلة، وتشديد أمني حول المواقع الحساسة. وأوضح مسؤولون أمنيون أن تزامن الحدثين — زيارة سياسية رفيعة المستوى مع صفقة تبادل أسرى — يخلق “وضعاً أمنياً معقّداً للغاية يتطلّب يقظة مطلقة”. وقال أحدهم: “ليس الحديث فقط عن حفظ النظام، بل عن منع جهات متطرفة من استغلال المناسبة لخلق استفزازات أو تنفيذ هجمات.”
الموقف الإسرائيلي: أمل حذر وحذر عملياتي
في الدوائر الرسمية الإسرائيلية تسود أجواء ارتياح حذر. فالمؤسسة الأمنية ترى في الاتفاق خطوة حساسة هدفها ضمان أمن المواطنين الإسرائيليين من جهة، وفتح نافذة أمل لتهدئة طويلة الأمد من جهة أخرى. ومع ذلك، يدرك صانعو القرار أن أي حادث ميداني، أو تحريض على شبكات التواصل، قد يهدد الإنجاز السياسي.
وقال مسؤول سياسي كبير: “إسرائيل مستعدة لاتخاذ خطوات شجاعة من أجل استعادة المختطفين وإنهاء الحرب، لكنها لن تتسامح مع عودة الإرهاب. وإذا خرق الطرف الآخر التفاهمات، ستكون ردّتنا فورية.”
كما أكّد مسؤولون في وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة ومصر وقطر لعبت أدواراً محورية في التوسط بين الطرفين. وتشمل التفاهمات إنشاء آلية رقابة دولية تضمن الالتزام بوقف إطلاق النار ومتابعة تطبيق البنود.
بين الفرح والحذر في الأحياء العربية
في أحياء القدس الشرقية، بات المشهد مشحوناً بالتوتر. علّقت بعض العائلات صور أبنائها الأسرى، فيما طلبت أخرى من الجيران الامتناع عن إقامة الاحتفالات الجماعية. الشرطة أوضحت أنها لن تسمح بأي تجمعات أو رفع أعلام فصائل مسلحة، وأعلنت استعدادها “لجميع السيناريوهات المحتملة”.
أحد سكان سلوان قال: “المشاعر متناقضة — فرح لأن الدماء ربما ستتوقف، وخوف من أن أي تصرف بسيط قد يُفسَّر كاستفزاز يؤدي إلى مواجهات.”
ونشرت لجان الأحياء بياناً دعت فيه السكان إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس: “هذا وقت دقيق للجميع. الاتفاق يمكن أن يجلب الهدوء إذا عرفنا كيف نحافظ عليه.”
اتفاق معقّد يحمل أملاً بالتهدئة
الصفقة المبرمة لا تقتصر على الجانب الإنساني، بل تُعدّ أيضاً خطوة استراتيجية تهدف إلى تغيير الواقع في المنطقة. فبحسب مصادر سياسية، يتضمن الاتفاق خطة دولية لإعادة إعمار القطاع مقابل التزام حماس بوقف إطلاق النار.
وتؤكد إسرائيل أن الرقابة الأمنية ستبقى صارمة، وأن الحديث ليس عن تنازل سياسي بل عن تحرك مدروس لحماية المصالح الأمنية وخلق واقع أكثر استقراراً في الجنوب. وترى المؤسسة الأمنية أن الجمع بين الضغط الدولي وآلية المراقبة يمكن أن يُنتج واقعاً جديداً: هدوءاً أطول ومدناً أكثر أمناً.
ردود الفعل الأولى
في إسرائيل، استقبلت عائلات الأسرى والمختطفين الخبر بمشاعر مختلطة من الفرح والدموع. إحدى الأمهات قالت: “انتظرنا هذه اللحظة سنوات طويلة، وإذا تحققت فهي انتصار إنساني.” فيما عبّر آخرون عن تحفظهم: “رأينا صفقات تنهار بعد أيام. نريد أفعالاً لا أقوالاً.”
أما في الجانب الآخر، فمصادر قريبة من حماس أكدت أن الحركة تلتزم بوقف العمليات العسكرية والتركيز على إعادة الإعمار، غير أن مسؤولين إسرائيليين أشاروا بحذر إلى أن “الأفعال على الأرض هي المعيار، لا التصريحات”.
خاتمة
الاتفاق الذي أُعلن عنه فجراً قد يشكّل منعطفاً تاريخياً في مسار الصراع، وفرصة حقيقية لإنهاء دورة العنف الطويلة. غير أن الأمل يترافق مع قلق واضح — في القدس، في الجنوب، وحتى على الصعيد الدولي.
الاختبار الحقيقي سيبدأ في اليوم التالي: هل ستلتزم الأطراف بتعهداتها؟ وهل سيتمكن سكان القدس وغزة من استعادة حياتهم الطبيعية؟ في الوقت الراهن، تتجه كل الأنظار إلى القدس، حيث ستتضح ملامح المرحلة المقبلة — بين الأمل والاختبار، وبين الهدوء والمجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى