مصر اليوم اصبحت عاصمة العالم… وهذا ليس بالامر المجاني

كتبت د ليلي الهمامي

عندما يحضر اكثر من 30 زعيم من قيادات وزعماء العالم ووفود من المنظمات الدولية الى شرم الشيخ، الى مصر، الى قمة يرأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الامريكي دونالد ترامب، هذا في حد ذاته نجاح دبلوماسي استثنائي بل تاريخي!!!!

لا يحصل هذا مع أي زعيم من زعماء العالم بطريقة يسيرة عدى البلدان الكبرى. مصر العظمى…

مصر اليوم اصبحت عاصمة العالم. وهذا ليس بالامر المجاني ولا بالامر الهين، في سياق انهاء حرب، هي عدوان غاشم من الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة… مجزرة هي جريمة ضد الانسانية كان من الضروري ان توجَدَ حكمة سياسية وعقل متزن واقعي ومبدئي في ذات الوقت…

بعض الاطراف تعتقد أن ما حصل اليوم في شرم الشيخ، هدية مجانية من الادارة الامريكية. والكل يعلم ان الادارة الامريكية لا تعطي هدايا، ان الادارة الامريكية خاصة مع دونالد ترامب،،، شديدة التعالي والعنجهية.

البعض لا يعلم حقيقة نهاية هذا المسار اليوم وما انتهى اليه من تبادل للأسرى وايقاف للمجزرة، على الرغم من المحصلة الرهيبة التي كانت على حساب الشعب الفلسطيني بالشهداء والبنية التحتية …

اليوم، اذا كان هنالك من انتصار فهو ما حصل في شرم الشيخ… ما حصل اليوم في شرم الشيخ هو انتصار مصري في المقام الاول، عربي في المقام الثاني.

هنالك من لا يعلم، وثمة من يجهل ولعله يتجاهل ما خضعت له القياده المصرية خلال تولي دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية، من ضغوطات من أجل تهجير الشعب الفلسطيني في غزه الى سيناء، ضغوطات تعرض لها الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.

الكل يذكر حجم تلك الضغوطات وما تمثله من تهديد مباشر للامن القومي المصري والاردني.

كان من الضروري ان توجَد قوة مصرية، هي قوة الدولة، هي قوة الجيش، هي قوة الرئاسة، في ان يتم تاجيل اللقاء انذاك، المنتظر بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب، لكي تتطور موازين القوى، لكي تمارَس الضغوطات على الادارة الامريكية من خلال الحراك الذي شهده العالم.

كثير من النقد الذي ينطلق من جهل لطبيعة الرهانات ولحقيقة ما كان يخطط له، في علاقة بالتهجير وتعلة فتح المعابر، وما تخفيه قصة فتح المعابر من مخططات…

كان من الضروري ان تحافظ مصر على توازن استراتيجي اقليمي دقيق وخطير، أن تكون في ذات الوقت في جبهة رفض تصفية القضية الفلسطينية، وان تكون على مائدة التفاوض، وان تمسك باطراف معادلة جد معقدة… ونجحت في ذلك!!!

أقول هذا كتقييم لمعطيات وكتقييم لتمشي، أثبت اليوم نجاحه، وأثبت اليوم ان الصراع بين النهجين، نهج “المقاومة غير المحسوبة”،،، السلاح الاعمى لا يمكن ان يقود الى انتصار.

النهج الثاني هو النهج الواقعي، النهج الذي يراهن على المدى المتوسط والبعيد كافق للنصر، نصر شرطه الاول والاساسي ان نستمر على هذه الأرض،،، وفي هذه الارض… ان نستمر، ان نتكاثر ديموغرافيا، أن نجمع اسباب القوه علميا ومعرفيا واقتصاديا… ان نناضل ثقافيا وسياسيا… وأن نفتح بوابات جديدة لعمل المقاومة، بعيدا عن المغامرة، المقاومة التي يمهَّد لها سياسيا واتصاليا وثقافيا، دون ان تكون قفزا في المجهول، قفز يقود الى اعظم الهزائم.

آن الاوان لنفكر بعيدا عن التجاذبات وعن تصفية الحساب الايديولوجي، أن نفكر ونحن راكمنا الهزائم، ليس لاننا ضعفاء، بل لاننا لم نحكم التصرف في عناصر القوةوالتي لدينا.

كانت النكبة ثم النكسة، ثم انتصار معنوي سياسي في حرب اكتوبر.

اليوم امامنا تحدي، تحدي ان نستمر، ان نتكاثر ديموغرافيا وان نشع ثقافيا وعلميا ومعرفيا دون ان نُسقِط السلاح. لكن سلاح نوظفه في الضرورة القصوى، بعد ان نكون قد جمعنا عناصر القوة، بعد ان نكون قد جمعنا عناصر الغَلبة، دون مغامرة بعيدا عن الهستيريا بعيدا عن الاوهام.

اود ان اقول :

أنقذت مصر!!! انقذت مصر الموقف الذي كان سيرتدّ الى هزيمة نكراء، تقسم ظهر المقاومة، ويقسم ظهر الشعب الفلسطيني. أكيد ان هذا الإنقاذ، إنقاذ دبلوماسي وسياسي، لا يغني عن مواصلة نهج المقاومة، لكن مقاومة لا يكون فيها السلاح منفلتا، خارج دائرة القرار السياسي الاستراتيجي العقلاني والواقعي.

هذا ما هو مطروح، بعيدا عن الخطّية الضيقة، بعيدا عن الحزبية العمياء، بعيدا عن الانانيات السياسية، العبثية التي لا تفضي الى اي انتصار مهما كان، حتى لو كان الامر والمقياس شخصيا…

حمى الله فلسطين حمى الله الامة العربية.

د. ليلى الهمامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى