السيسي بين غزة وسد النهضة.. دهاء القائد وتوقيت الرسائل الكبرى.

✍️ بقلم د/ سوزان دوابه
في لحظة شديدة الحساسية من تاريخ المنطقة، وبينما تتجه أنظار العالم نحو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي بخطاب حازم موجه إلى إثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، ليؤكد مجددا أن مصر قادرة على إدارة الملفات الكبرى في وقتٍ واحد، بحكمة القائد ودهاء الاستراتيجي.فختار التوقيت الذهبي للخطاب
لم يكن خطاب السيسي إلى إثيوبيا مجرد رد سياسي على أزمة المياه، بل جاء في توقيت محسوب بدقة، بعد نجاح الجهود المصرية في التوصل إلى اتفاق غزة، مما منح مصر مكانة مضاعفة على الساحة الدولية.
وبينما كانت الدول الكبرى تشيد بالدور المصري في حفظ السلام، اختار الرئيس اللحظة ذاتها ليبعث برسالة أخرى أكثر حزما إلى أديس أبابا:
“الأمن المائي لمصر خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا التاريخية في نهر النيل”.
بهذه العبارة الموجزة، وضع السيسي الملف المائي في قلب المشهد السياسي الدولي، ليذكر العالم أن مصر ليست فقط راعية السلام، بل أيضا حامية حقوقها القومية.
فذكر رسائل ثلاث في خطاب واحد
1. إلى الداخل المصري:
الدولة تمسك بزمام الأمور ولا تفرط في أي من ملفاتها المصيرية، سواء في الأمن القومي أو المائي أو الإقليمي.
2. إلى إثيوبيا:
التحذير من استمرار سياسة الملء الأحادي للسد، وأن مصر لن تقبل بسياسات تضرّ بملايين المصريين.
3. إلى المجتمع الدولي:
مصر أصبحت ركيزة الاستقرار في المنطقة، وصوتها مسموع لأنها تتحدث بلغة العقل والقانون، لا بلغة الصدام
يدرك السيسي أن السياسة الدولية تدار بالتوازن لا بالصراخ.
فقد وظف إنجازه في غزة كأداة دعم لموقفه في ملف السد، ليُظهر أن القوة الناعمة والدبلوماسية الذكية يمكن أن تسبق أي مواجهة.
كما عززت مصر صورتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، خاصة مع انشغال العالم بأزمات أخرى. لتكون توقعات المرحلة القادمة
1. عودة قوية للدور المصري في إفريقيا، عبر تحركات دبلوماسية فاعلة داخل الاتحاد الإفريقي.
2. ضغوط دولية على إثيوبيا لإعادة المفاوضات والالتزام بالقانون الدولي.
3. تعزيز التحالفات الإقليمية حول مصر كقوة توازن في الشرق الأوسط وإفريقيا.
4. احتمال تصعيد سياسي أو قانوني إذا استمرت أديس أبابا في سياساتها الأحادية.
بين غزة وسد النهضة، أثبت السيسي أنه لا يتعامل برد الفعل، بل يصنع الفعل في التوقيت المناسب.
فهو يخاطب العالم من موقع القوة، ويؤكد أن مصر لا تبحث عن الصدام، لكنها لا تتنازل عن حقوقها.
إن ما يفعله الرئيس الآن هو إعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي، وتثبيت معادلة جديدة مفادها:
“من القاهرة تدار مفاتيح التوازن في الشرق الأوسط وافريقيا
واعلموا أيها الناس .
ما يحدث اليوم ليس صدفة، بل تدبير من الحكمة العليا التي تحفظ هذا الوطن، ليبقى كما أراده الله،
“مهدًا للنور، وموطنًا للسلام، ومحرابًا للحكمة الأبدية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى