اليوم العالمي للمعلم دور المعلم في التنشئة وغرس القيم في عصر الذكاء الاصطناعي

كتبت د امال ابراهيم
مجلس الاسرة العربية للتنمية
في عالمٍ يتسارع فيه التطور التكنولوجي وتتبدّل فيه المفاهيم بوتيرة غير مسبوقة، يبقى المعلم هو النواة الصلبة في بناء الإنسان، والعنصر الحاسم في تشكيل وعي الأجيال القادمة. ومع أن الذكاء الاصطناعي أصبح شريكًا في العملية التعليمية، إلا أن دوره لا يمكن أن يحل محل دفء المعلم الإنساني الذي يغرس القيم ويصنع الوجدان.
المعلم صانع الإنسان لا ناقل المعلومة
لم يعد دور المعلم مقتصرًا على تقديم المعرفة أو تدريب العقول على الحفظ، بل أصبح هو المربي والموجّه الذي يزرع في نفوس طلابه المعنى قبل المعلومة. فهو من يعلّمهم كيف يفكرون، لا فقط ماذا يتعلمون.وفي زمن الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه أن يجيب عن الأسئلة في ثوانٍ، تصبح قيمة الإنسانية والضمير والتمييز الأخلاقي هي الفارق الحقيقي الذي يصنعه المعلم داخل الطالب.
التنشئة القيمية في عالمٍ متغير
يُواجه أبناؤنا اليوم عالمًا رقميًا مفتوحًا، تختلط فيه الحقائق بالآراء، والفضائل بالمغريات. وهنا يأتي دور المعلم في تربية الوعي القيمي، من خلال دمج المبادئ الأخلاقية والإنسانية في التعليم اليومي، لا عبر الخطب والمواعظ، بل بالمواقف، والقدوة، والحوار.فحين يتعامل المعلم مع طلابه باحترام وعدل، فهو يُدرّس درسًا في الكرامة أكثر تأثيرًا من أي منهج.
بين الذكاء الاصطناعي وإرادة الإنسان
التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي يجب ألا يكتفي بتأهيل الطلاب لاستخدام التقنية، بل لتوجيهها بوعي ومسؤولية.
المعلم هنا هو من يوازن بين العقل الآلي والعقل الإنساني، ويزرع في طلابه إرادة الاختيار، وحسّ النقد، وقدرة التمييز بين ما هو نافع وما هو مفسد.
فالمستقبل لا يحتاج إلى جيلٍ يعرف كيف يستخدم التقنية فحسب، بل جيلٍ يعرف كيف يبقى إنسانًا في عالمٍ آليّ.
القدوة الحية
المعلم الحقيقي لا يدرّس القيم بالكلمات، بل يُجسدها في سلوكه اليومي.
حين يكون صادقًا في وعده، منصفًا في حكمه، عطوفًا في توجيهه، فهو يُنبت في طلابه بذور النزاهة والرحمة والشغف بالعلم.
فالقيم لا تُحفظ، بل تُعاش.
في اليوم العالمي للتعليم لعام 2025، وبينما يحتفي العالم بالذكاء الاصطناعي والتعليم، علينا ألا نغفل أن أعظم خوارزمية تربوية هي قلب المعلم نفسه.فهو الذي يُعيد للعلم روحه، وللمعرفة معناها، ويصنع أجيالًا قادرة على أن تفكر، وتختار، وتحب، وتبني مستقبلًا أكثر وعيًا وإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى