العرب في مواجهة حرب جديدة وفلسطين خط الدفاع الاول

كتبت د. ليلى الهمامي
لست من أنصار العدمية في قراءة التاريخ السياسي العربي… لست من أنصار من يقول بأن القضية الفلسطينية “شماعة”… شماعة تصلح للرَّجعيات العربية لكي تتنصل من مهمة الاصلاح السياسي وارساء الديمقراطية، بحجة ان الحرب مع اسرائيل توجب وحدة الصف وتمنع الاختلاف والتعدد.
أعتبر ان معطيات الواقع يمكن ان تؤكد العكس، شريطة أن لا نكون في القصوية، أن لا نكون ضمن روح المزايدة، وضمن نبرة التصعيد المجاني.
النظام القطري مثلا نظام لا ديمقراطي، نظام وراثي، نظام لا علاقة له بالحداثة… لكن هذا النظام -أراد من أراد وكره من كره، دعّم الى حد كبير، المعارضات الاسلاموية، ودعم ايضا المقاومة في شكلها المقاتل،،، من خلال حماس وتنظيم حماس… وحتى من خلال قناة الجزيرة، ساهم النظام القطري، الى حد كبير، في نشر الوعي السياسي حتى وان كان هذا الوعي موجها، حتى وان كان هذا الوعي منحازا للاخوان. لكن هنالك شيء من الايجابية فيما حصل وفيما تحقق…
النظام السوري نظام الاسد، على الرغم من أنه كان معاديا في المقام الاول للاسلاميين، معاديا للاخوان، وعلى الرغم من أن له تاريخا أسود في قمع الحريات وفي التعدي على حقوق الانسان… لكن هذا النظام خاض حربا ضد اسرائيل…
هذا النظام ايضا بما له من حضور عسكري، شكّل جدارا مانعا أمام اسرائيل. والدليل على هذا أن انهيار نظام الأسد مكّن اسرائيل من التوغل في العمق السوري، ومكّن اسرائيل من الاعتداء على مقدّرات وعلى تجهيزات الجيش السوري…
النظام المصري نظام مطبّع، لكن النظام المصري بجيشه، إضافة الى قطر بالطبع، هو وسيط بين حماس والفلسطينيين وبين اسرائيل.
النظام المصري بجيشه ايضا، يمثل معطّلا ومانعا من موانع التوسّع الاسرائيلي… ويبدو أنه حجر العثرة الاخير في طريق التمدد الاسرائيلي في المنطقة!!!خاصة مع وجود ادارة أمريكية متطرفة في
انتصارها للصهيونية، وهي إداره الجمهوري دونالد ترامب.
اعتقد أنه من باب التبسيط المفقّر للظاهرة، الذهاب الى القول بان القضية الفلسطينية قضية “شماعة” بالنسبه للانظمة العربية…
اكيد استفادت الانظمة، في استبدادها في نمط حكمها، من القضية الفلسطينية، من خلال الحكم بقوانين الطوارئ، وتعليق الحريات، لكن علينا ان نذكّر ايضا بان القضية الفلسطينية ليست الا احدى محاور القضية العربية في مواجهة الاستعمار والاستعمار الجديد…
علينا ان نذكّر ايضا بان المعارضات لم تكن دائما معارضات نزيهة أو وطنية، وأن جزء منها، لكي لا نكون من المشطّين، عميل وأداة وواسطة من وسائط الاختراق الاستعماري الجديد!!!!!
ضروري ان ننبّه الى مخاطر التسرع والتعميم.
علينا ان نذكّر بان الانظمه العربيه بما في ذلك الكويت، بما في ذلك العربيه السعودية، بما في ذلك الامارات، بما في ذلك قطر، وخاصة الكويت والعربية السعودية دعّمتا التنظيمات الفلسطينية ماليا ودبلوماسيا… وأن كبرى التشكيلات السياسية الفلسطينية فتح كانت مدعومة مباشرة من تلك الانظمة.
اكيد ان البعث في سوريا و البعث في العراق كان لهما حضورا ودعما للتنظيمات اليسارية؛ الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والتنظيمات المتفرعة؛ فتح، القيادة العامة… وما شابه…
لكن علينا ان ننتبه الى ان ايران ايضا اخترقت من خلال مشروع الاسلام الشيعي والاسلام السياسي، التنظيمات الفلسطينية والساحة العربية عامة… إيران اخترقت لبنان، واخترقت العراق، واخترقت سوريا من خلال التحالف مع نظام الاسد، لكن ايضا التنظيمات الفلسطينية؛ حماس نتاج مشترك من محاولات التقسيم الاسرائيلي للساحه الفلسطينيه، لكن حماس ايضا نتاج للغطاء السوري، ونتاج التصنيع الاعلامي واللوجستي القطري الايراني…
ضروري ان ننتبه الى هذا، ضروري ان ننتبه الى ان التنظيمات الفلسطينية بدورها، لم تكن تنظيمات خارج سياق الحكم، وخارج سياق الاستبداد في اشكاله القصوية… التصفيات داخل التنظيمات الفلسطينية، الاحتراب في لبنان بين الفصائل أيام الحرب الأهلية اللبنانية.
لكن ايضا بعد مغادرة لبنان الى تونس واليمن، تواصل الصراع الفلسطيني-الفلسطيني، وكأن البعض يريد ان ينسينا هذه المحطات وهذه المواجهات التي وضعت وجها لوجه التنظيمات الفلسطينية، ليس فقط مع الانظمة العربية التي كانت تصنف رجعية مثل النظام الاردني وايلول الاسود، بل ايضا وضعت وجها لوجه الفصائل الفلسطينية التي اقتتلت وتقاتلت في ما بينها من أجل الهيمنة وتنفيذا، اما لأجندات أنظمه عربية بعينها او ايضا تنفيذا لمخططات اسرائيلية في سياق الاختراقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى