رسوم وقائية تربك سوق الحديد المصرية وتثير مخاوف من ارتفاع الأسعار

تشهد سوق الحديد في مصر حالة ترقب حذرة عقب فرض الحكومة رسوماً وقائية مؤقتة على واردات البيليت والصلب المدرفل، في خطوة تستهدف حماية الصناعة المحلية من الإغراق، لكنها أثارت مخاوف بشأن زيادات جديدة في التكلفة وبالتالي الأسعار.

وبينما أبقت بعض المصانع الكبرى على أسعارها ثابتة، حذر مسؤولون وتجار من أن استمرار الوضع قد يفاقم الركود في سوق البناء ويرفع تكلفة العقارات خلال الأشهر المقبلة.

200 يوم من الرسوم الوقائية
فرضت مصر منتصف سبتمبر الجاري رسوماً وقائية بنحو 16.2% على واردات البيليت و13.6% على الصلب المدرفل لمدة 200 يوم، وهو ما سيؤدي إلى “زيادة التكلفة بنحو 5 آلاف جنيه لكل طن”، بحسب تصريحات رئيس مجلس إدارة “مجموعة المراكبي للصلب”، حسن المراكبي، لـ”الشرق”.

المراكبي أضاف أن شركته لم تجر أي تعديل لسعر طن الحديد البالغ نحو 36 ألف للطن تسليم أرض المصنع، موضحاً أن “المجموعة تنتج نحو 70% من البيليت داخل مصانعها التي تُصنف بأنها شبه متكاملة”.

فرض الرسوم يأتي عقب تضرر الصناعة المحلية بسبب الزيادة الحادة والكبيرة المفاجئة في واردات تلك الأصناف، نظراً لتراجع أسعارها مقارنة مع المنتج المحلي.

واردات الحديد المصرية تنخفض
انخفضت قيمة الواردات المصرية من حديد الصب والصلب بنسبة 18.6% خلال النصف الأول من 2025، لتبلغ 2.1 مليار دولار، مقابل 2.6 مليار دولار تقريباً خلال نفس الفترة من 2024، وفقا لبيانات حصلت “الشرق” عليها من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء في اتحاد الغرف التجارية، قال لـ”الشرق” إن رسوم الإغراق “تسببت في عمليات حجز كبيرة لشراء الحديد للتحوط من زيادة الأسعار. التجار رفعوا أسعار الحديد بعد قرار رسوم الإغراق، لكنها عادت لطبيعتها بعد هدوء السوق”.

تثبيت الأسعار يهدئ السوق مؤقتاً
أوضح الزيني أن قرار شركة “حديد عز” بتثبيت سعر الحديد 3 أشهر عند 38.2 ألف جنيه للطن، أعاد حالة الاستقرار إلى السوق وأنهى عمليات الشراء من أجل التحوط.

يُشار إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض في مارس الماضي رسوم إغراق على مسطحات الصلب المدرفلة على الساخن المصرية بنسبة 15.6% اعتباراً من أكتوبر المقبل، ضمن إجراءات حمائية للصناعة الأوروبية.

“الجيوشي للصلب” ثبتت الأسعار هي الأخرى لحين دراسة تأثير قرار الرسوم، والذي يُتوقع أن يظهر خلال شهرين أو ثلاثة مع التعاقدات الجديدة لخام البيليت، أما مجموعة “عياد للصلب”، فقد قررت وقف عمليات البيع مؤقتاً في السوق المحلية، بحسب ما ذكره ونيس عياد، رئيس مجلس الإدارة لـ”الشرق”.

وأضاف أن المجموعة تعمل على تقييم تداعيات القرار بشكل كامل، وتقدير المخاطر قبل اتخاذ أي قرارات جديدة تتعلق بالتسعير أو المبيعات.

تحذير من انعكاس على قطاع العقارات
تراجعت قيمة الواردات المصرية من خامات الحديد بما فيها البيليت بنسبة 11.7% خلال النصف الأول من 2025، إلى 783.288 مليون دولار، مقابل 886.727 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2024، وفقا لبيانات حصلت عليها “الشرق”.

يقول محمود مخيمر، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية في الإسكندرية، إن سوق الحديد والصلب في مصر تمر بحالة ارتباك وركود، وهو ما انعكس بدوره على قطاع مواد البناء بأكمله، بما في ذلك سوق الأسمنت.

ذكر مخيمر أن الأسعار الحالية تُعد مرتفعة وغير عادلة مقارنة بالأسعار العالمية، لافتاً إلى أنه في ظل انخفاض سعر الدولار وتراجع الأسعار في السوق العالمية، من المفترض “ألا يتجاوز سعر الطن 31 ألف جنيه”، إلا أن الأسعار في السوق المحلية بلغت نحو 38 ألف جنيه للطن لدى بعض الشركات الكبرى، محذراً من أن استمرار هذا الوضع قد ينعكس سلباً على حركة الإنشاءات ويرفع تكاليف العقارات في مصر خلال الفترة المقبلة.

يبلغ عدد مصانع حديد التسليح في مصر نحو 14 مصنعاً، أبرزها “حديد عز”، و”بشاي للصلب”، و”السويس للصلب”، و”حديد المصريين” وهي مصانع متكاملة تنتج خام البيليت.

يقول أحد تجار الحديد إن المبيعات تسير بشكل طبيعي، مع عدم تأثر مشتريات الأفراد، مشيراً إلى أن الزيادة الطبيعية للتجار عن أسعار المصانع تتراوح بين 300 و500 جنيه في الطن.

وأضاف في حديث مع “الشرق” أن كثيراً من المشترين الأفراد يفضلون شراء الحديد الاستثماري بسبب سعره المنخفض الذي يتراوح بين 34.8 ألف جنيه وحتى 36 ألف جنيه حسب الصنف.

تراجع إنتاج ومبيعات الحديد
تراجع إنتاج مصر من حديد التسليح خلال أول 6 أشهر من 2025 بنحو 7% ليصل إلى 3.8 مليون طن مقارنة مع 4.157 مليون طن في الفترة ذاتها من العام الماضي، متأثراً بركود أنشطة البناء، بحسب بيانات رسمية اطلعت عليها “الشرق” في وقت سابق.

ويقول كمال بشاي، رئيس مجموعة “بشاي للصلب”، إن مجموعته خفضت سعر حديد التسليح 400 جنيهاً للطن إلى 37800 جنيه شاملاً 14% ضريبة القيمة المضافة، عقب قرار فرض رسوم إغراق على البيليت والسعر مستقر منذ ذلك الحين.

وتشير بيانات إلى انخفاض حجم مبيعات حديد التسليح في السوق المحلية بنسبة 3% خلال الفترة من يناير إلى يونيو ليصل إلى 2.965 مليون طن مقابل 3.058 مليون طن في الفترة المماثلة من العام الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى