أوامر الإبعاد عن المسجد الأقصى: حملة شرطية تعمّق التوتر في القدس

يارا المصري
شهدت مدينة القدس في نهاية هذا الأسبوع حملة شرطية واسعة النطاق استهدفت العشرات من سكان المدينة، عبر توزيع أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى شملت سجناء محررين ونشطاء معروفين في محيط الحرم الشريف. هذه الخطوة، التي جاءت وسط أجواء متوترة أصلًا، أثارت غضبًا واسعًا بين السكان، الذين اعتبروها مساسًا بحقهم الطبيعي في الوصول إلى أماكن العبادة.
بحسب مصادر محلية وتقارير إعلامية، وزّعت الشرطة نحو 60 أمر إبعاد عن الأقصى خلال أيام قليلة. الحملة لم تقتصر على تسليم الأوامر فقط، بل تضمنت أيضًا مداهمات ليلية للمنازل، واستدعاءات للتحقيق في مراكز الشرطة، بالإضافة إلى تهديدات مباشرة للبعض بعواقب وخيمة إذا لم يلتزموا بالقرارات.
الكثير من الأسماء المستهدفة تنتمي إلى فئة السجناء المقدسيين المحررين أو النشطاء الذين لديهم تاريخ من الاحتكاك مع قوات الأمن في محيط الحرم. ما جعل الرسالة واضحة: تقليص وجود هذه الفئة داخل المسجد خلال المرحلة المقبلة.
أحد المبعدين، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه نظرًا لحساسية الموقف، تحدّث بحرقة قائلاً: “اليوم، أي خطأ صغير أو كلمة غير مناسبة قد تنتهي بأمر إبعاد عن الأقصى. أشعر أنني محروم من حقي الأساسي في الصلاة في أقدس مكان لنا. أدعو الجميع إلى توخي الحذر في سلوكهم وتصريحاتهم لتجنب وضعي.”
تصريحه يعكس حجم الضغوط النفسية التي يعيشها المبعدون، حيث يتحول وجودهم في محيط المسجد إلى مخاطرة قد تؤدي إلى فقدان حقهم في الوصول إليه.
في حين ترى الشرطة أن هذه الأوامر تأتي في إطار “الحفاظ على الأمن العام”، يعتبرها المقدسيون وسيلة إضافية للضغط والتقييد. فالإبعاد عن الأقصى لا يُنظر إليه فقط كإجراء أمني، بل كعقوبة تمس بالهوية الدينية والوطنية للسكان، ما يعمّق الإحساس بالاضطهاد.
محللون يرون أن توقيت هذه الحملة ليس عفويًا، إذ يتزامن مع اقتراب الأعياد اليهودية، وهي فترة غالبًا ما تشهد إجراءات أمنية مشددة وارتفاعًا في منسوب التوتر داخل المدينة.
بين سكان القدس، سادت مشاعر الغضب والقلق معًا. البعض يرى أن الحملة تستهدف حقًا أصيلًا لهم في العبادة، والبعض الآخر يخشى أن يؤدي تراكم هذه الإجراءات إلى تفجير جولة جديدة من التوتر.
أحد السكان علّق قائلًا: “الإبعاد عن الأقصى لا يمنع فقط أشخاصًا محددين من الصلاة، بل يرسل رسالة تهديد لكل من يفكر في رفع صوته أو التعبير عن رأيه. هذا يزيد الشعور بالظلم، ويزرع احتقانًا قد ينفجر في أي لحظة.”
مع استمرار هذه السياسات، يزداد الغموض بشأن مستقبل الأجواء في المسجد الأقصى خلال الفترة القادمة. فبينما تؤكد السلطات أن الهدف هو منع الاحتكاكات، يخشى كثيرون أن تؤدي هذه الإجراءات إلى نتائج عكسية، بإشعال غضب شعبي يصعب السيطرة عليه.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، يبقى المسجد الأقصى في قلب المشهد، ليس فقط كمكان عبادة، بل كرمز للصراع على الهوية والسيادة في مدينة تعيش على وقع التوتر الدائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى