المستشارة هدى الخضراوي تكتب: ساعة الجد.. إحنا وش مصر الحقيقي

ممكن نتخانق مع بعض على كوباية شاي، ونتريق على بعض في الطوابير، ونهزر كأن مفيش بكرة.
ممكن نزعل ونخاصم ونعلي الصوت.
بس ساعة الجد… كل ده بيتنسى.
ساعة الجد… بنبقى حاجة تانية خالص.
لما البلد تنادي، تلاقي الكل صف واحد… كلمة واحدة… قلب واحد.
تلاقي الشيخ واقف جنب القسيس، والجامع فاتح بابه لكنيسة قريبة، والكنيسة بتدق أجراسها مع صوت المآذن.
تلاقي الستات، دي محجبة ودي لابسة صليب، بس الاتنين بيخبوا بعض تحت جناحهم.
تلاقي الجار بيجري على جاره، والصاحب يسند صاحبه، والغريب مابقاش غريب.
ساعة الخطر، ما بنسألش انت مين ولا ساكن فين.
نفتح بيوتنا لبعض، ونقسم اللقمة والغطا والكلمة الطيبة من غير حساب.
في رمضان، تلاقي المسيحيين معلقين زينة الفوانيس، وفي الكريسماس تلاقي المسلمين بيهدوا جيرانهم الشوكولاتة والهدايا.
نعيّد لبعض ونفرح ببعض.
ونوقف مع بعض وقت الفرح ووقت الحزن كأننا عيلة واحدة كبيرة… عيلة اسمها مصر.
معدن المصريين دهب.
مش الدهب اللي بيتباع ويتشترى…
ده دهب أصيل، بيبان في الضلمة، وبيتلألأ لما الدنيا تضيق حوالينا.
مصر مش بس بلد فوق الخريطة…
مصر هي الدنيا لما تحنّ، ولما تقسى.
مصر هي الحضن اللي مهما تبعد ترجع له، والمكان اللي مهما تتعب، يكفيك تبص لوش ناسه علشان ترتاح.
مصر هي القلب اللي بيدق جوانا كلنا، حتى وإحنا مش واخدين بالنا.
الدنيا تتغير، والناس تتبدل، والزمن يجري…
بس مصر تفضل ثابتة، زي الجبل، زي الدعاء اللي بيتقال من غير صوت، زي الأم اللي عمرها ما تكل ولا تزهق.
مصر مش يوم ولا زمن،
مصر حكاية بدأت من أول ما الإنسان عرف يحب، وعمرها ما هتخلص طول ما في قلوب بتحبها، وطول ما في جدعان بيقولوا وقت الجد:
“إحنا وش مصر الحقيقي… ومعدنّا دهب.