السيسي إبن الجمالية مع ماكرون في خان الخليلي والغورية

بقلم – نهلة سليم
إن إكرام الضيف في مصر يتجسد في السماح له بأن يرى ما يأتي ملايين العالم لمشاهدته، وهذا ما فعلته يا سيسي مع ماكرون. أما إكرام مصر، فيتمثل في نشر معالمها الفريدة لزعماء ينقلون للعالم ما شاهدوه من عظمة برؤية أعينهم.
في مشهد مهيب يحمل دلالات عميقة ورسائل متعددة للعالم، اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولة تاريخية بمنطقة الحسين وخان الخليلي، اختُتمت بتناول العشاء في مقهى ومطعم نجيب محفوظ الشهير. هذا التحرك يعكس فهمًا عميقًا لقيمة مصر الثقافية والتاريخية، ويبرز الوجه الحقيقي للضيافة المصرية بعيدًا عن القصور الرئاسية التقليدية.
فالقصور، رغم فخامتها، قد تكون مماثلة أو أفخم لدى الزعماء الآخرين، لكنها لا تمتلك الروح والأصالة التي تتميز بها شوارع القاهرة القديمة وأزقتها. لا يوجد لدى الزعماء الآخرين خان الخليلي، ذلك السوق التاريخي الذي يعبق برائحة التاريخ ويزخر بالحرف اليدوية الفريدة. ولا يمتلكون مقهى نجيب محفوظ، الذي يحمل اسم الأديب العالمي ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية لمصر التي حصل أديبها على جائزة نوبل للآداب.
لا يوجد لدى الزعماء الآخرين جبل موسى الذي تجلى عليه الله، ولا معبد حتشبسوت والكرنك وحمامات موسى، ولا المتاحف التي تضم آثار أقدم وأعظم حضارة نشأت قبل التاريخ. كما أنهم لا يملكون شواطئ مصر الدافئة، ورمالها الساخنة، وبحورها المنفردة في لونها ودفئها وصفائها.
نعم، يوجد الكثير والكثير من معالم مصر التاريخية والحديثة التي لا توجد إلا في مصر.
أيضًا، تُظهر هذه الجولات الوجه الحقيقي للشعب المصري الودود، المعروف بكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال. إنها دعوة مفتوحة للعالم لاكتشاف كنوز مصر المخفية والتعرف على تاريخها العريق.
“إن ما قام به الرئيس السيسي مع الرئيس ماكرون هو دعوة للعالم للتعرف على مصر ليس فقط من خلال سياستها واقتصادها، ولكن من خلال تاريخها وثقافتها العميقة التي تملكها وتفتخر بها. فمصر ليست مجرد دولة في قلب الشرق الأوسط، بل هي كنز حضاري فريد لا يتكرر، حيث تتجلى آثار العظمة القديمة في كل زاوية من زوايا أراضيها. وتحت قيادة السيسي، لم تقتصر مصر على الحفاظ على هذا التراث فقط، بل جعلت من مهمتها أن تفتح أبوابها للعالم وتعرض كنوزها التي لا تقدر بثمن. عبر هذه الجولات مع ضيوفها، مصر تُظهر للعالم قوتها الحقيقية التي لا تقاس بالأسلحة فقط، بل بالثقافة التي لا تزال حية تشع في كل معلم، من الأهرامات إلى المساجد القديمة، ومن المتاحف إلى الأسواق التي عاشت فيها أجيال متعددة.
زيارة الرئيس ماكرون لمصر تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ومناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الوضع في غزة. من المقرر أن يشارك الرئيسان في قمة ثلاثية مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن لبحث سبل التهدئة وإعادة الإعمار في القطاع. هذا التحرك الدبلوماسي يعكس دور مصر المحوري في المنطقة ومساعيها المستمرة لتحقيق الاستقرار والسلام.
نأمل أن تستمر هذه الجولات مع زعماء العالم، فهي ليست فقط تعزيزًا للعلاقات الدبلوماسية، بل هي أيضًا ترويج حي للسياحة المصرية وإبراز لمكانة مصر الثقافية والتاريخية على الساحة الدولية.