خبير أمن قومي يكشف عن أزمة تواجه الجيش الإسرائيلي أكثر خطورة من أي تهديد عسكري 

 

القاهرة – سعيد زينهم

أكد المستشار الدكتور طارق منصور، خبير استراتيجيات الحرب والأمن القومي، أن تصاعد العمليات العسكرية في فلسطين المحتلة واستمرار المقاومة في تنفيذ هجمات نوعية ضد قوات الاحتلال كشفا عن ارتفاع حاد في حالات الهلع والتبول اللاإرادي بين الجنود الإسرائيليين، وهو ما يعكس انهيارًا نفسيًا متسارعًا داخل الجيش.

وأوضح منصور أن الحرب ليست مجرد صراع بالسلاح، بل هي أيضًا معركة إرادة وصمود نفسي، وهو ما نجحت فيه المقاومة الفلسطينية بامتياز، حيث تمكنت من زرع الرعب في صفوف الجيش الإسرائيلي واستنزافه نفسيًا. فقد حرصت المقاومة على استدراج الجنود إلى كمائن محكمة، حيث واجهوا اشتباكات شرسة في أحياء غزة وأزقتها الضيقة، مما جعلهم عرضة لهجمات مفاجئة زادت من شعورهم بالرعب وانعدام الأمان.

وأشار إلى أن الأنفاق لعبت دورًا أساسيًا في تعزيز الضغط النفسي على الجنود الإسرائيليين، إذ أصبح هاجس الهجمات المفاجئة من تحت الأرض يؤرقهم، مما جعلهم في حالة توتر دائم. كما أن فقدان السيطرة على الميدان والشكوك المتزايدة حول جدوى العمليات العسكرية أدّيا إلى تصاعد مشاعر الإحباط والانهيار النفسي. ومع طول أمد الحرب دون تحقيق أهداف حاسمة، بدأ الجنود يشعرون بأنهم عالقون في حرب استنزاف طويلة الأمد، ما أدى إلى فقدان الثقة في القيادة العسكرية، حيث أصبح القتال تحت تأثير الخوف، وليس بدافع القوة.

وأضاف منصور أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة نفسية قد تكون أكثر خطورة على مستقبله من أي تهديد عسكري مباشر. فحالات الهلع والتبول اللاإرادي والانتحار ليست مجرد أعراض جسدية، بل هي مؤشرات على انهيار الروح المعنوية وفقدان السيطرة على النفس تحت الضغط. وأدت هذه الظواهر إلى تصاعد حالات الفرار من المواجهة، حيث كشفت تقارير ميدانية عن تردد الجنود الإسرائيليين في الدخول إلى مناطق الاشتباك المباشر، بل إن بعضهم يفرّ عند أول اشتباك تاركين عتادهم العسكري، مما يجعل الرغبة في النجاة بأي ثمن هي الهدف الوحيد.

وأوضح المستشار أن الجندي الإسرائيلي يدخل الحرب مؤمنًا بأنه يخدم في “أقوى جيش في الشرق الأوسط”، لكن الصدمة تأتي عندما يكتشف أن مقاتلي المقاومة يتفوقون عليه تكتيكيًا ومعنويًا. هذا التناقض بين التوقعات والواقع يؤدي إلى حالة من الاستسلام النفسي المبكر.

وأضاف أن الخوف لم يعد مجرد شعور فردي بين الجنود، بل تحول إلى معضلة وجودية بالنسبة لإسرائيل ككل. فالمجتمع الإسرائيلي ذاته يعيش حالة دائمة من القلق، ويعتمد على استراتيجية “الجدران والحماية”، بدءًا من بناء جدار الفصل العنصري، وصولًا إلى منظومة “القبة الحديدية”، التي تعكس وجدانًا محاصرًا بالخوف من أي تهديد خارجي.

وأشار منصور إلى تقارير تؤكد أن بعض الجنود يعانون من “كوابيس قتالية” واضطرابات نفسية حادة، فضلًا عن زيادة معدلات الانتحار. كما تجاوز عدد الجنود المعاقين الذين يتلقون العلاج في أقسام إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع 70 ألفًا لأول مرة، في حين طلب أكثر من 170 ألف جندي احتياط تلقي خدمات الصحة العقلية.

وفي ختام حديثه، أكد منصور أن القوة العسكرية الإسرائيلية لا تستند إلى شجاعة مقاتليها، بل إلى تفوقها التكنولوجي والدعم الغربي. ومع استمرار المقاومة الفلسطينية في تطوير تكتيكاتها، يبدو أن تصاعد الخوف الإسرائيلي والاضطرابات النفسية سيظل عاملًا رئيسيًا في معادلة الصراع، مما يضعف الروح القتالية للجيش الإسرائيلي رغم امتلاكه أحدث العتاد والأسلحة. فالمعركة الدائرة في غزة ليست مجرد حرب عسكرية، بل هي أيضًا حرب نفسية طويلة الأمد، أثبتت فيها المقاومة أن الإرادة والصمود يمكن أن يكونا أقوى من التفوق العسكري، وأن الخوف ليس مجرد شعور فردي، بل قد يصبح معضلة تطيح بجيوش بأكملها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى