خطة ترامب بشأن غزة.. ماذا يقول القانون الدولي عن التهجير القسري؟

 

تصريحات أمريكية مفاجئة حول تهجير الفلسطينيين من غزة، أعادت إلى الواجهة نصوصا قانونية دولية عن التهجير القسري والتطهير العرقي.

كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب قد اقترح خلال مؤتمر صحفي مشترك يوم الثلاثاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيطرة الولايات المتحدة على غزة، وأن يتم نقل سكانها إلى “أرض جميلة وجديدة” في بلد آخر، على أن يتم تطوير القطاع، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

ورغم عدم ذكر ترامب أن الفلسطينيين البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة في غزة سيتم إجبارهم على الرحيل، إلا أن العديد من سكان القطاع أكدوا أنهم لن يغادروا طواعية، رغم استمرار الحرب لأكثر من 16 شهرًا.

ما هو التهجير القسري؟
التهجير القسري هو عملية نقل الأفراد أو الجماعات من أماكن إقامتهم الأصلية إلى مناطق أخرى دون إرادتهم، نتيجة استخدام القوة أو التهديد بها.

ويُصنف هذا الفعل على أنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي، خاصة إذا تم في إطار منهجي وواسع النطاق.

ويُحظر نقل المدنيين قسرًا بموجب اتفاقيات جنيف التي تعد إحدى الركائز الأساسية للقانون الإنساني الدولي المتعلق بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.

التهجير القسري في ميثاق الأمم المتحدة
يُعد ميثاق الأمم المتحدة الوثيقة التأسيسية التي تُحدد المبادئ القانونية والأخلاقية التي تحكم العلاقات الدولية. ومن أبرز نصوص الميثاق التي تتعلق بالتهجير القسري:

تنص المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة على: “يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة، أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”.

ويُشير هذا النص إلى أن أي عملية تهجير قسري ناتجة عن الاحتلال أو القوة العسكرية تُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي.

كما يشير الميثاق إلى ضرورة احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما يتعارض مع تهجير السكان قسرًا.

القوانين الدولية التي تحظر التهجير القسري
إلى جانب ميثاق الأمم المتحدة، هناك عدة اتفاقيات دولية تحظر التهجير القسري، منها:

المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للسكان المدنيين في المناطق المحتلة.

والمادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف، تُجرّم التهجير القسري باعتباره “انتهاكًا جسيمًا” للقانون الدولي الإنساني.

الأكثر من ذلك، تنص المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، على أن الإبعاد أو النقل القسري للسكان، عندما يكون جزءًا من هجوم منهجي ضد المدنيين، يُعد جريمة ضد الإنسانية.

فيما تنص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن لكل فرد الحق في حرية التنقل واختيار مكان إقامته، مما يعني أن أي تهجير قسري يتعارض مع هذا الحق.

لكن تتضمن الاتفاقيات بعض الاستثناءات، حيث يجوز لقوة الاحتلال أن تأمر المدنيين بالانتقال إذا كان ذلك ضروريًا لأمنهم أو لأسباب عسكرية حيوية. إلا أن اتفاقية جنيف تؤكد أنه لا يجوز نقل المدنيين إلى خارج أراضيهم إلا إذا كان من المستحيل تجنب وقوع كارثة إنسانية.

تجدر الإشارة إلى أن كلًا من الولايات المتحدة وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف.

أمثلة على تهجير قسري أدانته الأمم المتحدة
تهجير الفلسطينيين (النكبة 1948 – النزاعات المستمرة):
أكدت الأمم المتحدة، عبر قراراتها المختلفة (مثل القرار 194)، على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، واعتبرت تهجيرهم جريمة ضد الإنسانية.

وتنظر المحكمة الجنائية الدولية حاليًا في قضايا تتعلق بالانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تطهير الروهينغا العرقي في ميانمار:
تحقق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة ضد الروهينغا، والتي تضمنت تهجيرًا قسريًا جماعيًا.

النزاعات في البوسنة وكوسوفو (التسعينيات):
أدانت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة مسؤولين عن عمليات التهجير القسري ووصفتها بجرائم ضد الإنسانية.

التطهير العرقي:
ظهر مصطلح “التطهير العرقي” لأول مرة في وسائل الإعلام الدولية عقب تفكك يوغوسلافيا في التسعينيات لوصف حالات تهجير جماعي معينة.

ففي عام 1993، أوضح فريق من خبراء الأمم المتحدة أن المصطلح يشير إلى “محاولة خلق حيز جغرافي متجانس عرقيا بإخلائه من مجموعة عرقية معينة باستخدام القوة المسلحة، أو التخويف، أو الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائيا أو تذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود”.

رغم أن “التطهير العرقي” ليس جريمة محددة بموجب القانون الدولي، فإن معظم الأفعال التي تندرج تحته تعتبر جرائم بموجب قوانين دولية مختلفة، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما الإبادة الجماعية.

ورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفين في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، انضمت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة عام 2015، مما يمنحها الاختصاص القضائي على الجرائم المرتكبة هناك، بما في ذلك المرتكبة في قطاع غزة.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي، مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بالإضافة إلى عدة قادة من حركة حماس. وتنص مذكرات الاعتقال على مطالبة الدول الـ 125 الموقعة على نظام روما الأساسي بتنفيذ عمليات الاعتقال إذا كان ذلك ممكنًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى