لواء دكتور سمير فرج يكتب: الحرب الروسية الأوكرانية، وعامها الثالث (1)
أسابيع قليلة، وتدخل الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، والتي بدأت يوم 24 فبراير 2022م. وأن كنت أقول أنها بدأت منذ عام 2014، عندما قامت روسيا بغزو شبه جزيرة القرم والاستيلاء عليها، وقامت بضمها إلى روسيا الاتحادية على أساس أنها كانت في الأصل تابعة لروسيا في عهد الاتحاد السوفيتي وإلى أن قام الزعيم الروسي خوروشوف بإعادة تخصيصها لتصبح تابعة لأوكرانيا ومن هذا المنطلق قام بوتن بالهجوم والاستيلاء عليها.
لذلك يمكن أن نقول أن فور استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم، قامت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا، حتى جاء عام 2022، عندما أعلنت اوكرانيا أنها سوف تنضم إلى حلف الناتو، وهنا قرر بوتين مهاجمة أوكرانيا. على الفور لمنعها من الانضمام لحلف الناتو.
وخلال العامين الأولين، من الحرب، نجح بوتين في الاستلاء على 20% من الأراضي الأوكرانية، وقام بضم المقاطعات الأربعة لوهانسيك دونيتسك، زابورجيا، وخرسون، بعد أن أجرى استفتاء بين الأهالي، وبناء على ذلك أصبحت هذه المتقاطعات الأربعة جزء من روسيا الاتحادية وحمل أهالي هذه المقاطعات بطاقات شخصية جديدة وجوازات سفر، لأنهم من مواطني روسيا الاتحادية.
ولي دائما جملتي المشهورة نحن نعيش في عالم الأواني المستطرقة، فقد أثرت هذه الحرب تأثيرا مباشرا على اقتصاد معظم دول العالم، خاصة في مجال القمح، ونعني به الخبز، ثم الذرة التي هي علف الحيوانات والطيور، ثم الزيت، وكذلك بالطبع الغاز الطبيعي، أحد مكونات الطاقة الرئيسية في العصر الحديث وخاصة في أوروبا، حيث ارتفعت أسعار هذه المنتجات في العالم كله. وبالتالي، كان أكثر من تضرر هم دول العالم الثالث، وأعتقد أن مصر في هذه الحرب كانت أكثر هذه الدول، حيث أننا نستورد 10 مليار طن قمح من روسيا وأوكرانيا سنويا علاوة على حبوب الذرة والزيت.
ومن خلال انشغال العالم بما يجري في الشرق الأوسط وبالذات غزة، نجحت أوكرانيا في اختراق مساحة 45 كم. داخل الأراضي الروسية في مقاطعة كورسك، بل وتهديد المحطة النووية الروسية هناك، والتي تبعد عن موسكو حوالي 350 كم، وبالطبع هناك مقولة شهيرة أنه عندما يجلس طرفان على طاولة المفاوضات، فإن قوة كل طرف تنبع من قواته ومكانته في الاستيلاء على أراضي الطرف الآخر.
لذلك، قبل استيلاء أوكرانيا على الأراضي الروسية كان موقفها ضعيفا في أي مباحثات سلام مقبلة بين الطرفين، لكن باستيلاء أوكرانيا على المنطقة الروسية في كورسيك الامر الذي، جعل أوكرانيا في موقف أفضل إلى حد ما عند الجلوس على طاولة المفاوضات القادمة، وعموما نحن ندخل في العام الثالث ويجيء في هذا التوقيت، مع دخول الرئيس الأمريكي ترامب إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير القادم، ولدى الجميع كل الأمل أن تنتهي هذه الحرب، حيث أن الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية، أعلن عدة مرات إنه لو كان موجودا في البيت الأبيض. لما حدثت هذه الحرب، والتي أثرت على العالم كله.
بل. وأضاف أنه فور توليه كرسي الحكم يوم 20 يناير، سوف يعمل على إيقاف هذه الحرب فورا، كما أنه أعلن مرارا أن سليزنكي تاجر ماهر يحضر كل شهر إلى الولايات المتحدة، ويأخذ المليارات من أموال دافعي الضرائب ويعود بها إلى أوكرانيا، علاوة على الأسلحة التي يتلقاها من باقي دول أوروبا، ومن هنا يتوقع الجميع أن تنتهي هذه الحرب. بوصول ترامب إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير.
وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث أعلن جو بايدن أنه أعطى الضوء الأخضر لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بصواريخ أمريكية، رغم أنه ذلك الرئيس الأمريكي، الذي كان عندما كان يرسل أسلحة إلى أوكرانيا منذ بدء الحرب، كانت أوامره واضحة إلى أوكرانيا الا تستخدم هذه الأسلحة لضرب العمق الروسي، وكانت أشاره واضحة عندما أرسل نظام الصواريخ هيمارس عيار 227 مليمتر، وبمدى 80 كيلو، ويعمل بنظام الGPS الموجه، وبعد قرار الرئيس الأمريكي بالسماح لأوكرانيا بإمكانية استخدام السلاح الأمريكي لمهاجمة العمق الروسي، تكهرب الجو في موسكو حيث أن الرئيس بوتن قال ان ذلك القرار سوف يؤدي إلى تغيير جوهر الصراع. حيث يعني أن دول الناتو والولايات المتحدة تقاتل ضد روسيا، وجاء بعدها إعلان الكرملين ليعلن أن بايدن يصب زيت على النار ولأنه سمح لكييف بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على روسيا، أما الدومة وهو البرلمان الروسي فقد أعلن صراحة. أنا ضرب بلاده بصواريخ أمريكية، قد يشعل مواجهة عالمية، وبعدها وقع الرئيس الروسي بوتن مرسوما يوسع إمكانية لجوء روسيا إلى السلاح النووي في 19 نوفمبر الماضي.
وهنا لنا وقفة، حيث إنه يجب أن نوضح أن الفكر العلمي العسكري يقسم الحروب إلى نوعين حرب نووية، nuclear warfare وحرب تقليدية conventional warfare، وكانت الحرب الروسية الأوكرانية في العامين الماضيين، هي حرب تقليدية بين الجيش الروسي والأوكراني أن يستخدم فيها كل طرف الدبابة والمدفع والطائرة حتى المدمرات والغواصات، لأنها حرب تقليدية بين الجانبين. أما أن تتحول الحرب من تقليدية إلى نووية، فإن ذلك يعني استخدام الأسلحة النووية بنوعيتها أسلحة نووية استراتيجية، وهي التي تقذف الدولة بأكملها، مع العلم بأن السلاح النووي مع روسيا يكفي لتدمير العالم كله، كذلك حجم السلاح النووي في أمريكا يمكن أن يحقق نفس الهدف، وهناك سلاح نووي تكتيكي، وهي قنابل نووية من 5 الى 10 كيلو، مثل القنبلة التي القيت على نجازاكي في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية.
ومن هنا بدأ العالم يفكر هل من الممكن أن تتحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى حرب نووية، بدلا من الحرب التقليدية؟ وما هي الأسس التي تتبع في مثل هذه الحرب، والتي يطلق عليها قواعد الاشتباك في الحرب النووية؟ وما هو الدور المنتظر الذي يمكن أن يلعبه ترامب عند وصوله الى البيت الأبيض يوم 20 يناير القادم كل هذه الأسئلة سيتم الإجابة عليها في نفس المكان في مقالي الأسبوع القادم…