هدم منازل العيسوية: معاناة مستمرة تحت وطأة القوانين والتضييقات
يارا المصري
يشهد حي العيسوية في القدس الشرقية تكرارًا لعمليات هدم المنازل، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط المحلية والدولية. آخر هذه الحوادث كان هدم منزل وسيم أبو ريالة، حيث أقدمت السلطات الإسرائيلية على إزالة المبنى بحجة عدم الحصول على تراخيص البناء اللازمة، مما يسلط الضوء مجددًا على معاناة السكان المقدسيين في مواجهة قرارات الهدم.
قصة عائلة أبو ريالة: محاولة لتأمين مسكن آمن
وفقًا لشهادة أحد أفراد العائلة، فإن المنزل القديم لم يكن صالحًا للسكن، مما دفع العائلة إلى محاولة ترميمه وتجديده. لكن عدم توفر تراخيص البناء حال دون ذلك، حيث أصدرت بلدية الاحتلال قرارًا بهدم المنزل الجديد دون إمكانية للتأجيل أو تجميد القرار.
وبعد انهيار الأسوار المحيطة بالمنزل القديم، شعرت العائلة بضرورة ترميم المبنى ليصبح آمنًا للعيش. ومع ذلك، فوجئت العائلة بقرار الهدم أثناء وضع الأساسات الجديدة، مما وضعها أمام خيارين: إما تنفيذ الهدم ذاتيًا لتجنب تكاليف إضافية، أو رفض القرار ومواجهة غرامات مالية باهظة.
هدم متكرر ومعاناة ممتدة
منزل المواطن المقدسي حاتم أبو ريالة في العيسوية كان أيضًا هدفًا لعمليات الهدم هذا الأسبوع. وعلى الرغم من معارضة العائلة ورفضها تنفيذ القرار ذاتيًا، أقدمت قوات الاحتلال على إزالة المنزل باستخدام الجرافات، بعد تطويق الموقع الواقع في حي المدارس شرق المدينة.
جدير بالذكر أن هذا لم يكن الهدم الأول لمنزل حاتم أبو ريالة؛ فقد هُدم منزله لأول مرة عام 1999، وتعرض بعدها لعقوبات مالية وسجن فعلي بسبب عدم دفع الغرامات. وفي حادثة هدم أخرى عام 2009، أصيب حاتم بشلل نصفي بعد سقوطه من علو أثناء محاولته حماية منزله.
عائلة أبو ريالة ليست الوحيدة التي تعاني؛ فقد تسببت قرارات الهدم بزيادة معاناة العائلات المقدسية التي تجد نفسها بين مطرقة التشريد وسندان الغرامات. كما تخيّم أجواء الحزن والغضب على الأحياء المقدسية مع كل عملية هدم. على سبيل المثال، شهدت منطقة الجدار في مخيم شعفاط مواجهات عنيفة بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال عقب هدم منزل أبو ريالة.
لم تقتصر عمليات الهدم على العيسوية؛ فقد أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر هدم جديدة لمنازل قريبة من جدار الفصل في ضاحية شويكة شمال طولكرم. وتشير التقديرات إلى أن عدد المنازل التي هُدمت بحجة عدم وجود التصاريح منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشرقية بلغ حوالي 170 ألف منزل.
تشكل عمليات الهدم جزءًا من سياسة مستمرة تهدف إلى التضييق على المقدسيين وفرض واقع جديد في المدينة. وتضع هذه السياسات العائلات المقدسية في حالة من عدم الاستقرار الدائم، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والاجتماعية.
ختامًا، يبقى ملف هدم المنازل في القدس الشرقية أحد أبرز القضايا التي تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا لوضع حد لمعاناة السكان، وضمان حقهم الأساسي في السكن الآمن دون قيود مجحفة.