نزلة برد
بقلم غزل احمد المدادحة
قال أحد المتنعمين بالدنيا: “بعد أن أحسست ببداية “نزلة برد” ألمت بي، شعرت بأني لن أكون قادر على تحمل تداعيات هذه النزلة، فقررت بأن أقصد أقرب مستشفى لأطلب منهم أن يولوني عناية كبيرة تتضمن ما يلزمني من تدفئة وغطاء دافيء ناعم كالريش ومشروبات ساخنة ومهدئ، لأني إعتدت بأن لا أتحمل أي مرض حتى لو كان بمستوى “نزلة برد” بسيط، فمن المؤكد أن هناك كثيرون مثلي بالتحديد في موسم الأمراض هذا.
بالمقابل حرك هذا المشهد عندي شعور عميق مُمزوج بألم حلّ في قلبي، صرت أسأل نفسي، هل ممكن بأن هذا الشخص قد فكر بمشاهد أخرى تحدث بالتزامن، كمن لا ملجأ له، لا مدفأة عنده، لا غطاء يقي البرد، لا طعام وماء كاف لديه؟.
هل يعلم أخينا ما يجري حولنا في الإقليم من رائحة الموت، من جثث منتشرة تحت الركام، ومن إصابات حلت بالجيران، من آهات وصرخات طرقت أبواب السماء، من ضجيج قذائف وأضواء صواريخ مؤلمة، من إقتات على ألم وأشلاء الأطفال الذين أبكوا كل من بالأرض والسماء دماً بدل الدموع؟.
بربكم، الا يعلم أنه لم يعد لهم أحد يوقد لهم النار، وأنّا حالياً نعيش في أبرد أشهر الخريف وأن هناك بالجانب الأخر محلاً لبيع أجهزة المحمول، محلاً يعد الولائم لملئ بطنه تخمة في حين له إخوة هناك يموتون جوعاً؟.
السؤال المطروح، أين نحن؟ أين من يمسح دمعات الأطفال، من يهدئ قلوب الأمهات، من يهدى من روع من يرتجف من برد الشتاء، من يواسي من تمتلىء خيمته حزناً، وأين نخوة العرب، بل متى نستيقظ جميعاً من هذا السبات؟ فنحن فينا من إذا أصيب بـ “نزلة برد” اشغل مستشفى بحاله أما أولئك الذين تفتك المتفجرات بأجسادهم لا بواكي لهم الا الله.