الشعر العربي ما بين الهوية الثقافية والموروث الأدبي

علاء حمدي
الشّعر هو أحد أشكال فنون الأدب العربيّ الذي ظهر منذ القِدَم، وهو تعبير إنساني يتّسم بأنّه كلام موزون ذو تفعيلة مُحددة، وينظمه الشاعر ليُعبر عن أفكاره ومشاعره وأحاسيسه .
وللشعر دور كبير فى بيان حالات المجتمع العربي قديما وقد عرّف العلّامة ابن طباطبا الشعر العربي بأنه هو “الكلام المنظوم البائن عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم ونظمه معلوم محدود”.
ولمكتبة القاهرة الكبرى باع طويل فى صون التراث الثقافي والحفاظ على الهوية الثقافية العربية لدى جموع الشعب المصري ، حيث نظمت المكتبة تحت رعاية معالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو والمخرج خالد جلال رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي وبإشراف الكاتب يحيى رياض يوسف مدير عام المكتبة التابعة لوزارة الثقافة المصرية ندوة ثقافية مساء الأربعاء 6 نوفمبر 2024م بعنوان:
“الشعر والغناء .. من خلال كتاب الأغاني للأصفهاني”
افتتح اللقاء الكاتب يحيى رياض يوسف رحب خلالها بالحضور الكريم وأبرز دور مكتبة القاهرة الكبرى فى صون الموروثات الثقافية والتراث الثقافي حيث إن هذا الدور أحد الأهداف الإستراتيجية للمكتبة ، وأن الشعر العربي واحد من أهم موروثاتنا الثقافية من خلال تاريخ أدبنا العربي فى كل عصوره المختلفة ، وأكد يحيى رياض أن الشعراء رسل محبة ورسل سلام للإنسانية كلها، الشعر هو الحضارة والتاريخ هو الثقافة المصرية الأصيلة وقدم نبذه عن فعاليات مكتبة القاهره الكبرى وأعرب بسعادته عن منتدى دوحة الشعراء وضيوف المكتبة .
واستضاف اللقاء الشاعر الكبير أحمد سويلم ، الأستاذ الدكتور أحمد عفيفي رئيس قسم النحو والصرف والعروض بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، الناقدة الدكتور أمانى الجندى ، وقدمت وأدارت اللقاء الكاتبة/ نجلاء أحمد حسن وهى كاتبة وأديبة وشاعرة لها العديد من المؤلفات الأدبية وتشغل مدير قسم القاهرة التاريخية بالمكتبة ومن جانبها قدمت الشاعرة نجلاء أحمد حسن مقطعًا شعريًا وعقب ذلك قدمت السير الذاتية للسادة ضيوف المنصة ، وأضافت فى حديثها عن التعريف بالشعر بصفة عامة وأنواعه والموروثات الشعرية التى آلت إلينا عن طرق كتب التراث ومنها بالطبع كتاب “الأغاني” لأبى فرج الأصفهاني .
وقد دارت محاور الأمسية الشعرية حول الدراسات النقدية فى الشعر العربي والغناء في مفترق الطرق وفي فنون الأغنية الشعبية من خلال عرض كتاب “الأغاني” لمؤلفه أبى الفرج الأصفهاني ، والكتاب يتضمَّنَ معلومات موثقة عن الفترات الأولى للموسيقى العربية (من القرن السابع إلى القرن التاسع) والكتاب تم تأليفه فى واحد وعشرين جزءًا وجمّعه أبو الفرج الأصفهاني فى خمسين سنة .
وقد قدم الدكتور أحمد عفيفى دراسة نقدية عن شعر الأصفهاني وأشار من خلالها إلى نبذه عن حياة أبى الفرج الأصفهانى وبعض من أبيات الشعر التى كُتبت فى فن الغناء والموسيقى في العصر العباسي ، حيث ألف الكثير وجاء أبو الفرج الأصفهاني ليأخذ كل ما في تلك الكتب من ميزات ومحاسن ويضيف إليها كل ما لديه من إمكانات ومقدرة فنية وعلم بهذا الفن الذي ارتفع في زمانه حتى وصل الذروة ، وذكر آليات الأصفهاني ظاهرة مهمة جدا من خلال أغاني أم كلثوم التى ارتبطت أعمالها الفنية بكتاب الأغاني مع مختلف شعراء تاريخ الأدب العربي وعرفت بعض النصوص من كتاب الأغانى من أبى فراس وغيره .
والقارئ والمتابع إذا كان له إلمام بالموسيقى الشرقية وفن الغناء العربي يدرك مقدار تعمق أبي الفرج بهذا الفن ، حيث إنه بطبيعته الموسوعية، وتمثله معارف عصره كلها أراد أن يكون كتابه غاية ما ألف في مضماره وأعلاه، فما أتى بصوت مغني حتى رجع إلى قائل الشعر، وتوقف عند أخباره بعد ذكر اسمه ونسبه، فلا يترك شاردة ولا واردة إلا أتى بها ، وقد عرض الأصفهاني مادته في منهج محدد، فهو يورد أخبارًا مسندة ، وأحيانا لا يقتنع بالإسناد، وإنما ينتقد الرواة ويبين درجة الخطأ والتناقض في روايتهم وهو يضم الأخبار المتشابهة بعضها إلى بعض، ويمزجها وينسقها بحذف العناصر المتناقضة منها .
كما قدم الشاعر الكبير احمد سويلم دراسة نقدية وقراءة عن الشعر والفارق ما بين الماضى والحاضر والتطور فى القصائد الشعرية إما أن تكون طويلة أو قصيرة متعرجة أو وعرة أو منبسطة أو مظلمة أو مضاءة أو سهلة أو صعبة أو مباشرة أو ، لا ينفي تعددها وتنوعها عن كونها طريق، المشكلة هل هي تؤدي إلى الهدف؟ أما المشكلة الأخرى فهي أن كل ذلك التعدد والتنوع في الطرق التي حددت حالتها ليس واقعها الحقيقي بل هو هوى نفسك ورغباتها.. فما تشتهي نفسك هو الذي يحدد طول أو قصر الطريق ومدى صعوبته ووعورته .
مفترق الطرق هو الفاصل بين الصواب والخطأ، وبين الاقتراب والابتعاد، وبين الوصول والضياع، وبين الانحراف والاستقامة، وبين الصعود والهبوط.. فمفترق الطرق مصير.
وأضافت الدكتورة أماني الجندي أن الأغنية الشعبية نوع من أهم أنواع الأدب الشعبي، وذلك لأنها تحمل خبرة السلف إلى الخلف، تلك الخبرة التي تمثل البؤرة لكل ما يهم الإنسان ؛ إذ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدورة حياته ابتداءً من الميلاد حتى الوفاة، فهي تنقل لنا بصدق إحساس الشعب الذي يفرزها في كل مناسباته السعيدة، وغير السعيدة، وهذا هو السبب في انتشارها وتناقلها من جيل إلى جيل. وإذا كانت الأغنية الشعبية تتنوع بتنوع المناسبات المختلفة، من ميلاد، وختان، وزواج، وحج، وعمل، ووفاة فإن الكثير من الدراسات اقتصرت على أغاني الزواج وأغاني العمل والبكائيات ، وتابعت أغاني العمال والفلاحين وفى الصعيد وظهور الوسائل الإعلامية فلا بد من حفظ تراثنا مع تطورات الألوان الجديدة على حياتنا التى لا تشبهنا ، وضربت بعض النماذج من الأغاني ياحلو صبح ،وشك حلو عليا وغيرها من القصائد الشعبية التى تحمل الهوية المصرية .
وكان اللقاء بمصاحبة باقة متنوعة من الأغاني على أنغام العود الساحرة للفنان مختار سعيد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى