الموعد .. قصة جديدة بقلم د. انجي الحسيني
الموعد
ظل يدق دقا غريبًا، ومابين العلو والخفوت امتلأت خوفا ورعبًا وتدثرت بغطاءها لعلها تطرد عن هاجسها تلك الخواطر المخيفة والظنون القاتلة .. ولكن الصوت استمر وأخذ يعلو .. حاولت ألا تستجيب له ووضعت وسادتها فوق رأسها كى لا تنصت إليه بينما ملأ الصوت كل كيانها وسرق النوم من عينيها وسرق معه أحلامها .. فكرت ما سبب ذلك؟ ولماذا فى هذا التوقيت؟ وسألت نفسها كيف تقاوم هذا الصخب الذى يحاول أن يجتاحها؟ كيف تخلد إلى الراحة والهدوء ؟ ألا يعلم كم هي متعبة القلب والفكر؟ لماذا يأبى أن يتركها ويدعها وشأنها ؟
استسلمت للصوت وصداه الذى اخترق روحها بعدما حرمها نوما هانئا تشتهيه.. دفعت عنها الوسادة ونزعت الغطاء .. وأضأت نورًا خافتًا لعله يبعث فيها الأمان … ومع ذلك تتابعت الأفكار تباعًا .. الفكرة تلو الأخرى، والذكرى تلو الذكرى .. ومابين الحزن والفرح على أطلال الذكريات، كانت الدقات لا تزال مستمرة.
ثم انتابها شعور عجيب لم تدرٍ إن كان استسلامًا أم لا .. فقد تأقلمت مع هذا الصوت بلا سبب، و انصتت إليه فوجدته يهدأ رويدا رويدا ثم يعلو فجأة .. وكأنها سادية يتلذذ صاحبها بمتعه تعذيب ضحيته .
أخذت تناجيه لعله يشفق عليها، ثم لملمت شتات نفسها وحفزت إرادتها.. فقامت بكل جرأة وشجاعة لتهرب من المكان وأخذت تجرى من هنا لهناك على غير هدى .. ولكن ظلت طبول ذلك الصوت تتبعها أينما ذهبت ؟؟
فعادت إلى مكانها مرة أخرى بعد أن بلغ منها التعب مبلغه .. ووضعت رأسها على الوسادة .. فقد نادت جفونها النوم ودعته بشوق بالغ .. والغريب فى الأمر أن صاحب تلك الدقات بدأ يخفت ويخفت .. ربما أصابه التعب مثلها وأراد أن يرتاح قليلًا ..
وقبل أن تغمض عينيها سمعت أمها بالخارج تتكلم عن زفاف الغد، فعاد الضجيج من جديد.