كيف تنظر مراكز الفكر الصينية والإعلام الصينى وباحثيها إلى الرئيس (السيسى) وثورة (٣٠ يونيو) ؟
تحليل الدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد/ جامعة بنى سويف
ربما أتت الذكرى السنوية لثورة (٣٠ يونيو)، فرصة سانحة لى – بإعتبارى متخصصة بالأساس فى الشأن السياسى الصينى – لتقديم تقرير شامل ستستفاد منه أجيال لاحقة وصناع قرار فى مصر والمنطقة، لتحليل كافة علاقات مصر مع الصين ما بعد ثورة ٣٠ يونيو بالأساس، مع إجتهادى البحثى – الذى آمل أن يستكمله باحثون من بعدى خدمةً لأوطاننا بالأساس ولأجيال ستأتى من بعدنا من حقها أن تجد أرضية أكاديمية تستكمل عليها مسيرة ما بدأناه لهم من بناء وجهد فكرى– لإعادة تقديم أهم تقارير (وسائل الإعلام الصينية الرسمية)، والتعريف بأهم (مراكز الفكر الصينية) وباحثيها بشكل جديد، سواء المتواجدة داخل عدد من الجامعات الصينية الحكومية أو الخاصة، بما يصدرونه جميعاً من (مجلات أكاديمية متخصصة) تناولت فى عدد من ملفاتها وأطروحاتها جوانب متعلقة بالشأن المصرى والرئيس (السيسى) وعلاقات بكين بالقاهرة ما بعد ثورة 30 يونيو وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين. مع ضرورة الإشارة، إلى أنه فى يوم ٩ يونيو ٢٠١٤، حضر بالفعل المبعوث الخاص وزير الصناعة والمعلوماتية الصينى السيد/ “مياو وى” كممثل رسمى للرئيس الصينى “شى جين بينغ” فى مراسم تنصيب الرئيس (عبد الفتاح السيسى) بالقاهرة.
وحاولت الباحثة المصرية أن تجتهد فى الحصول عليها من الجانب الصينى كعمل وطنى بالأساس، وتأريخاً أشارك به كأكاديمية مصرية – درست بشكل فعلى كافة تلك الملفات فى حينها من خلال وجهة النظر الصينية حول الموضوع – لتسليط الضوء على تلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر، وذلك من وجهة نظر صينية بالأساس. مع قيامى بمحاولة تجميعها جميعاً للوقوف على كافة كتابات الباحثين الصينيين حول مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ورؤيتهم للرئيس السيسى وسقوط وأسباب إنهيار حكم الإخوان المسلمين– كمحاولة من جانبى لتعريف الجانب الآخر المصرى والعربى وربما الدولى، على جوانب أخرى لعلاقات بكين مع القاهرة، وكيف ينظر باحثو الصين وأكاديميوها إلى مصر، والرئيس (السيسى) وثورة (٣٠ يونيو)، وحكم (الإخوان المسلمين)، ثم – توسعت الباحثة فى هذا الجهد البحثى – لمحاولة مراجعة والإطلاع بشكل عام على كتابات الباحثين والمحللين (الأمريكان والغرب والإسرائيليين) وغيرهم، ورؤيتهم: حول علاقة مصر والصين بعد ثورة (٣٠ يونيو) وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى)، لما لذلك من دلالة إقليمية ودولية هامة، ومحاولة الباحثة تحليل ما تناولوه جميعاً بشكل مجمل لعلاقات الصين مع مصر فى فترة الرئيس (السيسى) وما بعد ثورة ٣٠ يونيو، وهو ما ستشير إليه الباحثة لاحقاً عند عرض مجمل وأهم الكتابات الصينية الأكاديمية المتخصصة حول مصر ما بعد ثورة (٣٠ يونيو) وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى)، ثم تحليل الآخرين لها من وجهة نظر مغايرة، لابد لنا من الإطلاع عليها.
وحتى لا يتهمنى البعض بعدم المصداقية الأكاديمية – وهذا أمر آثرت أن أطرحه فى البداية كخبرة شخصية لى ثم أكاديمية وأخيراً سياسية على التوالى – بشأن أسباب دعم الصين الفعلية للرئيس (السيسى) وثورة (٣٠ يونيو) و (تأييد الصين المعلن كما سأوضح ذلك لاحقاً لسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وتأييد الصين رسمياً وصفها بالإرهابية)، فهو ما أتذكره جيداً – كخبرة شخصية لى – سؤالاً وجهته لأحد الشباب الصينى المسلم ومن باب الدعابة، عن الجانب الذى من شأنه أن يدعم (الدينى أم الوطنى) إذا ما اندلع صراع بين بلد إسلامى والصين….. بقى هذا الشاب صامتاً لبرهة، وقد تسبب لى هذا الصمت فى فضول وقلق كبيرين فى الوقت ذاته، حول إذا ما وضعت (المصلحة الدينية) فوق (المصلحة الوطنية) لهذه الأقليات المسلمة فى الصين فأيهما تختار؟
وهذا ما ينقلنى فوراً من مرحلة (الخبرة الشخصية) إلى (الأكاديمية والسياسية) بشأن: (أسباب تأييد الصين لإسقاط حكم الإخوان المسلمين فى مصر وتأييدهم للرئيس السيسى)؟ وما إذا كان الصين تعتقد أن (أمنها) حتماً فى خطر عندما وصلت جماعة (الإخوان المسلمين) إلى الحكم فى مصر؟…. ولعل هذا هو (التحدى الحقيقى) الذى واجه الصين بشأن إمتدادات جماعة (الإخوان المسلمين) بمنطقتها الإقليمية وداخل بيئتها الداخلية، بما يمكن أن يسبب لها عدم إستقرار بعد ذلك. لذا، فقد درست الصين وباحثوها خلال تلك الفترة كل ما يتعلق بالإخوان، علاقاتهم، تقاطعاتهم، تشابكاتهم وخلافه، حمايةً لأمنها الداخلى والإقليمى بالأساس، ثم حمايةً لمصالحها الإقتصادية حول العالم.
مع تأكيد الباحثة وفقاً لتخصصى فى هذا الملف الصينى، بأن الصين بعد ثورة (٣٠ يونيو) فى مصر، ومجئ الرئيس (السيسى وإسقاط حكم الإخوان المسلمين)، قد باتت أكثر توجهاً وإهتماماً بالقاهرة، لدراسة (مصادر المخاطر المحتملة من حكم الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية فى مصر والمنطقة، وكيف يمكن تحديد مكامنها ومخاطرها والإنتصار عليها بالإستناد إلى الرؤية المصرية وخبرة الرئيس السيسى؟) و (هل مصر تؤسس لحكم علمانى ودولة علمانية بعد إسقاط حكم الإخوان؟)، وهو ما إتضح (فعلياً) فى عدد من التقارير (الرسمية الصينية المنشورة) بعد ثورة ٣٠ يونيو، والتى حملت عناوين كبيرة تحوى هذا الإطار بالفعل.
فكان أول (سؤال شخصى) قد وجه لى من الصينيين: ما هى أكثر سمة أو صفة تجذبك فى (الرئيس السيسى) بصفته الحاكم الجديد فى البلاد؟، وأنا إبتمست وأكدت أن أهم صفة بالنسبة لى لتأسيس بداية حكمه فى مصر هى صفة (رجل المخابرات) وبعدها سوف يأتى كل شئ! وأنا شخصياً قد كتبت مقال قديم ونشرته فعلياً فى نهاية عام 2014، بعنوان: “كيف تنظر الصين إلى السيسى رجل المخابرات؟”. لذا، فأتذكر أنه عند زيارة الرئيس (السيسى) إلى الصين فى أول زيارة له إليها بعد ثورة (30 يونيو)، جاءت متابعتى الدقيقة لتغطيات الصحافة الصينية، ومسئوليها، وتركيزها الكامل على (النقاط الأربع) الآتية:
- التركيز بوضوح إعلامياً على مقولة الرئيس (السيسى) للصينيين: “أدعوكم للعمل معنا”.
- إبراز دعوة الرئيس (السيسى) للصينيين (حرفياً)، عندما دعا الشعب الصينى إلى وضع إيديه فى إيدى الشعب المصرى. وهو ما إتضح لاحقاً، وحتى الآن فى فترة إنتشار جائحة كورونا، وما تبناه الطرفان المصرى والصينى من تقديم كافة عوامل الدعم والمساندة لبعضهم البعض.
- تغطية الإعلام الصينى لمقولة “ووسيكه” المبعوث الصينى السابق لعملية السلام: “مصر تعود للإستقرار الكامل تحت حكم السيسى“.
- تغطيات الوكالات الصحفية الصينية لكلمة المتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية “تشين قانغ” حول “أهمية زيارة الرئيس السيسى إلى بكين” فى المؤتمر الصحفى الذى عقده وقال فيه (حرفياً): “أن الصين تعتبر مصر دولة ذات نفوذ وثقل كبير فى منطقة الشرق الأوسط، وأنها تنظر بإعجاب شديد للخطوات المتقدمة التى قامت بها مصر فى (عملية تحولها السياسى) فى عهد الرئيس (السيسى) وما بعد 30 يونيو”.
وبناءاً على الخبرة السابقة، وجهت الصين عدداً من باحثيها بالفعل لزيارة القاهرة، وألتقيت ببعضاً منهم، لدراسة تأثير وحجم التغيرات الحادثة فى القاهرة بعد رحيل الإخوان، حرصاً منها على “تنويع مصادر التحليلات السياسية” التى تصل إليها سواء من داخل الحكومة أو من خارجها للوقوف على حجم التغيرات فى مصر والمنطقة، من خلال تشكيل ما يعرف بـــ “لجان العمل القيادية المصغرة” والتى تضم خبراء إستراتيجيين صينيين لتحليل الوضع العام فى مصر ومدى تأثيره على مصالح الصين، كما لعب (القسم الجديد للتخطيط المتطور) التابع مباشرةً لإشراف وزارة الخارجية الصينية دوراً بارزاً كأحد مصادر التحليل السياسى بالنسبة للرئيس الصينى (شى جين بينغ) وقيادات (الحزب الشيوعى الحاكم) فى بكين خلال تلك الفترة.
ومن هنا، شارك عدد كبير من الدارسين والمحللين السياسيين الصينيين بعد ثورة (30 يونيو) فى مجموعات بحثية مشتركة من أجل كتابة التقديرات والتحليلات حول الإتجاهات الإقليمية والدولية السائدة، والتى طرحها محللى الصين وأكاديمييها إلى قاداتهم فى البلاد فى قالب من (الخيارات السياسية المستقبلية) نحو القاهرة. وتمخض عنها لاحقاً عدد من الكتابات والتحليلات الصادرة عن مراكز فكر صينية لدراسة حجم التغيرات فى العلاقات بين مصر والصين، خاصةً من الناحية الإقتصادية، كما سيتضح لاحقاً خلال تناولى لملف كتابات مراكز الفكر الغربية والأمريكية بل والإسرائيلية لعلاقات مصر مع بكين بعد (ثورة 30 يونيو)، وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى).
- وللتسهيل على الجميع فإن أهم العناصر التى ستتناولها الباحثة بالترتيب، هى كالآتى:
- أولاً: تتبع الباحثة لتغطيات وسائل الإعلام والصحافة الرسمية فى الصين، وأهم عناوينها عن (مصر فى عهد الرئيس “السيسى” وثورة “٣٠ يونيو”)
- ثانياً: تتبع الباحثة لأهم أبحاث وتحليلات مراكز الفكر الصينية، والأكاديميين والباحثين الصينيين، وأهم عناوينها عن (مصر ما بعد ثورة ٣٠ يونيو والرئيس السيسى)
- ثالثاً: تتبع الباحثة لأهم الأبحاث والتحليلات الصينية ومراكزها الفكرية، ولقاءات مع باحثى ملف تيارات (الإسلام السياسى) فى الصين، ورؤيتهم جميعاً لسقوط حكم (الإخوان المسلمين) فى مصر، ودلالات وصفها بالجماعة (الإرهابية)
- رابعاً: تناول الباحثة لتحليلات مراكز الفكر (الغربية والأمريكية) بشأن وجهة نظر الصين فى مصر والرئيس (السيسى ما بعد ثورة ٣٠ يونيو)
- خامساً: تناول الباحثة لتحليلات مراكز الفكر (الإسرائيلية) والمحللين الإسرائيليين بشأن وجهة نظر الصين فى مصر والرئيس (السيسى ما بعد ثورة ٣٠ يونيو)
- سادساً: تناول الباحثة لأوجه التشابه والإختلاف ما بين (الثورة الصينية عام ١٩٤٩) وثورة (٣٠ يونيو) فى مصر (رؤية تحليلية جديدة للباحثة)
- أولاً: تتبع الباحثة لتغطيات وسائل الإعلام والصحافة الرسمية فى الصين، وأهم عناوينها عن (مصر فى عهد الرئيس “السيسى” وثورة “٣٠ يونيو”)
من خلال تتبع آراء معظم الصحف الصينية الرسمية حول مصر والرئيس (السيسى بعد ثورة ٣٠ يونيو)، سأقوم هنا بإستعراض مجموعة مختارة لأهم التعليقات والتحليلات السياسية الصادرة من كبرى الصحف ووكالات الأنباء الصينية الرسمية، منها: صحيفة الشعب الصينية اليومية، وكالة أنباء Sina، صحيفة جلوبال تايمز، صحيفة تشن منغ، صحيفة “تشاينا ديلى”، شبكة أخبار الصين، وكالة أنباء شينخوا، بشأن (مصر فى عهد الرئيس السيسى بعد ثورة ٣٠ يونيو)، ثم تعليقى عليها إجمالاً بشكل مختصر. ويمكن هنا، إجمال أبرز عناوين وتغطيات الصحف والإعلام الصينى للشأن المصرى بعد (٣٠ يونيو) وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى)، كالآتى:
- مقال (باى تيان تيان) Bai Tiantian بعنوان: “الرئيس الصينى يهنئ السيسى على فوزه بالإنتخابات“، منشور فى صحيفة “جلوبال تايمز” الصينيةThe Global Times ووكالة أنباء “شينخوا” Xinhua بتاريخ 5 يونيو 2014.
- تركيز (التقارير الإعلامية والرسمية الصينية) على عبارة فى مقال (باى تيان تيان) Bai Tiantian بعنوان: “تلميحات السيسى على الحكم العلمانى فى مصر“، منشورة فى صحيفة “جلوبال تايمز” الصينيةThe Global Times بتاريخ 5 يونيو 2014.
- تقرير منشور، بعنوان: “ما حدث فى مصر يوفر لنا درساً لنا جميعاً“. منشور فى صحيفة “جلوبال تايمز” الصينيةThe Global Times بتاريخ 5 يوليو 2013. لتحليل أسباب ما حدث فى مصر، وكيف تتجنبه الصين تحقيقاً للإستقرار.
- تقرير (منشور) فى صحيفة “تشاينا ديلى” الصينية China Daily ووكالة أنباء “شينخوا” Xinhua فى بعنوان: ” زيادة إستثمارات الصين فى مصر بنسبة 60٪”، بتاريخ 22 إبريل 2013.
- كانت أهم التعليقات الصادرة باللغة الصينية عن صحيفة “الشعب الصينية اليومية” People’s Daily of China بشأن زيارة الرئيس (السيسى) إلى بكين، بأن السؤال الأساسى فى هذه المرحلة يتمثل فى كون الصين فى حاجة لكسب (موطئ قدم) فى منطقة الشرق الأوسط من خلال علاقاتها مع مصر. ودعت الصحيفة الصينية إلى ضرورة الوصول إلى أكبر عدد من الإتفاقيات التجارية التفضيلية بين الجانبين.
- مقال (صن يون) Sun Yun بعنوان: “بما أن أمريكا تتمحور حول الشرق، فإن الصين تسير بإتجاه الغرب”، منشور فى صحيفة “تشاينا ديلى” الصينية China Daily والموقع http://Chinadailymail.com بتاريخ 11 فبراير 2013. وربما هذا المقال فكرته (غير مباشرة) تربط بالجانب المصرى، نظراً لحديثه عن قدرة الصين على (تفكيك تحالفات أمريكا) فى منطقة الشرق الأوسط، ومنها مصر ولكن إقتصادياً، مع التأكيد فى الوقت ذاته على أن الصين يمكن أن تتعاون مع الشرق الأوسط من خلال مشاريعها فى أوروبا والغرب، مما يضمن لها دخول أفضل لأسواق المنطقة.
- ويمكن هنا متابعة أحاديث عديدة للسيد وزير الخارجية الصينى السابق/ يانغ جيتشى Yang Jiechi ووزير الخارجية الحالى/ وانغ يى Wang Yi مع وكالة أنباء “شينخوا” Xinhua والتليفزيون الرسمى الصينى (سى سى تى فى) CCTV حول التعاون بين الصين ومصر وأفريقيا والدول العربية والوضع فى غرب آسيا وشمال أفريقيا. تجدها على الموقع الإلكترونى لمنتدى وزارة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية حول (التعاون الصينى الأفريقى “فوكاك”)، على موقعهم الرسمى: focac.org
وبنظرة إجمالية على أهم ما تناولته معظم التقارير الإعلامية الصينية السابقة عن مصر والرئيس (السيسى) بعد ثورة (30 يونيو)، والتى تناولت الشان المصرى وعلاقات القاهرة مع بكين بعد ثورة (30 يونيو) فى مصر، وخلال فترة الرئيس (السيسى)، فيمكن إبراز (دلالة إشارة الصحف الصينية الرسمية) عند زيارة الرئيس (السيسى) إلى الصين فى ديسمبر 2014، للمثل العربى القائل: “الصديق قبل الطريق“، والذى يقابله المثل الصينى بأن: “الفهم المتبادل كنز ثمين للأصدقاء”. وإنطلاقاً من هذا سيواصل البلدان الصديقان (الصين ومصر) بذل جهود دؤوبة لتحقيق المزيد من التطلعات والآمال المشتركة فى التنمية وتوسيع آفاق التعاون بينهما وكتابة فصل أكثر عمقاً فى علاقاتهما الإستراتيجية الشاملة. وتعد (الروابط الإقتصادية) مقوماً هاماً، وتقوم فى جوهرها على (تبادل المنفعة) بين الجانبين. وأجمعت التقارير الإعلامية الصينية على أن التعاون الصينى – المصرى فد إكتسب متانة فى ظل الزيارات التى قام بها الرئيس المصرى (عبد الفتاح السيسى) للصين، وما تلاه من إنطلاقة ملموسة ومتميزة منذ أن وقعت الصين ومصر مذكرة تفاهم بشأن بناء (الحزام والطريق) فى يناير 2016، خلال الزيارة التى قام بها الرئيس الصينى (شى جين بينغ) لمصر ودخلت معها العلاقات الصينية المصرية مرحلة جديدة من تعزيز التفاعل والتعاون.
- ثانياً: تتبع الباحثة لأهم أبحاث وتحليلات مراكز الفكر الصينية، والأكاديميين والباحثين الصينيين، وأهم عناوينها عن (مصر ما بعد ثورة ٣٠ يونيو والرئيس السيسى)
حاولت الباحثة أن تجمل أهم الكتابات الصينية الصادرة على شكل كتب أو تحليلات علمية من مراكز فكرية متخصصة، خاصةً تلك التى تناولت الشأن المصرى، وعلاقات مصر مع الصين بعد ثورة (30 يونيو) فى مصر، وعلاقات الرئيس (السيسى) مع نظيره الصينى (شى جين بينغ)، ونتائج توقيع إتفاقية (الشراكة الإستراتيجية) بين الجانبين فى ديسمبر ٢٠١٤. حيث جاءت معظم الكتابات الصينية – من مصادرها الأصلية – بالتركيز على الجوانب الإقتصادية للعلاقات المصرية – الصينية، مع إلتزام الجانب الصينى فى الوقت ذاته بمبدأ (عدم التدخل بالشئون السياسية)، على عكس التركيز الغربى الضاغط لتحقيق المعايير الليبرالية والديمقراطية، لذلك نافست الصين على مشاريع ضخمة بإستثمارات مباشرة وغير مباشرة، وبقروض كبيرة ميسرة، وبمشاريع كبيرة فى كافة المجالات. ويمكن إجمالاً تتبع أبرز الكتابات الصينية بعد ثورة (٣٠ يونيو) وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى)، كالآتى:
- مقال بروفيسورى الصينى فى جامعة بكين بالصين (الدكتور/ وو بينغ بينغ) Wu Bingbing بعنوان: “التغيير فى الشرق الأوسط: حالة مصر”، تعقيباً على زيارة الرئيس (السيسى) إلى الصين، وزيارة الرئيس الصينى (شى جين بينغ) إلى القاهرة، والمنشور فى مجلة دراسات (الشرق الأوسط والإسلام) باللغة الصينية، على موقعهم الرسمى: http://mideast.shisu.edu.cn/ وتناول فيه دلالة أن مصر بعد الثورة أضحت ذات إرادة وتصميم على مواصلة خارجية مستقلة. ونقل البروفيسور الصينى، وجهة نظر الصحافة المصرية فى الرئيس (السيسى) الذى بات يدعو دوماً المصريين بأنهم الآن أضحوا فى حاجة ليس للشعارات ولكن للتعلم من تجارب التنمية فى البلدان الناشئة فى مرحلة مماثلة من التنمية معهم. كما أشار بروفيسورى الصينى إلى (المرحلة الإنتقالية) التى تمر بها مصر إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً، وغيرها. مختتماً حديثه، بأن مصر فى حاجة إلى الصين من أجل نجاح عملية التحول والتغيير الحادثة فى مصر.
- مقال (وانغ جيسى) Wang Jisi بعنوان: “إعادة التوازن إلى الإستراتيجية الجيوسياسية للصين”، منشور فى موقع مقالات الرأى الصينى (خوان تشيو) huanqiu والموقع http://opinion.huanqiu.com بتاريخ 11 يونيو 2014. حيث يؤكد أن علاقات الصين مع مصر القوية فى المنطقة يدعم النفوذ الصينى هناك.
- دراسة الباحث الصينى (داى شياو تشينغ) Dài xiǎo qīng بعنوان: “مصر: المحور الشرقى لــ “الحزام والطريق“، والمنشورة فى مجلة جامعة (داتشينغ)، المجلد (36). Journal of Daqing Normal University ص 51-55 (باللغة الصينية). ويؤكد الباحث (داى) فى دراسته، بأنه مع بداية عهد الزعيم الصينى الراحل (دينغ شياو بينغ) فى عام 1978، تجنبت الصين إلى حد ما (النظرة الأيديولوجية كأساس لعلاقاتها الخارجية)، لتدشن نهجاً فى سياستها الخارجية أكثر مرونة، يسمح بإقامة علاقات الدولة الصينية، بناءاً على الفرص التجارية والإقتصادية من أجل دعم برنامج التحديث الهائل فى الصين، وهو ما إتضح من خلال ترحيب مصر بالإنضمام لمبادرة (الحزام والطريق) التى أطلقها الرئيس الصينى (شى جين بينغ)، والتى تخلق فرصاً واعدة للصين فى المنطقة.
- كتاب الباحث الصينى (خوان تشين) Juan Chen فى عام 2018 عن مصر فى عهد الرئيس (السيسى)، وهو زميل ما بعد الدكتوراه من معهد الدراسات الدولية، جامعة فودان بشنغهاى Fudan University, Shanghai بعنوان: “التآزر الإستراتيجى بين (رؤية 2030) فى مصر ومبادرة (الحزام والطريق) الصينية”. وتم تمويل هذه الورقة من خلال (برنامج الشباب السنوى للصندوق الوطنى للفلسفة والعلوم الإجتماعية فى الصين) The Annual Youth Program of National Philosophy and Social Science Fund of China وأهم النقاط التى تناولها الباحث (خوان تشين) فى كتابه، كانت عن التنمية الإقتصادية بالأساس فى عهد الرئيس (السيسى) بالتعاون مع الصين، من خلال:
- تأكيد الباحث الصينى أن مبادرة الصين “حزام واحد وطريق واحد” لديها تعاون إستراتيجى قوى مع “رؤية 2030” فى مصر، وناقش الباحث الصينى أولاً، ماذا حدث فى مصر بعد الإضطراب القومى المصرى الناجم عن “الربيع العربى“؟. وتحدث الباحث “خوان تشين” عن الرئيس المصرى (عبد الفتاح السيسى)، مؤكداً إعجابه به.
- وذكر (خوان تشين) (حرفياً) فى كتابه: “بدأ الرئيس السيسى خطط (الإنتعاش الإقتصادى) فى عام 2014 وتبنى “رؤية 2030” فى عام 2016″.
- كما ذكر بأن “رؤية 2030” فى عهد الرئيس (السيسى) شملت إنجازه للعديد من مشاريع البنية التحتية الكبيرة، وكانت الصين حاضرة فى معظم مشاريع “السيسى” من خلال الإستثمار فى البنية التحتية المصرية برعاية مبادرتها “حزام واحد وطريق واحد” لتوفير منصات تمويل متنوعة، خاصةً لمشاريع إنشاء البنية التحتية فى الدول الواقعة على طول طرق الحزام والطريق BRI وفى مقدمتها مصر.
- مؤكداً على تمتع الصين بمزايا نسبية فى السوق المصرية، نظراً لإمتلاك مصر سوقاً واسعاً وإمكانات تنموية توفر مساحة للتعاون وفرص لتآزر الإستراتيجيات الثنائية. فى حين أن مصر لديها سوق واسع وإمكانات تنموية توفر مساحة للتعاون وفرص لتآزر الاستراتيجيات الثنائية.
- وفى (الجزء الثالث) من أطروحته البحثية تحدث (خوان) عن العلاقات السياسية بين مصر والصين فى إطار مبادرة الحزام والطريق، وعنوانه: الصين تلتزم بمبدأ “إقامة العدل مع المصالح” وتدعم مفهوم “التشاور وبناء المشاركة“، ومن هنا، فإن مساعدتها وتعاونها مع مصر بدون شروط سياسية يكسبها الإعتراف والثقة من الجانب المصرى.
- وتناول الكتاب الصينى فى (الجزء الرابع)، عنوان: مصر الآن تتبنى سياسة خارجية شعارها (إنظر إلى الشرق). لذلك، هناك تقارب بين كلتا الإستراتيجيتين المصرية والصينية فى العديد من الجوانب.
- وخلص الباحث الصينى فى كتابه، إلى أنه يعتقد أن كلا الرئيسين (السيسى وشى جين بينغ) يمكنهما إيجاد (حل مربح للجانبين) من خلال التفاوض الصادق بحسن نية. وبالتالى، فلا يوجد أساس واقعى للمخاوف من التعاون بين الصين ومصر، وتلك الإتهامات الأمريكية والغربية بأن ذلك قد يخلق “فخ الديون“، لأن مشاريع التعاون بين الجانبين موجهة نحو السوق بالأساس، كما أن كمية كبيرة من الإستثمارات والقروض متوسطة إلى طويلة المدى بمخاطر منخفضة نسبياً، بما يكفى لتحقيق التنمية الإقتصادية فى مصر فى عهد (السيسى)، فضلاً عن إشادة الباحث بقدرة مصر على سداد القروض.
- دراسة الباحث الصينى (دينغ فينغ) 丁枫 Dīng fēng، والمنشورة عام (2016)، عن: “دراسة مسار التعاون الصناعى بين الصين ومصر بناءً على “حزام واحد وطريق واحد”، مجلة إصلاح النظام الإقتصادى Reform of Economic System، رقم (5). (باللغة الصينية).
- دراسة الباحث الصينى (دوان جى تشيانغ) Duàn zhìqiáng 段志强 فى عام 2015، بعنوان: التعاون الإقتصادى والتجارى الصينى – المصرى من منظور “حزام واحد ومبادرة طريق واحد”، مجلة التحقيق فى القضايا الإقتصادية Inquiry into Economic Issues، رقم (6)، ص 92-96 (بالصينية).
- دراسة الباحث الصينى (جاو شى تونغ) Gāoshì tōng 高士通 فى عام 2016، بعنوان: مصر وأصحاب المصالح العرب ومبادرة الحزام والطريق الصينية، مجلة العلاقات الدولية Journal of International Relations، العدد (6)، ص 59– 77 (بالصينية).
- دراسة (ما شياو سونغ) Mǎ Xiao Sòng 马小宋 والمنشورة عام 2016، عن: “الصين – مصر التعاون الإقتصادى والتجارى بمنطقة قناة السويس: الواحة الجديدة على الحزام الطريق”، مجلة غرب آسيا وأفريقياjournal West Asia and Africa، رقم 2، ص 109-126 (بالصينية).
- دراسة الباحث الصينى (شو فينغ يى) Xú fèngyí 徐凤仪 فى ديسمبر 2016، بعنوان: “النمو الإقتصادى والإستثمار الأجنبى المباشر والخصخصة فى مصر والصين: النتائج الأولية“، مختارات مجلة الأعمال والإقتصاد العالمية Global Business & Economics Anthology Journal المجلد (2)، ص 138-159. (بالصينية).
- دراسة (تونغ فينغ) Tóng fēng 童峰 فى عام (2016)، عن: “التعاون الإقتصادى والتجارى الصينى المصرى فى إطار مبادرة “حزام واحد وطريق واحد“، مجلة التعاون الإقتصادى الدولى Journal of International Economic Cooperation، العدد (12)، ص 20- 2. (بالصينية).
- دراسة الباحث الصينى (يو جيه) Yú jiān 于坚 والمنشورة فى عام 2016، بعنوان “ستون عاماً من العلاقات الصينية المصرية: نظرة إلى الوراء والتوقعات“، مجلة دراسات العالم العربى، العدد (5)، ص 3-16 (بالصينية).
- دراسة الباحث الصينى (جاو تيى) Zhao J Zhào jié 赵洁، المنشورة فى عام 2016، بعنوان: “تطوير مصر الإستراتيجية ومبادرة الحزام والطريق“، دراسات العالم العربى، العدد (3) ، ص 75-89 (بالصينية).
ويمكن هنا إجمال معظم هذه الأفكار نظراً لتشابهها، والتى تناولتها كتابات الباحثين والمحللين الصينيين المشار إليهم عن علاقات مصر بالصين بالتركيز على (المحور الإقتصادى) أساساً – مع تركيز الباحثة بالأساس على تتبع كتابات الصينيين ما بعد ثورة (30 يونيو) وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى) للوقوف على كافة الرؤى من وجهة نظر صينية بحتة – وتعدد الكتابات الصينية عموماً فى مجملها، أهم نقاط التلاقى بين (رؤية مصر 2030)، وهى تلك الرؤية التنموية المتوافقة مع الأجندة التنموية للأمم المتحدة، ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية. علاوة على ذلك، فهناك تأكيد صينى إلى أن تعزيز مصر لعلاقاتها مع الصين يشجع على النمط السلمى فى التعاون الدولى لتحقيق أقصى إستفادة من مبادرة “الحزام والطريق” التى أطلقها الرئيس (شى جين بينغ) عام 2013، وكانت مصر من أوائل الدول التى أعلنت مساندتها ومشاركتها فى هذه المبادرة الصينية. مع تأكيد جميع الكتابات الصينية السابقة، على أن الصين ومصر تسعيان لتعزيز الربط بين (إستراتيجيات التنمية) فى بلديهما، وتعميق وتوسيع التعاون العملى، وبناء علاقات ثنائية تكون نموذجاً يحتذى به لبناء (مجتمع ذى مستقبل مشترك) بين الصين وأفريقيا تحت القيادة المصرية، بإعتبار أن مصر دولة أفريقية كبيرة وعضو فعال وبارز فى منتدى (التعاون الصينى – الأفريقى) “فوكاك“، فضلاً عن كون مصر ممر مهم للتجارة والنفاذ إلى الأسواق الأفريقية.
- ثالثاً: تتبع الباحثة لأهم الأبحاث والتحليلات الصينية ومراكزها الفكرية، ولقاءات مع باحثى ملف تيارات (الإسلام السياسى) فى الصين، ورؤيتهم جميعاً لسقوط حكم (الإخوان المسلمين) فى مصر، ودلالات وصفها بالجماعة (الإرهابية)
جاء إهتمام الباحثة المصرية منذ فترة بتتبع جميع وسائل الإعلام والصحافة الصينية (الرسمية)، ومعرفة كل ما يصدر منها تجاه حظر جماعة “الإخوان المسلمين” من مصر، ووصفها بالإرهابية. وبحكم قربى الشديد من الصينيين، وحرص الجانب الصينى (الرسمى) على موافاتى (يومياً) بأهم الأخبار والتحليلات بل وأهم إصدرات الكتب العالمية التى أحرص على قراءاتها، والتى تعكس بالأساس وجهة نظر الصين (الرسمية) تجاه مصر ودول المنطقة والعالم كى أنقلها للجانب المصرى والعربى من خلال كتاباتى وتعليقاتى.
وبحكم قربى من الملف الصينى، تكمن ملاحظتى بأنه قبل ثورة (30 يونيو) وخلال فترة الإخوان المسلمين، وجهت الجامعات ومراكز الفكر الصينية المتخصصة مدفوعة من صانع القرار بالدفع بالمجاميع العلمية الصينية عموماً، والباحثين الصينيين المعنيين بقضايا الإسلام السياسى على وجه الخصوص، لإطلاق برامج بحث علمية همها الرئيسى فهم ديناميات الإسلام السياسى، ومسارات الحركات الإسلامية التى تعج بها المجتمعات الإسلامية، عربية وغيرها.
ولعل خلاصة تجربتى التى أنقلها لكم، هو أن أهم الكتابات الصينية بإختصار التى تعكس (وجهة نظر الصين الرسمية تجاه سقوط جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بالإرهابية)، قد إنحصرت بالأساس تجاه أمران:
- الأمر الأول: رؤية باحثى الصين فى ملف الإسلام السياسى لسقوط جماعة (الإخوان المسلمين) ووصفها بالإرهابية وتداعياته على الصين والمنطقة والعالم.
- والأمر الثانى: رؤية الصين تجاه علاقة واشنطن بالتيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة (الإخوان المسلمين)، وبحث أسباب (التحفظ الأمريكى) حول وصفها بــ (الإرهابية)، وهذا ما يتضح – بشكل مختصر – من خلال الكتابات الصينية الآتية:
- فى لقاء معه، أشار “دونغ مان يوان”، نائب مدير (معهد الصين للدراسات الدولية)،بأن جماعة (الإخوان المسلمين) فى مصر بات يُنظر لها على أنها خطر يهدد الجميع، كما أن تضمين جماعة (الإخوان المسلمين) فى مصر ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية يأتى من ناحية على خلفية قلقها إزاء التواصل الإيديولوجى بين الإخوان وتنظيم القاعدة، وكذا التقارب الذى حدث بين الإخوان وإيران إبان عهد “محمد مرسى“. وذكر “دونغ” أنه فى أعقاب صدور القرار السعودى بوصف الإخوان كجماعة إرهابية، فإن ذلك قد شكل تحدى أكبر أمامهم، إلا أنه من غير المرجح وفقاً للبروفيسور (دونغ) أن تغير جماعة الإخوان المسلمين توجهاتها وإستراتيجيتها فى التخلص من العنف للتعاطى مع الأحداث والتعامل مع الواقع، مضيفاً أن هذا السقوط المدى لجماعة (الإخوان المسلمين) فى مصر قد دفعها إلى إنتهاج (العمل السرى والعنيف) لتصبح أكثر تطرفاً، ومن ثم ما زالت مصر والمنطقة تواجه ضغوطاً كبيرة فى مكافحة الإرهاب.
- بينما يرى (تشيوى شينغ)، مدير (معهد الصين للدراسات الدولية)، فى لقاء آخر معه، بأن نشاط تنظيم الأخوان يمتد فى مختلف أقطار الشرق الأوسط، ومن ثم يستلزم ذلك التنسيق والتعاون بين مصر ودول المنطقة لمكافحة آفة الإرهاب التى تتطلب تكاتف وتضافر جهود الجميع فى مواجهتها.
- فى هذا الصدد، أكد “يه هاى لين”، الخبير الصينى فى مكافحة الإرهاب بـ “الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية”، أن قرار العديد من الدول الإقليمية كالسعودية والإمارات بالأساس تلاها لاحقاً بعض القوى الغربية، بالتنسيق مع الرئيس (السيسى) وإدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية، سوف يترك آثاراً كبيرة على الجماعة، إذ أنه سيقلل من حجم التعاطف معها علاوة على أنه سيرفع عنها الدعم الخارجى.
- جاءت تغطية صحيفة “الصين اليومية” China Daily الرسمية الصينية يوم الخميس الموافق 9 مايو 2019، وإفرادها مساحة كاملة لإتجاه تفكير الإدارة الأمريكية تحت قيادة الرئيس “ترامب” بإستصدار قرار بحظر جماعة (الإخوان المسلمين)، وإعتبارها “جماعة إرهابية“، مع تحليل واف للصحيفة الصينية بأنه بعد حوالى ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس المصرى (عبد الفتاح السيسى) إلى واشنطن ومحادثاته مع (ترامب)، أعلن البيت الأبيض بعدها بفترة وجيزة إن الرئيس الأمريكى يعمل على وصف جماعة (الإخوان المسلمين) بأنها (منظمة إرهابية). كما حللت الصحيفة الصينية الرسمية ترحيب مصر وحلفاؤها فى منطقة الخليج بخطة – أو قل نية وفق تصورى – الولايات المتحدة، بما فى ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتى دعمت إلى حد كبير طرد الجيش المصرى لرئيس جماعة الإخوان المسلمين السابق محمد مرسى فى يوليو 2013، وفقاً للتعبير الدقيق للصحيفة الصينية. كما أبرزت صحيفة China Daily الرسمية الصينية الإحتجاجات الجماهيرية ضد حكم الإخوان المسلمين، وإدراج السلطات المصرية المجموعة على القائمة السوداء نزولاً على رغبة الشارع المصرى.
- وفى تحليل آخر لصحيفة South China Morning Post “جنوب الصين الصباحية” الرسمية واسعة الإنتشار، بتاريخ 6 مايو 2014، وإفرادها لتحليل كامل، بعنوان: “الإخوان المسلمون “إنتهوا” فى مصر، كما يقول المرشح الرئاسى السيسىMuslim Brotherhood ‘finished’ in Egypt, says presidential candidate El-Sisi 总统候选人El-Sisi说,穆斯林兄弟会在埃及结束了 حيث أبرزت صحيفة “جنوب الصين” كلمة الرئيس “عبد الفتاح السيسى” بأن “جماعة الإخوان المسلمين قد “إنتهت” فى مصر وإنها لن تعود إذا تم إنتخابه. كما أبرزت الصحيفة الصينية مقولة “السيسى” فى أول مقابلة تلفزيونية له منذ أن أعلن ترشيحه عندما سئل عما إذا كان “الإخوان” قد “إنتهوا”، فأجاب: “لم أنته من ذلك… لقد انتهيت من ذلك يا مصريين”…. وفقاً للتعبير الحرفى الصينى الذى أوردته الصحيفة الصينية “Wǒ méiyǒu wánchéng tā…… Wǒ wánchéngle tā, āijí rén” “我没有完成它……我完成了它,埃及人” والأخطر لدى الباحثة المصرية، هو إبراز صحيفة “جنوب الصين” لكلمة “السيسى” عندما سئل عما إذا كان يقول إن جماعة الإخوان لن تكون موجودة تحت رئاسته، أجاب: “نعم”…. وبذلك أكدت الصحيفة الصينية بأن “تصريحات السيسى قد إستبعدت أى فرص لأى نوع من المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين الإسلامية المدرجة فى القائمة السوداء”.
- وفى ربط شديد الأهمية لدى الباحثة التى تابعت صداه حينها فى الصحافة الرسمية ووسائل الإعلام الصينية بتاريخ 19 ديسمبر 2018، وعندما تم بث فيديو لعمل لقاء مع أحد “الأكاديميين الصينيين المنتمين لحركة الإيغور الإسلامية” فى مقابلته مع تليفزيون “ميمرى” Memri T.V الممول والمدعوم من قبل الإخوان المسلمين، لذلك، فكان هناك (خطاب يكاد يكون موحد بالنسبة لتناول الإعلام الصينى الرسمى لهذا الموضوع، واصفين جميعاً جماعة الإخوان المسلمين ودعاياتها، وقنواتها الإعلامية بــ (الإرهابية). مع ترحيب عدد من الصحف “الرسمية” الصينية لوصف الرئيس “السيسى” لجماعة الإخوان بــ “الإرهابية” حيث أنها تسبب إضطرابات فى الداخل الصينى.
- وفى مقال خطير – ومختلف فى الوقت ذاته – قرأته الباحثة المصرية بالصينية يوم 5 أغسطس 2018، لمدونة باحث صينى يدعى “شى شوان جون” Xi Xuanjun习选军 على موقع التدوين الصينى الشهير “بو شون” boxun.com بعنوان: من هم جماعة الإخوان المسلمين؟…. من يغسل أدمغة الإخوان المسلمين؟ 谁是穆斯林兄弟会?……谁在洗穆斯林兄弟会的大脑? Shéi shì mùsīlín xiōngdì huì?…… Shéi zài xǐ mùsīlín xiōngdì huì de dànǎo? حيث أكد الباحث الصينى “شى شوان جون” بأن “الإخوان المسلمين” وفقاً لـ “نظرية غسل دماغ” يشبهون نهج قائد تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن)، ومن هنا فإن “الإخوان المسلمين” هى “جماعة إهاربية متطرفة”. والأهم لدى الباحثة، هو ما أكده الباحث “شى” (حرفياً) – بدون أى تحريف فى الترجمة من قبل الباحثة المصرية – من أنه يجب تضافر جهود الصين مع العالم من أجل القضاء نهائياً على المنظمات الإرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين بسبب نهجها العنيف، والذى يشبه “النهج النازى”. ولعل أهم ما إستوقف الباحثة المصرية فى التحليل المختلف للباحث الصينى – هو ربطه بين “نهضة الصين” و “تاريخ الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين” وبين “ضرورة الإبادة لجماعة الإخوان الإرهابية” حتى تحافظ الصين على نهضتها، ويحافظ الحزب الشيوعى على تاريخه وتقدمه – ولعلها كانت وجهة نظر مختلفة من داخل الصين قرأتها الباحثة وأطلعت عليها، وكان لابد من التعرف عليها ونقلها فى مجتمعاتنا العربية.
- وفى تحليل حديث لباحث صينى إسمه “جو مى لين” Zou Meilin بالصينية على الموقع الصينى “تساو باو” zaobao.com.sg بتاريخ 5 مايو 2019، بعنوان: (وسائل الإعلام الأمريكية: تعتبر الولايات المتحدة جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية). حيث أورد الباحث الصينى بأن عدد من وسائل الإعلام الأمريكية قد أفادت فى 30 إبريل 2019، بأن الحكومة الأمريكية تدرس إدراج جماعة الإخوان المسلمين المصرية كمنظمة إرهابية. وأكد الباحث “جو” تحليله بأن القرار الأمريكى بحظر جماعة الإخوان المسلمين، جاء بعد تقديم الرئيس المصرى “السيسى” طلباً لترامب لإدراج جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية عندما زار البيت الأبيض فى وقت سابق. وتساءل الباحث الصينى: هل معنى ذلك أن الإخوان المسلمين باتت “رسمياً” محظورة لدى واشنطن؟، وهل إستطاعت إدارة “ترامب” أن تفى بالمتطلبات القانونية لتصنيف الولايات المتحدة للإخوان كمنظمة إرهابية؟. ثم مضى الباحث الصينى “جو مى لين” شارحاً فكرته بشأن: ما النتائج المترتبة على إدارج واشنطن الإخوان كجماعة “إرهابية”؟، مؤكداً أنه وفقاً للوائح ذات الصلة فى الولايات المتحدة، ستقوم (المؤسسات المالية الأمريكية بتجميد أصول المؤسسات المدرجة للإخوان المسلمين فى قائمة المنظمات الإرهابية) فى الولايات المتحدة، و (سيُمنع أى فرد فى الولايات المتحدة من تقديم الدعم لهم)، كما تحظر الولايات المتحدة (وتمنع دخول موظفى المنظمة المعنيين من جماعة الإخوان المسلمين) إلى البلاد.
وفى تحقيق وتحليل عميق منشور بالصينية للباحث الصينى (تشو دونغيانغ ليو تشن) Zhu Dongyang Liu Chen على موقع (وكالة أنباء شينخوا) الصينية الرسمية Xinhua بتاريخ 1 مايو 2019، بعنوان: لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تعطى علامة “حظر” لجماعة الإخوان المسلمين؟ ?美国为什么要给我兄弟一个恐怖标签呢 Měiguó wèishéme yào gěi wǒ xiōngdì yīgè kǒngbù biāoqiān ne? حيث أكد الباحث الصينى “تشو” بأن الخطوة الأمريكية فى إدراج الإخوان كجماعة “إرهابية” ربما جاءت متأخرة فى واشنطن نتيجة لنظرية “كتم الصوت” خاصةً فيما يتعلق بأى شئ يتعلق بجماعة الإخوان الإرهابية داخل البيت الأبيض. وأشار الباحث الصينى لمحاولات أخرى سابقة تمت فى عام 2017، بشأن محاولات إدراج كلاً من جماعة الإخوان المسلمين والحرس الثورى الإسلامى الإيرانى معاً كمنظمتين إرهابيتين، ولكن نتيجة لسياسات المعارضة داخل البيت الأبيض لهذا القرار فقد تأخر “نسبياً“. ويعتقد الباحث الصينى أن الحكومة الأمريكية ربما تكون قد تعرضت لضغط (ترامب) الإنتخابى عام 2020، لذا، يحتاج (ترامب) إلى إتخاذ إجراءات عديدة لتعزيز وتوسيع قاعدة الناخبين، ومن هنا، جاء قراره بإدراج كلاً من الحرس الثورى الإيرانى وجماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية لكسب تأييد قاعدة الناخبين الأمريكيين الكبيرة المعادية للإسلام السياسى.
- وفى هذا السياق أكد الباحث الصينى “وو يى هونغ” Wu Yihong كبير الباحثين فى “مركز فكر تشاينا تاى خو” China Taihe Think Tank فى تحليل لوكالة أنباء (شينخوا) فى 1 مايو 2019 بشأن إدراج واشنطن لجماعة الإخوان كإرهابية “بأن الولايات المتحدة حاولت تحقيق الفوز والإنتصار فى منطقة الشرق الأوسط، وعمل تكتل مع مصر، وتشجيع تشكيل تحالف إستراتيجى فى الشرق الأوسط” لاحتواء إيران فى المنطقة أمنياً وسياسياً وإقتصادياً”. بالإضافة إلى ذلك – وفقاً لتحليل الباحث “وو يى هونغ” – فإن حكومات تركيا ودول أخرى مؤيدة للإخوان المسلمين بمجرد إدراج الولايات المتحدة جماعة (الإخوان المسلمين) كمنظمة (إرهابية)، ستصبح علاقاتها مع واشنطن أكثر توتراً، وبالأخص (تركيا)، الأمر الذى قد يؤثر على (الوضع الإقليمى) برمته.
- وقد نشرت بعض المواقع الصينية شريط فيديو يوم 29 أبريل 2019، يشتبه فى أن أكبر قادة تنظيم (داعش) الإرهابى وهو (أبو بكر البغدادى) قد ظهر به وهدد بشن مزيد من “إجراءات الإنتقام” إذا تم إدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة أو غيرها فى هذا التوقيت، حيث سيتم إجبارنا على أن نسلك طريق التطرف، كما أن تهديد الإرهاب الإقليمى سوف يزداد حدة، وفقاً لما أكده قائد داعش (أبو بكر البغدادى) فى شريط الفيديو المتداول. مع تأكيد الباحثين الصينيين عموماً فى تحليلاتهم حول هذا الأمر على (تمسك الإخوان بفكرة السلطة رغم نفيهم ذلك لعدة سنوات)، متفقين بأن هناك العديد من أعضاء جماعة (الإخوان المسلمين) المنتشرين حول العالم، فضلاً عن العديد من فروع الإخوان لدى دول الشرق الأوسط، لذا، وبالنظر إلى نفوذ جماعة (الإخوان المسلمين)، فربما يقود ذلك إلى المزيد من عدم الإستقرار فى المنطقة. وهنا يتفق النهج الصينى الرسمى والأكاديمى مع النهج المصرى الرسمى فى ضرورة إدراج جماعة الإخوان المسلمين كجماعة “إرهابية” محظورة، كضمان لعودة الإستقرار مرة أخرى فى مصر والصين والعالم.
وبشكل عام، ترى الباحثة أن تحليلات جميع (مراكز الفكر الصينية المعنية بدراسة الإسلام السياسى وباحثوها)، قد إتفقت بأن: (الإخوان كجماعة إرهابية، لديها تقاطعات وعلاقات وثيقة مع تنظيم (داعش) المتطرف أو ما يسمى بــ “الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا”).
ومن خلال تتبع الكتابات الصينية السابقة حول فترة حكم الإخوان المسلمين فى مصر، يمكننا إستنتاج أن النهج الجديد – وفقاً لتحليل الباحثة المصرية – هو ربط الصحف الصينية الرسمية بين جماعة “الإخوان الإرهابية” وبين “مواجهة مصر لموجة من الأنشطة الإرهابية بسبب أنشطة جماعة الإخوان المحظورة”، والتى أودت بحياة مئات من رجال الشرطة والجنود والمدنيين، بينما قتلت القوات المصرية مئات الإرهابيين وإعتقلت الآلاف من المشتبه بهم فى حرب البلاد ضد الإرهاب التى أعلنها الرئيس “السيسى“.
- رابعاً: تناول الباحثة لتحليلات مراكز الفكر (الغربية والأمريكية) بشأن وجهة نظر الصين فى مصر والرئيس (السيسى ما بعد ثورة 30 يونيو)
من خلال إطلاع الباحثة بشكل إجمالى على عدد من التحليلات الغربية والأمريكية، بشأن نظرتهم لعلاقات مصر والصين فى فترة ما بعد قيام ثورة (30 يونيو)، ومجئ الرئيس (السيسى وإسقاط حكم الإخوان المسلمين) فى مصر، تأكد لها إتفاق معظم هذه الكتابات حول الأهمية الإقتصادية التى توليها مصر فى علاقاتها مع بكين. مؤكدين فى الوقت ذاته بأنه برغم تزايد أهمية الصين فى مطلع العقد الماضى فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الصين ما تزال وافداً جديداً نسبياً إلى المنطقة. لذا تبدو الصين (حذرة للغاية) فى مقاربتها للتحديات السياسية والأمنية المحلية سواء فى مصر أو المنطقة، لكنها تسعى فى الوقت ذاته إلى زيادة مشاركتها السياسية والثقافية لتترافق مع نشاطها الإقتصادى المتنامى هناك. وفى الوقت الذى تُظهر فيه هيمنة الولايات المتحدة طويلة الأجل على المنطقة علامات على التراجع. وبشكل سريع، يمكن التعرف على أهم الكتابات الأمريكية والغربية حول رؤيتهم لعلاقات مصر مع الصين بعد ثورة (30 يونيو)، وخلال فترة حكم الرئيس (السيسى)، كالآتى:
- تحليل مقال الخبيرة (شانون تيتزى) Shannon Tiezzi بعنوان: “فرصة الصين فى مصر” China’s Egypt Opportunity منشور فى مجلة الدبلوماسى The Diplomat بتاريخ 24 ديسمبر 2014. وتركز الباحثة على (الإعتبارات الإقتصادية) بالأساس.
- دراستين تحليليتين للأكاديمى (كريس زامبيليس) Chris Zambelis فى عددين مختلفين من نفس المجلة، بعنوان: “أسفل نهر النيل: تأثير الصين على مصر” Down the River Nile: China Gains Influence in Egypt والبحث الثانى، بعنوان: “مصر الجديدة تتطلع إلى الصين من أجل التوازن والنفوذ” “A New Egypt Looks to China for Balance and Leverage” والمنشورتين فى مجلة (الموجز أو المختصر الصينية) China Brief المجلدين (الخامس والثانى عشر)، الأعداد (18 و 22). وتحدث الباحث فيهما بإختصار، عن أهمية مصر بالنسبة للصين لأنها تعتبر بوابة مهمة لأفريقيا، محللاً فى الوقت ذاته الحذر المصرى من بكين التى تسعى لزيادة وحماية إستثماراتها المائية فى أفريقيا، كما أن مصر وأفريقيا مهمة لتحقيق الأهداف السياسية الخارجية الصينية لتأسيس (عالم متعدد الأقطاب)، مؤكداً فى الوقت ذاته إتباع الصين لإستراتيجية (السياسة التوافقية) مع الولايات المتحدة حتى لا تصطدم بواشنطن فى أفريقيا، مؤكداً فى بحثه الثانى على الدعم المصرى للمبادرة الصينية لإحياء الطريق القديم، لأنه من أهداف هذه المبادرة الصينية – وفقاً للباحث كريس – هو تطوير محاور قناة السويس، والتخطيط من أجل التعاون المتبادل فى المشاريع النووية السلمية، خاصةً فى الفترة المقبلة.
- تحليل الباحث (شاشوات تيوارى) Shashwat Tiwari بعنوان: “مشروع قناة السويس فى مصر: تحليل الإنعكاسات على التجارة البحرية العالمية والصين”، المنشور فى مجلة (مراجعة أوراسيا) Eurasia Review بتاريخ 4 فبراير 2015. ويرى الباحث، أن بكين قد شرعت بالفعل لتهيئة مصر من خلال (قناة السويس)، لتقوم بدور حيوى فى ربط طرق التجارة بين آسيا وإفريقيا وأوروبا ودول المنطقة أيضاً، من خلال مبادرة (الحزام والطريق)، والتى أطلقها الرئيس الصينى (شى جين بينغ) فى نوفمبر2013.
- تحليل الخبير (ويلى لام) Lam Willy بعنوان: “رد بكين على ثورة اللوتس المصرية”، منشور فى موقع مؤسسة “جيمستاون” jamestown.org
- كتاب: (جوناثان بولاك)، وآخرين Pollack Jonathan D. بعنوان: الصين: القلق من بعيد: الصحوة العربية… أمريكا وتحولات الشرق الأوسط “China: Unease from Afar: The Arab Awakening… America and the Transformation of the Middle East” منشور فى مطبعة معهد بروكينغز، فى واشنطن، خاصةً مع التركيز على أهم صفحات هذا الكتاب المهم من (298-304).
- مقال (ديفيد شين) Shinn David بعنوان: “الثورات والإحتجاجات فى شمال أفريقيا تتحدى الدبلوماسية الصينية” “North African Revolutions and Protests Challenge Chinese Diplomacy” منشور فى موقع مؤسسة “جيمستاون” The Jamestown Foundation
- مقال (ديفيد شامبو) David L. Shambaugh بعنوان: “الحزب الشيوعى الصينى: الضمور (أى توقف النمو والفشل) والتكيف” China’s Communist Party: Atrophy and Adaptation منشور فى مطبعة جامعة كاليفورنيا فى بيركلى.
وتعكس هذه الكتابات السابقة – والتى أجملتها الباحثة نظراً لتشابه رؤيتهم وطرحهم – وهى لباحثين أمريكان بالأساس وجهة نظرهم حول تخوف الصين من ثورتى 25 يناير و 30 يونيو فى مصر، وربما يطرح بعضاً منهم الأمر بشكل مختلف، وهو بأن الطموحات الصينية قد تعدت حدودها الإقتصادية فى المنطقة العربية والشرق الأوسط لتشمل تعاوناً أوسع فى مجالى الدبلوماسية والدفاع، من خلال تسويقها (نموذجاً تنموياً) يقوم على (دمج السلطوية مع النمو الإقتصادى)، وهو ما يروق لكثير من أنظمة الحكم فى المنطقة، على عكس التركيز الغربى التقليدى بالضغط على تلك الدول لتحقيق المعايير الليبرالية والديموقراطية.
- خامساً: تناول الباحثة لتحليلات مراكز الفكر (الإسرائيلية) والمحللين الإسرائيليين بشأن وجهة نظر الصين فى مصر والرئيس (السيسى ما بعد ثورة 30 يونيو)
تحرص الباحثة المصرية بإستمرار إلى متابعة قسم (الأرشيف والمعلومات) التابع لــــ (معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى) (INNS) Israel National Security Studies كأهم مركز فكرى مصنف عالمياً، بما يحتويه من أقسام مختلفة تدرس كافة مناطق العالم وتخصصاتها البحثية، ولعل ما يعنينى بالأساس هو قسم (الدراسات الصينية) لمعهد الأمن القومى الإسرائيلى، خاصةً مع (محاولتى تتبع عدداً من الكتابات والتحيليلات الإسرائيلية حول رؤيتهم بشأن علاقة الصين بمصر فى فترة الرئيس “السيسى” وثورة 30 يونيو) وغيرها. خاصةً، مع توصلى لحقيقة أن معظم الخبراء والمتخصصين الإسرائيليين من العاملين فى المراكز البحثية والإستراتيجية، فإن دراساتهم مبنية بالأساس على الواقع، وتقديرات الموقف لدوائر صنع وإتخاذ القرار فى تل أبيب. لذا، فكان لابد لى من محاولة فهم: كيف يفكرون فى علاقتنا ببكين؟، أقصد، كيف يفكر المحللون الإسرائيليون فى علاقة مصر بالصين، خاصةً فى فترة الرئيس السيسى؟
ونظراً لأهمية الجانب الصينى إلى إسرائيل فقد أنشأت إسرائيل برنامجاً متميزاً للصين داخل المعهد الإسرائيلى لدراسات الأمن القومى، ويهدف البرنامج الصينى إلى تعزيز المعرفة حول مشاركة الصين فى الشرق الأوسط وإسرائيل، كما يزود صناع القرار الإسرائيلى بتوصيات تتعلق بالسياسات بشأن الصين، وذلك بهدف القيام بدور فى هذا المسعى.
ويعمل برنامج الصين في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومى The Institute for National Security Studies (INSS) بدعم سخى من مؤسسة غلازر Glazer Foundation وبدعم قوى من معهد إسرائيل Israel Institute
واستناداً إلى خبرتها وسمعتها باعتبارها واحدة من أكبر مراكز التفكير في العالم فيما يتعلق بسياسات الشرق الأوسط والأمن القومى الإسرائيلى، فإن معهد دراسات الأمن القومى فى إسرائيل يتمتع بوضع فريد فى علاقاته مع (مراكز الفكر الصينية المعنية بشئون الشرق الأوسط)، حيث يجمع خبراء فى كافة المجالات تحت سقف واحد ويستكشفون مشاركة الصين في شئون الشرق الأوسط. وتعمل إسرائيل باستمرار – ومن خلال خبرائها بالبرنامج الصينى فى المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومى– على مراقبة أداء أعمال مراكز الفكر الصينية لشئون الشرق الأوسط من أجل مراعاة التطورات فى الشرق الأوسط على المدى الطويل والتطورات الأخيرة على حد سواء، مثل: موقف واشنطن من مشاركة الصين فى المنطقة، والربيع العربى، والطاقة، وإنتشار الأسلحة النووية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
إلا أن الملاحظة الجديرة بالذكر، هى أنه مع ندرة الدراسات الإسرائيلية حول علاقات الصين بمصر بشكل خاص، إلا أنهم باتوا يركزون حول مجمل علاقات الصين بالمنطقة، وتأثير ذلك على توازنات النفوذ، والصعود الإيرانى وغيرها. وبشكل عام، حاولت تجميع – ما أستطيع لعدم درايتى باللغة العبرية – كمحاولة منى، لتشجيع باحثينا من المتخصصين بالأساس فى اللغة العبرية وآدابها بالتعاون معى لتأسيس مشروع بحثى لتتبع جميع كتابات المحللين الإسرائيليين عن الصين عموماً كقوة صاعدة، ورؤيتهم بالأخص لعلاقات الصين مع مصر لما لذلك من أهمية مستقبلية، على النحو التالى:
- أخطر مقال تحليلى – ربما لم يطلع عليه العرب – هو المقال التحليلى للخبير الإسرائيلى (زيفى بن دور بينيت) Zvi Ben-Dor Benite بعنوان: “تسع سنوات فى مصر: جامعة الأزهر وتعريب الإسلام الصينى”،“Nine Years in Egypt: Al-Azhar University and the Arabization of Chinese Islam” والمنشور فى مجلة دراسات “الثقافات، والنظام السياسى والهويات” (HAGAR) Studies in Cultures, Polity and Identities فى المجلد (الثامن)، العدد (الأول) منها، والبحث من صفحة 105- 128. وترجع خطورة هذا البحث من وجهة نظرى، نظراً لتناوله (علاقات الأزهر الشريف بالصين من وجهة نظر إسرائيلية)، وخطورة وصفه (الإسلام الصينى)، وتناوله لترجمات الأزهر والأزهريين للقرآن الكريم بنسخته الصينية مع صعوبة الترجمة من وإلى اللغة الصينية، مما يؤدى إلى سوء فهم السياسة والثقافة الصينية والإسلامية الحقيقية، بسبب تنوع اللغة والثقافة، وما يفضى إليه من (تباطؤ الحوار بين الشرق والشرق). وإبرازه لتلك العلاقة الإعلامية بين مصر والصين وقاعدتها الخاصة، والتعريف الشعبى لها، ومدى التفاهم بين شعبى البلدين، ثم يرسم الباحث الإسرائيلى (زيفى بن دور بينيت) (مقاربة متبادلة أيديولوجية) للعلاقات المصرية الصينية، مؤكداً أن (الفجوة بين شعبى مصر والصين) كبير، ربما بسبب نظام العولمة الغريب، والذى وسع الفجوة بين الطرفين (المصرى والصينى). ثم يسلط الضوء فى بحثه على تأثر العرب بالإعلام السلبى الغربى حول الحالات الصينية مثل تايوان والتبت، وشئون المسلمين الصينيين، وغيرها من الشؤون الداخلية للصين، وتاتى أثرت (أيديولوجياً) على العقلية العربية بشان الصين، مع تأثر المواطن الصينى ذاته بالتحليلات الغربية للأحداث فى الدول العربية، بإعتبارها دول (مليئة بالإرهاب) وأنها دول (متخلفة) لم تجرى وراء الحضارة والتقدم التكنولوجى.
- دراسة تحليلية مفصلة للباحثين الإسرائيليين (دورون إيلا وعوديد عيران)، بشأن “دلالات زيارة نائبة رئيس الحكومة الصينية إلى مصر ثم إلى إسرائيل مباشرةً والسلطة الفلسطينية”، والصادر عن (معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى) INNS قسم (الدراسات الصينية)، شهر إبريل 2016. وتدور فكرة هذه الدراسة حول: الشراكة الجديدة بين مصر والصين كرمز للديناميكية التى تميز الشرق الأوسط الحالى فى عهد الرئيس المصرى (السيسى). ومن هنا، يجب على اللاعبين في إسرائيل الذين يدافعون عن تقدم عملية السلام مع الفلسطينيين مراجعة مدى صلاحية (التحالفات الإقليمية التقليدية)، ويؤكد الباحثان (دورون إيلا وعوديد عيران) وفقاً لطرحهما ظهور (تحالفات إستراتيجية جديدة لا تلتزم بالنماذج الإقليمية المألوفة). مؤكدين بأنه حتى إذا لم يتم تشكيل هذه التحالفات الإستراتيجية الجديدة بالضرورة على حساب تلك التحالفات القديمة، فقد تكون قادرة على تشكيل دبلوماسية إقليمية متعددة الطبقات ومعقدة وأكثر تنوعاً. ومن هنا – وفقاً للباحثان الإسرائيليان – فلا تزال مصر عضواً رئيسياً فى المحور السنى المرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية، حتى لو كان هذا المحور أكثر اهتزازاً الآن مقارنةً بالماضى لصالح علاقات مصر الحالية الإستراتيجية مع بكين، إلا أن مصر تحرص إلى الحفاظ على هذا الإنتماء والتقارب مع واشنطن جنباً إلى جنب مع علاقاتها مع دول مثل روسيا والصين. وينهى (الباحثان الإسرائيليان) بحثهما بسيناريو جديد يطرحانه فى المستقبل، وهو أنه “بالنظر إلى بعض المصالح الإقتصادية والأمنية التى تربط مصر والصين، فمن الممكن أن تكتسب علاقات مصر والصين قوة إضافية أقوى فى المستقبل، مما قد يشكل تحدياً مستقبلياً لأمن إسرائيل وعملية السلام برمتها، ذلك لأن الإنتماء المصرى السابق المؤيد لواشنطن والغرب قد يتأثر، نظراً لإهتزاز ثقة واشنطن ببكين”.
- دراسة تحليلية مفصلة للباحثين الإسرائيليين (“أوفير وينتر” و “عساف أوريون”)Ofir & Winter Assaf Orion بشأن “مصر والصين بعد زيارة الرئيس شى” Egypt and China following Xi’s visit والصادر عن (معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى) INNS قسم (الدراسات الصينية)، ومجلته (البصيرة) أو INSS Insight العدد رقم (795)، بتاريخ 11 فبراير 2016. تتدور فكرته بالأساس حول نتائج زيارة الرئيس الصينى (شى جين بينغ) إلى القاهرة فى شهر يناير 2016، مؤكدين أن الصين تشكل شريكاً إستراتيجياً مثالياً إلى القاهرة، حيث تخدم العلاقات العميقة مع مصر والرئيس (السيسى) جدول أعمالها للأمن الإقتصادى فى المنطقة. إن التعاون مع الصين – وفقاً للباحثان الإسرائيليان – يناسب رغبة مصر فى صياغة سياسة خارجية ذات سيادة تتم على أساس المصالح المصرية البحتة، وغير مرتبطة بالمحاور الدولية والإقليمية. ويؤكد الباحثان (“أوفير وينتر” و “عساف أوريون”) فى بحثهما التحليلى عن نتائج زيارة الرئيس الصينى للقاهرة، بأن: “إسرائيل تنظر بشكل إيجابى إلى أى تعاون مصرى – صينى يحسن واقع الأمن الإقتصادى فى مصر، ويسهم فى إستقرار النظام الحالى“. علاوة على ذلك، فإن “السياسة الخارجية المصرية – من وجهة نظر الباحثين الإسرائيليين – تعطى وزناً أقل للموانع الجماعية التاريخية بين العرب وإسرائيل، مما قد يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز المشاريع التعاونية الثلاثية الموسعة بين مصر والصين وإسرائيل أيضاً، بناءً على المصالح الإقتصادية المشتركة بين الدول الثلاث.
- دراسة تحليلية مفصلة للباحثين الإسرائيليين (“أوفير وينتر” و “دورون إيلا”) Ofir Winter & Doron Ella بعنوان: “نموذج التنمية الصينى: علاج للويلات المصرية” The Chinese Development Model: A cure for Egyptian Woes? والمنشور على موقع معهد “الأمن القومى الإسرائيلى” INNS ومجلته أون لاين (البصيرة) أو INSS Insight بتاريخ 21 أغسطس 2019، على موقعهم الرسمى للمنشورات https://www.inss.org.il/publication ولعل أكثر ما لفت نظرى هنا، هو تتبع الباحثان الإسرائيليان لعشرات من المقالات فى الصحف المصرية، وتركيزهم بالأساس على (مقالات الرأى المصرية حول علاقة مصر بالصين الإقتصادية بالأساس) فى (صحف المؤسسات المصرية الرسمية)، ومحاولتهما تتبعها خاصةً فى الفترة الأخيرة، لبحث (رؤية المصريين لكيفية تقليد النموذج الصينى فى التنمية)، وتطوير الإقتصاد المصرى وتحويله إلى إقتصاد مبدع وتنافسى يندمج فى الإقتصاد العالمى، ويستثمر فى التطور التكنولوجى، وقادر على التعامل مع مختلف التحديات. ويتحدث البحث عن تشبيه (برنامج الإصلاح الإقتصادى) المصرى فى عهد الرئيس (السيسى) بــ “نموذج التنمية الصينى” بكل ما يعنيه من صياغة وتنفيذ برامج للإصلاح الإقتصادى. مع تأكيد الباحثين الإسرائيليين – أنهما من خلال متابعتهما فى تل أبيب لخطابات السيسى حول الصين – قد إتضح لهما أن الرئيس (السيسى) ذكر دوماً فى خطاباته الرسمية (النموذج الصينى) كمثال إيجابى لما تريد مصر تحقيقه. ثم يشرح الباحثان فى تل أبيب محاولات مصر فى عهد الرئيس (السيسى) على تتبع وتقليد هذا النموذج الصينى فى مصر، من خلال: التحديث والتقدم العلمى والإستثمارات الأجنبية والإندماج فى الإقتصاد العالمى والمشاريع الضخمة التى من شأنها أن تؤدى إلى معدلات نمو إقتصادى عالية، وتمكن من الإستجابة لتحديات النمو السكانى السريع. بالإضافة إلى ذلك، فإن “قصة النجاح الصينية” هدفت إلى مساعدة برنامج وخطط التنمية المصرية من خلال مبادرة الحزام والطريق ومحور قناة السويس. ثم يتساءل كلاً من (“أوفير وينتر” و “دورون إيلا”) عما إذا كانت مصر ستتمكن من تطبيق النموذج الصينى كخطوة عمل شاملة أم لا؟، مرجعين ذلك بسبب (الإختلافات فى الممارسات الحكومية للبلدين) وتماسك النظام، والبيئات الإقتصادية الإقليمية والدولية لكل منهما. ويختتم الباحثان الإسرائيليان رؤيتهما التحليليلة، بأن الجانب المصرى فى هذه المرحلة يجب عليه الجمع بين عناصر (نموذج التنمية الغربية) و (نموذج التنمية الصينى)، مؤكدين بأن الرئيس (السيسى) سوف يتأثر إلى حد كبير فى السنوات القادمة بنجاح هذه الإستراتيجية لتكون بمثابة مفتاح الرخاء الإقتصادى فى مصر وعلاج مشاكلها الإقتصادية.
ومن خلال هذا العرض المختصر، لأبرز ما – حصلت عليه الباحثة من كتابات وتحليلات إسرائيلية حول نظرتهم لعلاقات مصر ببكين فى عهد الرئيس (السيسى) وبعد ثورة (30 يونيو) فى مصر – يتضح لنا بشكل أو بآخر، مدى الإهتمام الإسرائيلى بإستقلالية القرار المصرى، ومده لعلاقات أقوى مع بكين، مع خشيتهم فى الوقت ذاته أن يكون ذلك على حساب علاقات مصر بواشنطن. مما قد يضر بعملية المفاوضات الإسرائيلية وبتسويات عملية السلام مع الجانب الفلسطينى فى المستقبل.
- سادساً: تناول الباحثة لأوجه التشابه والإختلاف ما بين (الثورة الصينية عام 1949) وثورة (30 يونيو) فى مصر
إهتمت الباحثة المصرية – على المستوى الشخصى – بتحليل عدد من الجوانب العامة فى التشابهات بين أسباب قيام (ثورة 1949) فى الصين و (ثورة 30 يونيو) فى مصر، وما تلاها من قراءة سريعة ومختصرة للمشهد فى الحالتين، لما لذلك من دلائل، وتسليط الضوء عليهما سريعاً لما لاحظته مؤخراً عند إعادة قراءتى للمشهد السياسى فى كلاً من بكين ومصر، من وجود أوجه تشابهات – ربما لم يلتفت لها الكثيرون – على النحو الآتى:
1) مرت الثورتين بعلاقات مضطربة مع الغرب فى بدايتهما: نتيجة لإختيارهما لمواقف مستقلة تعكس التحديات الحقيقية التى تواجه شعوبهم والمنطقة. هذا فضلاً عن بعث (الهوية القومية) ومضامينها المعارضة للتدخلات الأجنبية فى شئوننا الداخلية. فمنذ عام 1921 حتى قيام (ثورة 1949) فى الصين، قاد (الحزب الشيوعى الصينى) كافة أبناء الشعب الصينى فى نضالات شاقة ومريرة، وأسقط حكم الإمبريالية والإقطاعية والرأسمالية البيروقراطية، وأسس (جمهورية الصين الشعبية) بعد نجاح ثورته. وبعد تأسيس الجمهورية، قاد الحزب الشيوعى الصينى أبناء شعبه بمختلف قومياته فى صيانة إستقلال البلاد وأمنها. وكانت بداية ثورة (30 يونيو) فى مصر هى إسقاط حكم (الميليشيات والطوائف الدينية) والحفاظ على (هوية الدولة المصرية المدنية بالأساس)، وعدم تقسيم البلاد والحفاظ على وحدتها.
2) أما عن دور الزعامات الجديدة فى مصر والصين بعد الثورة: فنلاحظ هنا إتجاهها الواضح إلى إحداث توازن فى علاقاتهما الإقليمية والدولية وتصحيح الإختلالات التى حدثت فيهما خلال الفترات السابقة عربياً وأفريقياً ودولياً.
3) وبخصوص نظرة القيادات السياسية بعد ثورة 30 يونيو فى مصر وثورة 1949 فى الصين للعالم: فكلاهما أوضحا أن التعاون هو الأساس، مشترطين ألا يتم ذلك على حساب مصالح القوى الصغيرة والمتوسطة، وألا يمثل هذا اتفاقاً على الهيمنة على العالم.
4) أما عن الخبرات المشتركة لكلاً من ثورتى مصر والصين: لقد إكتسبت الثورتان خبرة كبيرة – رغم قصر فترتهما – فيما يتعلق بالوضع الدولى، وإدارة علاقاتهما مع واشنطن والغرب. وإعادة تكييف نظمهما وسياساتهما مع إستمرار تقييمهما لما وصلت إليه تجارب ومراحل النمو فيهما. مع إتفاقهما على ضرورة الإستفادة من إتجاهات التطور والتحديث الإقتصادية والتكنولوجية العالمية كشروط ملحة لمواكبة التحديث وآليات العصر الحديث.
5) وللإجابة عن سؤال التشابه بين بدايات الثورة الصينية والمصرية: فقد أكدت الثورة الصينية عام 1949 ثلاثة أهداف رئيسية، الأول (القومية)، وكانت تهدف إلى الإستقلال عن النفوذ الأجنبى، والهدف الثانى (التوحد تحت هدف قومى) يحكمة سلطة مركزية، والهدف الثالث (التغيير الجذرى للظروف الإقتصادية والإجتماعية). والمدقق فى الأهداف الثلاثة يجدها هى نفس أهداف الثورة المصرية فى (30 يونيو) للخروج من عباءة التبعية كثورة جديدة لتصحيح مسار 25 يناير، ولتحسين الظروف الإقتصادية والمعيشية، من خلال ما تمخض عنها من مشروعات وبنية تحتية أساسية.
6) وللتعرف على الأجيال والزعامات التى قادت الثورتين فى مصر والصين: فمنذ تعزيز سلطتى جيش التحرير الشعبى والحزب الشيوعى الحاكم بعد ثورة 1949، توالت على حكم الصين حتى الآن (خمسة أجيال) من القيادة الجماعية على قمة هرم الحزب والدولة، وإنعكس ذلك فى الخطاب الرسمى للبلاد، فإرتبطت كل قيادة توالت على حكم الصين بعد الثورة فى ذهن وعقل أبناء الشعب الصينى، لما إتسمت كل منها بسمات محددة تندرج تحت (الإيديولوجية العامة للحزب). وصولاً إلى (الجيل الخامس) أو الحالى بزعامة الرئيس الصينى(شى جين بينغ). ولكن ما يميز أجيال ثورة (30 يونيو) فى مصر، هى كونها بالأساس (ثورة شعبية) شاركت فيها كل المؤسسات الوطنية المصرية، تحت شعار (نريد الوطن، بينما هم يريدون الميليشيات والطوائف).
7) ركائز السلطة بعد ثورتى (30 يونيو) فى مصر و (1949) فى الصين: ثلاثة مواقع قيادية تشكل ركائز السلطة الثلاث فى الصين هى (الحزب الشيوعى الحاكم)، والدولة (الحكومة) بكافة قياداتها وتشكيلاتها، ثم (جيش التحرير الشعبى) وأحياناً يسمى (جيش الشعب) أو القوات المسلحة بمفهومنا الدارج. ينما كانت ركائز ثورة (30 يونيو) هى ما يسمى بــ (ثورة الثوار والدولة) معاً، تضامن معها القضاء منذ البداية وكان جزءاً منها، ثم تضامنت معها الشرطة، وتبناها الجيش والأزهر والكنيسة، ووضع خارطة طريقها شباب الثورة أنفسهم.
8) إتفاق (الثورتين المصرية والصينية) على أن التحديث فى نظرهم عملية تقتضى سلطة حازمة لوضعه موضع التنفيذ: لأن أهم سمة ميزت ثورة (30 يونيو) هى: غياب شعار إسقاط النظام وعودة الدولة المدنية بعيداً عن أى إستقطابات دينية، لذا، ظهرت العديد من الإضطرابات بعد سقوط حكم (الإخوان المسلمين) من زيادة العمليات والأنشطة الإرهابية، تعرض الأمن القومى للخطر، حدود السيادة، مشكلة المياه وسد النهضة، والأنفاق فى سيناء. لذا، كان لابد من (سلطة حازمة) فى مصر بعد نجاح ثورة (30 يونيو) تواجه كل هذه الفوضى والإضطرابات. وعلى الجانب الصينى، فيكاد يكون الإتفاق على أن أى خطة تحديثية للصين لن تنجح بدون القضاء على الفساد والفاسدين، فتش عن الفساد. فكان أول زعيم صينى من جيل الزعامات بعد ثورة (1949) فى الصين يقود حملة ضد الفساد، هو (جيانغ زيمين)، والذى كان حريصاً على مخاطبة العقليات السياسية داخل الحزب الشيوعى، ومصارحة رفاقه أى زملائه من أعضاء الحزب بالمشاكل والعقبات التى تعترض مسيرة التنمية والتحديث فى بلاده، وعلى رأسها (الفساد)، والتى ترتب عليها جملة من المشاكل مثل: التفاوت الطبقى للسكان، البطالة، الفقر، التهميش… إلخ.
9) عمليات إختيار وإعداد وتأهيل القادة الجدد فى مصر والصين بعد ثورتى (30 يونيو) فى مصر و (1949) فى الصين: يأتى إختيار الكفاءات الشابة فى الصين ما بعد ثورة (1949) – على الفرازة كما يقول التعبير المشهور فى مصر – وهى نفس الفكرة تحديداً، التى سبق إلى بلورتها زعيم مسيرة التجديد الراحل (دينغ شياو بينغ) الذي طرح مقولته الشهيرة عن (التحولات الأربعة)، ومؤداها أن تؤدى التحولات السياسية إلى أن يتولى مستقبل الصين الجديدة قيادات شابة تتسم بالصفات الأساسية التالية: أن تكون (ثورية) وفى سن أصغر (المسائل هنا نسبية طبعاً)، ولكن على قدر أوسع من (المعرفة) وقدر أكبر من (التخصص على مستوى الخارج)، لذا، يصبح من المتوقع أن يحرص ويعمل قادة الصين الجدد على (بلورة علاقات أفضل مع الخارج)، ولكن فى إطار سياسى ودبلوماسى أوسع نطاقاً. وعلى الجانب الآخر، كان من أهم مكتسبات ثورة (30 يونيو) هى (البرامج الرئاسية)، فكان إهتمام الرئيس (السيسى) بالشباب كبيراً، من خلال إعداهم للقيادة، وتدشين (منتدى شباب العالم)، والإعلان عما يعرف بــ (البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة)، والتى بدأت فكرتها بالإعلان عن مبادرة الرئيس (السيسى) عنها بنفسه فى سبتمبر عام 2015، بهدف إنشاء وتأهيل قاعدة من الكفاءات الشبابية وتأهيلها للعمل السياسى، والإدارى، والمجتمعى بالدولة، ورفع كفائتهم بأحدث النظريات العملية والإدارية بما يؤهلهم للتخطيط للمستقبل، وزيادة قدرتهم على تطبيق أحدث الأساليب لمواجهة التحديات.
10) طغيان لغة (المصارحة) أو (المكاشفة) بحقيقة الأوضاع السائدة فى (الخطاب السياسى الصينى والمصرى الرسمى) ما بعد ثورتى (30 يونيو) فى مصر و (1949) فى الصين: فلقد توقف المهتمون بالشأن الصينى طويلاً للتحليل عند تأمل الزعيم الصينى الراحل (جيانغ زيمين) وهو يسلم مقاليد الحكم لمن سيأتى بعده، فقد أثارتهم نبرة (المصارحة) أو (نقد الذات) التى يتدربون عليها فى (مدرسة الكادر فى الحزب الشيوعى الحاكم)، وفى إطار هذه المصارحة لم يتورع الزعيم الصينى (زيمين) عن أن يقول بغير مواربة ولا تزويق: أيها الرفاق: “إذا لم نضرب بيد من حديد على أيادى الفساد والمفسدين، فإن وشيجة الدم واللحم – أى الرابطة التى تربط حزبنا بالجماهير – التى تربط بين الحزب والجماهير سوف تتصدع ويصبح الحزب فى خطر من أن يفقد موقعه الحاكم فى البلاد، بل وربما يجد الحزب نفسه متجهاً إلى حيث الدمار الذاتى”. وعلى الجانب المصرى، نلاحظ أن خطابات الرئيس (السيسى) بعد ثورة 30 يونيو، منذ اللحظة الأولى، غلب عليها لغة المصداقية والمصارحة كمنهج عام لخطاباته، بدون عمل أى نوع من الدعاية، بل كان بمثابة مصارحة ومكاشفة بجميع التحديات والمخاطر التى تواجهه أمام الشعب. فكما قال (السيسى) حرفياً: (مِن اللحظةِ الأولى التى أقفُ فيها أمامَكم، أريد أن أكونَ أميناً معكم كما كنت دائماً، وأميناً مع وطنى، وأميناً معَ نفسى). أو حديثه الجاد حرفياً فى إحدى خطاباته (لدينا نحن المصريين، مهمةَ شديدةُ الصعوبةِ، ثقيلةُ التكاليفِ). كذلك حديثه (يجبُ أنْ نكونِ صادقينِ مع أنفسِنا) وجملة (صناعةُ المستقبلِ هى عملٌ مشتركٌ، هى عقدٌ بين الحاكم وبين شعبه)، أو حديثه الصريح (الحقيقة أنا عايز أصارحكم، والظروفُ كما ترونَ وتُقدّرون)، أو حديثه الواقعى بــ (أنا لا أُقَدّمُ المعجزاتِ، بل أقدّمُ العملَ الشاقَ والجهدَ وإنكار الذات بلا حدود)، أيضاً وعده للمصريين من أبناء الشعب فى الإطار الواقعى بحديثه لهم (إننى أعدُكُم بأننا نستطيعُ معاً، شعباً وقيادةً). وغيرها من العبارات والجمل التى إحتوتها خطاباته السياسية فى مجملها والتى تحمل معانى المصارحة والحقيقة بدون إختيار منمق لمعانى الكلمات، وهى نفس الأفكار التى تربوا عليها فى (مدرسة أو ما يسمى بكادر الحزب الشيوعى فى الصين) ما بعد ثورة (١٩٤٩) فى الصين.
ومن خلال عرض الباحثة لمجمل النقاط السابقة، يتضح لنا بالدليل حجم التشابه والتقاطع بين التحديات التى تواجه كلاً من مصر والصين، وهذا هو ما دفع الصين لتأييد مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، مع إستمرار حرص الدولة الصينية على مواصلة العلاقات مع مصر فى عهد الرئيس (السيسى) بعد ثورة ٣٠ يونيو على نحو إيجابى، والإستفادة مما تم تحقيقه فى الفترات السابقة لبناء علاقات أكثر قوة ومتانة وإستكشاف مجالات وآفاق جديدة للتعاون المصرى الصينى، بما يعتمد على العطاء المتبادل، ويستند لفهم كل طرف للمصالح الوطنية للطرف الآخر ويتجاوب معها، مع ما يتطلبه ذلك من تدعيم الركائز الأساسية للعلاقات المصرية الصينية الإقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية فى ظل قيادة الرئيس “عبدالفتاح السيسى”.
ومن هنا، فأنا أختم تحليلاتى السابقة بما تعلمته من (سياسة الصين) وتحولاتها الأخيرة وتنافسها مع واشنطن وغيرها، وهى أنه يجب أن نضع فى أذهاننا – ومن واقع خبرتى وتواصلى الدائم مع الصينيين – بأن الصين لا تقرر سياستها الخارجية إستناداً إلى أحقية الأمور أو بطلانها، لأن هذا معيار سياسى يحتشد بالعوامل العاطفية والإنفعالية، ولا تترتب عليه نتائج عملية. ولكنها تتخذ من (المصلحة الوطنية) معياراً لسياستها الخارجية. والمقصد أن نقول، إن محافظة السياسة الدبلوماسية على الحد الأقصى لمصالح الصين الوطنية بعد حسابها حساباً دقيقاً، هو (النجم الهادئ للدبلوماسية الصينية) الناجحة. لذا، فإن التقارب الصينى مع القاهرة، وتأييد بكين لمطالب ثورة ٣٠ يونيو فى مصر لم يأت من فراغ، بل بناءاً على حسابات دقيقة، وهى الدلالة القاطعة على نضوج (الدبلوماسية الصينية) التى شهد لها الخصوم قبل الأصدقاء، وما أكثر أصدقاء الصين فى كل مكان.