كواليس القبض على الإعلامي الإخواني عماد البحيري في تركيا
لم يكن اعتقال الإخواني، عماد البحيري، خطوة منفردة، كما يصورها إعلام الجماعة، بل جزءًا من إجراءات تركية من بوابة “التهرب الضريبي”.
وفي تطور جديد أربك حسابات الإخوان، ألقت السلطات التركية، القبض على البحيري، مقدم البرامج بقناة الشرق المحسوبة على الجماعة، بدعوى تقديم شكوى في حقه من قبل مواطن يحمل الجنسية السودانية، على خلفية تهرب ضريبي.
لكن معلومات حصرية حصلت عليها “العين الإخبارية”، من مصادر داخل جماعة الإخوان، كشفت أن أنقرة “حركت عددًا من قضايا التهرب الضريبي ضد قيادات الإخوان في الفترة الأخيرة، من أجل الضغط عليهم للالتزام بالتفاهمات التركية المصرية بعد تطبيع العلاقات”.
وتابعت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لحساسية الملف، “بعد تحريك هذه القضايا، اضطر بعض قيادات الإخوان والمقربين منها، لمغادرة تركيا أو التخطيط للرحيل عنها”.
تفنيد رواية “الشرق”
بدورها، قالت الإعلامية دعاء حسن، زوجة أيمن نور وشريكته في ملكية قناة الشرق، في تصريحات تلفزيونية مساء أمس، إن المذيع الموقوف “كان متواجدًا في مصلحة الضرائب التركية لإنهاء معاملات تتعلق بالضرائب المفروضة عليه نتيجة الأرباح التي يحصل عليها من نشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتابعت “حينها، أبلغ موظف الضرائب، البحيري، بأنه مطلوب للشرطة، وعلم الأخير بعدها أن مواطنا سودانيا حرك دعوى قضائية ضده على خلفية التهرب الضريبي”.
لكن معلومات حصلت عليها “العين الإخبارية”، تفند رواية الإعلامية الإخوانية، إذ إن الاتهامات الموجهة لعماد البحيري، حتى الآن، هي “النصب على مواطن سوداني في تركيا، والتهرب الضريبي، فضلًا عن الاعتداء على رجل أمن تركي”.
ووفقًا لهذه المعلومات، فإن البحيري حقق أرباحًا طائلة تُقدر بعشرات الآلاف من الدولارات من نشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه تهرب من تسديد الضرائب المستحقة عليه طيلة 5 سنوات.
مراجعة
إلى ذلك، ذكر مصدر قيادي في جمعية الجالية المصرية في تركيا، التي يترأسها القيادي الإخواني البارز عادل راشد، لـ”العين الإخبارية”، أن السلطات التركية “بدأت منذ مطلع العام الجاري، مراجعة المعاملات المالية للمحسوبين على جماعة الإخوان والمقربين منها، ورصد التحويلات المالية التي وصلت لهم”.
وتابع “جاء ذلك بعد اكتشاف تحويلات مالية وردت لكوادر الجماعة من جهات مشبوهة، وتضخم في ممتلكات الأفراد والكيانات المملوكة للتنظيم في البلاد”.
المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، قال إن “الاتهام الأساسي الموجه لعماد البحيري هو التهرب الضريبي”، موضحًا أن “تحريك هذه القضية في الوقت الحالي، بعد الصمت سنوات، له علاقة وثيقة بمخالفة المذيع، للتوجيهات الصادرة من السلطات التركية بضرورة التهدئة مع مصر”.
وأضاف أن “البحيري حاول الابتعاد عن انتقاد الدولة المصرية، استجابةً للتوجيهات المذكورة، لكنه اكتشف تراجع مشاهدات قنواته وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا موقع يوتيوب، فهاجم الدولة المصرية مجددا، وهو ما اعتبره الجانب التركي خروجًا على التوجيهات، لذلك جرى القبض عليه”.
رسالة
وفي السياق، أثار القبض على البحيري، حالة من القلق في أوساط جماعة الإخوان في تركيا، إذ ألمح المخرج التلفزيوني الإخواني ماجد عبد الله، إلى أن القبض على المذيع المحسوب على الجماعة، رسالة له وللإعلاميين الآخرين.
فحوى هذه الرسالة، وفق عبدالله، هو الالتزام بالتوجيهات الصادرة السلطات التركية والتوقف عن الهجوم على الدولة المصرية في الوقت الحالي، لأن البديل هو التضييق والاعتقال.
ولم يستبعد المخرج الإخواني، أن يتم القبض عليه وعلى آخرين من كوادر الجماعة العاملين في المجال الإعلامي، معربًا عن تفاجئه من تعامل السلطات التركية معهم وفرضها قيود على المحتوى الإعلامي الموجه ضد الدولة المصرية بعد تطبيع العلاقات بين البلدين.
تحركات سابقة
وعلى نفس المنوال، شنت السلطات التركية حملة ضد إعلاميين منتمين لجماعة الإخوان وآخرين محسوبين عليها، في الفترة الأخيرة، على خلفية تهم التهرب الضريبي، لوقف انتهاكات أبواق الجماعة لتوجيهات وقف انتقاد السلطات المصرية.
ومن بين المستهدفين بالحملة، الإعلامية الإخوانية هالة سمير التي أعلنت أواخر مارس/آذار الماضي، انشقاقها عن الجماعة، بعد أن تخلت عنها الأخيرة في قضية تهرب ضريبي واجهتها في تركيا.
وقالت مصادر لـ”العين الإخبارية”، إن سمير “تخطط في الوقت الحالي لمغادرة الأراضي التركية”.
في المقابل، غادر “اليوتيوبر” المحسوب على الإخوان، أحمد البحيري، تركيا بالفعل، فيما تراجع “اليوتيوبر” الإخواني، عبد الله الشريف، عن قرار كان قد اتخذه بالإقامة في تركيا وفضل الانتقال على دولة أوروبية بعد سلسلة التضييقات الأخيرة، وفق المصادر.
فيما ألمح ماجد عبد الله، في فيديو بثه على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنه عاني قُبيل فترة وجيزة من القبض على عماد البحيري، من أزمة مع الضرائب التركية، واضطر إلى دفع مبلغ مالي كبير للتوصل إلى تسوية ضريبية.
وعلى وقع التقارب بين مصر وتركيا في الفترة الأخيرة، شدد أنقرة الخناق على عناصر الإخوان المتواجدين على أرضيها، وبدء الأمر بتوجيهات بوقف التصريحات الإعلامية ضد الدولة المصرية، ثم تضييق في ملفات الجنسية والإقامة، وأخيرا تحريك ملفات التهرب الضريبي.