«الذبح» و«العنصرية» يؤججان نار الأزمة.. هل يتجه السودان لحرب شاملة؟
مشاهد صعبة وتصريحات عنصرية، تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تعكس الهاوية التي وصلت إليها الحرب بالسودان بعد دخولها عامها الثاني.
فقد تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، زعموا أنه لأفراد من الجيش السوداني، يقودهم ضابط برتبة لواء، يحملون آلات حادة طويلة “سكاكين”، ويتجولون وسط 3 جثث لعناصر ترتدي الزي المدني، تعرضت للذبح، على تخوم مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وسط موجة من التهليل والتكبير.
وأثارت الحادثة موجة غضب عارمة في أوساط المجتمع السوداني السياسي والمدني، إذ قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، خالد عمر يوسف، إن “الفيديو البشع المتداول الذي يصور احتفاء عناصر القوات المسلحة يتقدمهم ضابط رفيع الرتبة بقتل همجي لمجموعة من الذين يرتدون زيا مدنيا وسط صيحات التهليل والتكبير هو امتداد لسلوك إرهابي تتصاعد وتيرته، ويقود لتحويل هذه الحرب اللعينة لحرب شاملة تغذيها نعرات وضغائن اجتماعية لن تبقي ولن تذر.”
وكتب يوسف في صفحته الرسمية عبر “فيس بوك”، “هذا فعل إجرامي يجب أن ترتفع الأصوات بإدانته وأن يحاكم مرتكبوه الذين وثقت الصورة فعلهم الشنيع.”
وبالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، الطاهر أبو بكر، فإن المقطع المتداول بشأن حادثة الذبح بمدينة الأبيض، “يثير الكراهية والبغضاء في أوساط المجتمع السوداني، وينذر بالخطر حول مستقبل البلاد التي تعاني ويلات الحرب”.
وأوضح أبو بكر في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “الممارسات الإرهابية ستقود البلاد إلى الحرب الأهلية في ظل انتشار السلاح بصورة كبيرة في أيدي المواطنين”.
سابقة ميدانية
وفي 17 فبراير/شباط الماضي، علَّق الجيش السوداني، على فيديو صادم لجنوده وهم يحتفلون بقطع رأسي عنصرين من قوات “الدعم السريع”.
وقال الجيش في بيان وقتها، إنه يجري تحقيقا حول ما وصفه بـ”المحتوى الصادم”، فيما أدان بيان للمتحدث باسم قوات “الدعم السريع”، ما قال إنه مقطع فيديو بثته جماعات تؤيد الجيش “يظهر ذبح 3 أشخاص عل أساس عرقي وجهوي والتمثيل بجثثهم في مشهد ينافي الأخلاق والدين والقوانين”.
إثارة النعرات القبلية
ومع تصاعد وتيرة العنف والاقتتال في البلاد، أثارت تصريحات عنصرية سابقة لضابط متقاعد بجهاز المخابرات العامة، بحق إحدى أكبر القبائل المعروفة في شرق السودان، ردود أفعال غاضبة باعتبارها تثير النعرات القبيلة.
وسارع جهاز المخابرات العامة السوداني، بنفي علاقته بضابط الأمن المتقاعد الذي شكك في انتماء منسوبي قبيلة “البني عامر” وهي من القبائل المعروفة بشرق السودان.
وكان اللواء متقاعد بدر الدين عبد الحكم، قال أثناء مقابلة مع الإذاعة، إن بعض قيادات ورموز قبيلة “البني عامر” التي تقيم في شرق السودان غير سودانيين وأنهم لاجئون، وشكك في مواطنتهم وحقهم في التمتع بالجنسية والمشاركة في الدفاع عن الوطن.
وقال بيان صادر عن مدير إعلام جهاز الأمن والمخابرات اطلعت عليه “العين الإخبارية”، إن “اللواء متقاعد بدر الدين عبد الحكم متقاعد عن الخدمة منذ أعوام دون أن يكلف أو يفوض بعدها بأي مهام ذات صلة بأعمال ومهام الجهاز داخليا أو خارجيا وأن كل ما يصدر عنه من آراء وأقوال تعبر عن وجهة نظره الشخصية.”
وأوضح البيان أن جهاز المخابرات، “يدرك تجذر وعراقة إثنية البني عامر في السودان كمكون أصيل ثابت شأنهم كشأن بقية مكونات المجتمع السوداني وهم جزء لا يتجزأ من منظومة وحماية البلاد”.
وكانت الإذاعة السودانية قد قدمت اعتذارا رسميا لقبيلة “البني عامر”، في أعقاب اجتماع وفد رفيع يمثل الإذاعة، مع ناظر عموم القبيلة، علي إبراهيم دقلل بمدينة كسلا، شرقي السودان.
وتعليقا على هذه الواقعة، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، خالد عمر يوسف، “وفي سياق امتدادات هذه الحرب وخبث من يقفون خلف استمرارها، جاءت التصريحات العنصرية البغيضة لمدير جهاز الأمن السابق في كسلا، بدر الدين عبد الحكم، والذي استهدف مكونات اجتماعية بخطاب عنصري جاء كقنبلة تستهدف النسيج الاجتماعي المنهك في شرق السودان بفعل المؤامرات التي تكاثرت عليه في الفترات السابقة”.
وأضاف في منشور على صفحته الرسمية عبر “فيسو بوك”، “من لا يرى بشاعة هذه الحرب ودناءة أهداف من يقفون خلف استمرارها وطبيعة مشروعهم، فعليه أن يراجع سلامة بصيرته ووجدانه.”
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.