بين دمشق والمدينة والقاهرة.. أين دفنت السيدة زينب؟ (خاص)
يحيي المصريين اليوم الليلة الختامية لمولد السيدة زينب الكبرى رضي الله عنها.
ويرجع احتفال المصريين بمولد السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الثلاثاء الأخير لشهر رجب، إلى أن ذلك هو يوم دخولها مصر.
كعادة المصريين، لا يحتفلون في الأغلب بميلاد الشخصية أو انتقاله للرفيق الأعلى، وإنما يحتفلون بمناسبة قدوم أهل البيت إلى مصر، تخليدًا لذكرى آبائهم الذين خرجوا بالآلاف لاستقبالهم.
سبب اللبس الحاصل، هو أن أهل البيت النبوي كان عندهم عادة تكرار الأسماء، فمثلا كان الإمام الحسين رضي الله عنه لديه ولدان اسمهما علي (علي الأكبر وعلي زين العابدين)، وكان في الفرع الحسني: الحسن المثنى والحسن المثلث والحسن السبط، وكذلك كان هناك زينب الصغرى والكبرى والوسطى، وفاطمة الصغرى والكبرى والوسطى.. فمن هي السيدة زينب الموجودة في مصر؟
المدينة
يقول الدكتور عبدالحليم العزمي، الأمين العام والمتحدث الرسمي للاتحاد العالمي للطرق الصوفية، وصاحب موسوعة “سيرة أهل البيت”، إن أصحاب القول الأول يقولون إن السيدة زينب عادت من دمشق بعد موقعة كربلاء واستقرت في المدينة، ولم يثبت أنها خرجت منها، ويتبنى هذا الرأي بعض علماء الشيعة، ومن بينهم السيد محسن الأمين العاملي، حيث أكد ذلك في “موسوعة أعلام الشيعة” 7/140.
ويرد العزمي، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، هذا القول بقوله إنه ثبت تاريخيا أن السيدة زينب الكبرى خرجت من المدينة بعد وشاية عمرو بن سعيد عند يزيد بن معاوية، وأنه لم يسمح لها بنو أمية بالبقاء في المدينة لأنها كانت تتحدث عن معركة كربلاء وما حدث مع أخيها وأولادها وأولاد إخوتها، ويوضح أنه لم يقل أي من أئمة أهل البيت بوجودها في المدينة.
ويوضح العزمي أنه ثبت تاريخيًا أن السيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، دفنت بالمدينة، وأن سبب الخلط أن لقبها “زينب الوسطى”، وهو ما أورده الذهبي في الجزء الثاني من تاريخ الإسلام، وابن حجر في الجزء السابع في الإصابة في تمييز الصحابة.
دمشق
أما القول الثاني فيقول إن السيدة زينب سافرت مع زوجها إلى الشام بسبب مجاعة وقعت في المدينة، فذهبت إلى ضيعة زوجها عبدالله بن جعفر في ضواحي دمشق، ودفنت هناك.
ويرد العزمي ذلك بأن التاريخ لم يذكر حدوث مجاعة في المدينة بعد كربلاء، وأنه عند تجديد هذا المقام منذ أكثر من 70 سنة وجدوا صخرة رخام مكتوب عليها: (هذا قَبْرُ زَيْنَبَ الصُّغْرَى المُكَنَّاةِ ﺒ (أُمِّ كُلْثُومٍ) ابْنَتِ عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ، أُمُّهَا فَاطِمَةُ البَتُولُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ ابْنَتُ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ]، كما أورد القزويني في كتابه: “زينب الكبرى من المهد إلى اللحد” ص604.
ويقول العزمي إن المؤرخين اختلفوا حول من المدفونة في دمشق هل هي السيدة زينب الوسطى (أم كلثوم)، أم زينب الصغرى (ابنة الإمام علي من امرأة غير السيدة فاطمة الزهراء)، ورجح القول الأول النسابة العبيدلي والهروي وابن الجوزي والصيادلي، ورجح الثاني الحوراني والموصلي أن السيدة زينب الصغرى هي من دفنت في دمشق، وهي ليست من أبناء السيدة فاطمة الزهراء، وأيد العزمي الرأي الأخير.
القاهرة
أما القول الثالث فهو وجود مرقد للسيدة زينب الكبرى رضي الله عنها في القاهرة، ويقول المصريون إنها اختارت مصر بعد أن خيرها بنو أمية بترك مكة والمدينة نتيجة روايتها المتواصلة لأحداث كربلاء، فخشيت السلطات وقتها أن تقلب الناس فخيروها فخرجت لمصر.
يقول العزمي إن هذا القول له أدلته وقد أيده العديد من العلماء، لكن أقوى دليل حوله هو كتاب “أخبار الزينبات” للعبيدلي، والعبيدلي هو يحيى العبيدلي المدني من ذرية الإمام علي زينب العابدين بن الإمام الحسين- شقيق السيدة زينب- رضي الله عنهم، ولد عام 214هـ وتوفي عام 277هـ، وقد أكد هذا الكتاب وصول السيدة زينب الكبرى لمصر.
ومن جملة من أكدوا هذ الرأي: الزبيري في أنساب قريش، والكلبي في بحر الأنساب، وابن حزم في الجمهرة، والأزرقاني في بحر الأنساب، والسيوطي في العجاجة الزرنبية، وابن الصباغ في الفصول المهمة، وتاريخ الطبري، وتاريخ الذهبي، والكامل لابن الأثير، وتاريخ البخاري، وتاريخ السيوطي، وتاريخ المسعودي، وتاريخ المقريزي، وتاريخ ابن تغري بردي، وابن حجر العسقلاني، وتاريخ السخاوي.
ويختم العزمي: من ذلك نستطيع أن نقول: إن السيدة زينب الكبرى، التي شهدت كربلاء مع الإمام الحسين دفنت بمصر، وإن شقيتها السيدة زينب الوسطى (أم كلثوم) دفنت بالمدينة، وإن أختهما من الأب السيدة زينب الصغرى دفنت في دمشق، ولذلك تعدد المزارات الزينبية في العالم الإسلامي.