االاديبة مها حمقة تكتب: الصِّراع الخالد والانتصار العظيم
بقلم الاديبة والشاعرة – مها حمقة
تأمّل في عظمة هذا الكون الفسيح .. تأمّل بعمق .. لعلَّك تعود إلى نقطة البداية ..تلك المحطة التي انطلقتَ منها إلى هذا العالم …
تأمّل جيدا ..سوف تكتشِف أن هذا الكون الذي يتمدّد بسرعة فائقة ومنذ الأزل .. هو أنت …
نعم .. أنتَ الذات الأزليَّة الأبديَّه ..
وتلك الأجرام التي تتباعد إلى ما لا نهاية ..هي أنت …
أنتَ السَّرمدية التي لا تنفصِل عن الكون ..
سئِمتَ من وحدتكَ فتمرّدتَ على ذاتك وقرّرتَ خوض غمار التجربة …
قرّرت أن تكون اللّامحدود الموجود في كل موجود …!!
انطلقَتْ رحلتكَ في فضاء الرحم الكونيّ الشاسع .. سَلكتَ دُروبه ..وخضتَ في ساحاته أشرس المعارك .. وانتصرتَ على الجيوش الكونيَّة التي تُعَدّ ولا تُحْصى ..
إنها حرب البقاء ..
انتصرتَ وكانت تلك هي المعركة الأولى والأخيرة التي تنتصر فيها قبيل محطَّة النِّسيان …
انتصرتَ. يغد أن وصلتَ إلى هدفك ..!!
دخلتَ عالمك الكونيّ الكامل المتكامل وارتميتَ بين أحضانه بعد رحلة شاقة ومُنهكة…
إنها المحطّة التي تُزوِّدك من شرايين جداولها وتنحت تضاريسك ..وتنسج ثوبك .. وتحدّد هويّتك ..
اكتمَلَتْ لوحتك بكُلّ محتويات الكون …
انَحَدَرْتَ إلى عالمك الجديد .. صخب وضوضاء .. معالِم غريبة وقهقهات ..ابتهالات ودموع ….
غرباء في عالم الأوهام ….
أكملتَ طريقك نحو المجهول .. أضعت هويَّتك الحقيقية وما زلت في رحلة البحث عنها ..لكنك لا تدرك ذلك …
كل شيء يدلّ على ضياعك لذاتك .
سلوككَ ..رغباتكَ ..طموحاتكَ ..إنجازاتكَ..أهدافكَ ..وشعوركَ الدائم بعدم الرِّضى ..
أنت في رحلة ضياع مستمرة .. إنّها رحلة البحث عن الذّات ..رِحلة الصِّراع بين الحقيقة والوهم ..
تتأرجح على حافة الهاوية بين الخفيّ والجَلِيّ…
الرحلة طويلة وشاقّة .. لأنك هدمْتَ جميع الجّسور التي عَبرْتها سابقا .. ومن يهدم تلك الجّسور يُرجَم بحجارتها …!!
أنت الحقيقة الوحيدة في عالم الأوهام …
أنت الحقيقة اللّامَرئية الكامنة خلف حُجٌب الوهم المَرْئي …
تتساءل عن سبب وجودكَ ..تتكرّر المشاهد التي لا تستطيع قراءتها ..لكنك تشعر بذلك السرّ الغامض والخفيّ الذي يكمن داخلك ولا تستطيع الوصول إلى مفاتيح خزائنه ..
الطرقات طويلة والأبواب كثيرة ورحلاتكَ مستمرَّة إلى أن تفهم رسالة الكون وتعيد بناء جميع الجّسور التي دمَّرْتها ..إنها طريقكَ إلى أصْل ذاتكَ …
وتستمِرّ الرِّحلة …..
مها حمقة