العالم هيجوع .. روسيا تجعل من البحر الأسود منطقة حرب
أكدت روسيا انها ستتعامل اعتبارا من الخميس مع السفن المتجهة الى أوكرانيا في البحر الاسود بوصفها ناقلات “عسكرية محتملة”، مع اعتبار الدول التي ترفع هذه السفن اعلامها أطرافا في النزاع.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان “كل السفن المبحرة في مياه البحر الأسود في اتجاه الموانىء الأوكرانية ستعتبر سفناً تنقل شحنات عسكرية محتملة”، مضيفة ان “الدول التي ترفع هذه السفن أعلامها ستعتبر أطرافا في النزاع”.
واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا “بالاستهداف المتعمد” في ضرباتها لمواقع تستخدم لتصدير الحبوب الأوكرانية بعد ثلاثة أيام من انتهاء العمل على اتفاق مهم في هذا الشأن.
وقال زيلينسكي على “تيليغرام” إن “الارهابيين الروس استهدفوا بشكل متعمد البنى التحتية للاتفاق حول الحبوب”، مضيفاً أنه يريد “تعزيز حماية الأشخاص والبنى التحتية الخاصة بالمرافئ” في البلاد لمواجهة هذه الضربات.
وبحسب الوزارة المكلفة إعادة إعمار أوكرانيا فإن “محطات الحبوب والبنية التحتية لموانئ أوديسا وتشورنومورسك تعرضت للهجوم”، وجاء في بيان نشرته على “تيليغرام” “تضررت خزانات وأرصفة ميناء أوديسا”.
الهجوم الجحيمي
وشنت روسيا هجمة جوية مكثفة على مدينة أوديسا الأوكرانية لليلة الثانية على التوالي، لكن السلطات تعهدت بعدم الخضوع للترهيب من هذا الهجوم “الجحيمي” وألا يردعها ذلك عن العمل للحفاظ على خروج صادرات الحبوب من موانئها، وقال المتحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا سيرهي براتشوك في رسالة صوتية على قناته على “تيليغرام” إن الهجوم كان “قوياً للغاية وضخماً حقاً”، وأضاف “كانت ليلة جحيمية”، مشيراً إلى أن تفاصيل الأضرار والقتلى والمصابين سترد لاحقاً.
37 هدفاً
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أنها أسقطت 37 هدفاً من أصل 63 في هجوم روسي واسع النطاق بالصواريخ والطائرات المسيّرة خلال الليل، وهو معدل أقل يُعلن عنه عادة بعد الهجمات على مدى الأشهر الماضية، وقالت القوات الجوية إن التركيز الأساسي للاعتداء كان على البنية التحتية والمنشآت العسكرية في منطقة أوديسا.
وأوضحت القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا أن روسيا استخدمت صواريخ فرط صوتية لضرب البنية التحتية لميناء أوديسا، وأفاد الجيش بأن الهجوم استهدف “أرصفة لنقل الحبوب والنفط وألحق أضراراً بدبابات ومعدات تحميل وأسفر عن نشوب حريق. تعمل كل الخدمات ذات الصلة على التعامل مع تبعات ذلك”.
وصرح المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك بأن روسيا تستهدف أرصفة تصدير الحبوب والبنية التحتية للميناء عمداً، وكتب على “تويتر” “الهدف الرئيس هو تدمير إمكان شحن الحبوب الأوكرانية”.
60 ألف طن
وأعلن وزير الزراعة الأوكراني ميكولا سولسكي أن 60 ألف طن من الحبوب المخصصة للتصدير والمخزنة في ميناء تشورنومورسك الأوكراني قرب أوديسا أتلفت جراء الضربات الروسية ليلاً، وقال في بيان نشر على موقع وزارته “سيلزم الأمر عاماً في الأقل لإصلاح البنى التحتية المتضررة بشكل كامل. في ميناء تشورنومورسك أتلف 60 ألف طن من الحبوب كان يفترض أن ترسل عبر ممر الحبوب قبل 60 يوماً”، وأضاف أن “البنية التحتية للحبوب للتجار والناقلين الدوليين والأوكرانيين كانت الأكثر تضرراً”، مشيراً إلى أن “الأمن الغذائي العالمي في خطر مرة أخرى” بسبب هذه الهجمات التي استهدفت مواقع أوكرانية مرتبطة بتصدير الحبوب.
اتفاق الحبوب
وسط هذه الأجواء، قالت روسيا إن الأمم المتحدة أمامها ثلاثة أشهر لتنفيذ بنود مذكرة من شأنها تسهيل الصادرات الزراعية الروسية إذا أرادت أن تستأنف موسكو المحادثات حول السماح بمواصلة تصدير الحبوب الأوكرانية.
وعلقت روسيا أول من أمس الإثنين مشاركتها في اتفاق استمر عاماً توسطت الأمم المتحدة في إبرامه وسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود بسبب شكواها من عدم الوفاء بوعود بتسهيل تصديرها للمواد الغذائية والأسمدة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن المسؤولية تقع الآن على عاتق الأمم المتحدة لتنفيذ الاتفاق الروسي إن أرادت أن تعود موسكو لعقد محادثات أوسع نطاقاً بخصوص المساعدة في استئناف الصادرات الأوكرانية، وأضافت “تنص مذكرة روسيا والأمم المتحدة على أن العمل بالاتفاق سيسري لمدة ثلاثة أعوام، وفي حال رغبة أحد الطرفين في إنهائه (سواء كانت روسيا أو الأمم المتحدة)، يجب أن يعطى الطرف الآخر فترة إخطار مدتها ثلاثة أشهر. وقد أعطينا إخطاراً بذلك”، وأضافت “وبناء على ذلك، فإن الأمم المتحدة أمامها ثلاثة أشهر لتحقيق نتائج ملموسة، وإن كانت هناك نتائج ملموسة، فإننا سنستأنف المحادثات حول تلك المسألة الأوسع نطاقاً”.
“يصيب أفقر الأشخاص في العالم”
واعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن القصف الروسي على مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية “يصيب أفقر الأشخاص في العالم”، وقالت “حتى لو كان من الصعب استبدال طريق البحر الأسود، نحن ندعم الرئيس فولوديمير زيلينسكي وأوكرانيا لإيجاد طرق نقل بديلة”، وأضافت ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يسرق أي أمل للعالم بالحبوب الأوكرانية”.
شمال شرقي أوكرانيا
ميدانياً أيضاً، أعلنت روسيا أن قواتها تقدمت مسافة كيلومتر واحد على طول خط الجبهة في منطقة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا، وقالت وزارة الدفاع في بيان، “خلال النهار وصل تقدم الوحدات الروسية الى أكثر من كيلومتر في العمق وما يصل الى كيلومترين على طول الجبهة. سيطرت الوحدات على محطة مولتشانوفو” الواقعة على بعد أقل من 20 كيلومتراً شمال كوبيانسك.
“هجمات إرهابية”
واتهم الكرملين الغرب بالتغاضي عما قال إنها “هجمات إرهابية” ارتكبتها أوكرانيا داخل روسيا، وأشار إلى “صمت” هذا الأسبوع في شأن هجوم ضخم على جسر القرم.
ولقي والدان حتفهما وأصيبت ابنتهما (14 سنة) في العملية التي وقعت أول من أمس، بينما كانت الأسرة تعبر الجسر بسيارة لقضاء عطلة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014.
وقالت موسكو إن أوكرانيا استخدمت مركبات بحرية مسيّرة لمهاجمة الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.
وتؤكد كييف التي ذكرت تقارير إعلامية أوكرانية أنها تقف وراء الهجوم لكنها لم تعلن مسؤوليتها رسمياً أن شبه جزيرة القرم أوكرانية وأنها تعتزم استعادتها بالقوة في إطار حملتها لطرد القوات الروسية من أراضيها.
وصرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى الصحافيين بأن هذه ليست المرة الأولى التي تلاحظ فيها موسكو إخفاق الغرب في إدانة أوكرانيا لما وصفه بالإرهاب، مضيفاً “الغرب ككل مستعد لغض الطرف عن أي هجمات إرهابية يرتبها نظام كييف في بلادنا”، وتابع “لا يخجلون من أي نوع من الصمت. هذا ليس أمراً جديداً. الأمر كما كان من قبل وسيظل هكذا. نحن نعي ذلك جيداً”.