د. نهاد برهام تكتب: إياكم والعناد !!
د. نهاد برهام
” ان العناد مجرَّد ردِّ فعل “
العناد يدمر كثيرا من العلاقات ويخرب شؤون مؤسَّسات العمل والافراد .
يرى علماء النفس أن العناد هو حالة مِن التعبير عن الرفض للقيام بعملٍ ما حتى لو كان مفيدًا ،
أو الانتهاء عن عمل ما وإن كان خاطئًا، والإصرار على ذلك وعدم التراجُع، مهما بُذلت محاولات للإقناع أو حتى الإكراه .
بحثتُ عن معنى العِناد في المعاجم، فوجدتُ أنه مصدر “عاند”، وهو يعكس اضطرابًا وظيفيًّا عقليًّا يتميَّز بانحصاره في موضوعٍ واحد؛ “معجم اللغة العربية المعاصر”،
أو هو مجانبة الحق ومُفارقته مع المعارضة والمغالبة وتصلب الرأي؛ ” في معجم معاني الأسماء”.
اولا : أرجو أن نبحث عن أسباب هذا العناد قبل النظر في وسائل العلاج، والصانع الماهر يبحث عن أسباب تشقق الجدار قبل إصلاح العطب؛ حتى لا تتكرر المشكلة ،
لهذا أرجو أن تتفق مع الزوجة حال العناد على تغيير أسلوب النقاش، ويجب اختيار أوقات مناسبة،
فمن الخطأ أيضًا ما تفعله المرأة بالنقاش عند قدوم الرجل من الخارج، ومناقشة الجائع أو المهموم أو المريض ،
* فمن الإنصاف أن يذكر الإنسان الجوانب الإيجابية قبل التعرض للسلبيات،
كأن يقول الرجل لزوجته صراحة أنا سعيدٌ بمهاراتك في صنع الطعام، وبذوقك الرفيع في ترتيب المنزل، وبحرصك الشديد على الصلاة،
وأتمنى أن تتركي الإلحاح والحدة، وتتجنبي إثارة المشاكل
ولابد أن يكون الرجل مستمعاً جيداً ؛ لأن المرأة تحتاج لمن يستمع لها، ويشعر بآلامها، وآخر الدراسات تفيد أن المرأة تتكلم أكثر من الرجل بنسبة خمسين بالمائة تقريباً .
* ايضا عليك أن تتجنب الكلمات القبيحة، فإن المرأة لا تنساها أبداً، ولكنها تنسى المواقف الجميلة وتنكر المعروف والعشير، فعليك أن تذكرها بالله، وكن وفياً، واعلم أن شريعتنا تأمرنا أن نقول للناس حُسناً، فكيف بشريكة الحياة ورفيقة الدرب.
عناد المرأة أكثر ما يغضب الرجل منها وسببه الأساسى افتقادها للأمان
وفى الوقت نفسه أن من يحب حقًا لا يفقد أبدًا الأمل فى إصلاح ذات الامر بينه وبين شريكه، بكل الطرق الممكنة، ويجعل من كل مشكلة بداية جديدة، بطاقة إيجابية مُحِبة، تثير الماء الراكد وتجعله بحرًا يتجدد فيه كل شىء بحيوية ملموسة وموقدة للنشاط والنجاح، ليتطورا سويًا، عاطفيًا وعقليًا وسلوكيًا”،
“من يقول إن أى مشكلة يستحيل حلها، وأن الحبيب لن يتغير، يخطئ جدًا ويدمر علاقته”،
“يخطئ دائمًا من يصنف شريكه بنظرة قاسية دون النظر للسبب، ويحاول علاج المشكلة”.
* فأن عناد المرأة إن لم يكن سمة شخصية سلبية مترسبة، يكون سببه الأول بنسبة 90% هو فقدانها للأمان فى العلاقة، سواء بسبب تصرفات خاطئة من الشريك، أو كلام قاس، أو إذا كانت العلاقة غير سوية ومعرضة للنهاية لأسباب واضحة للطرفين”.
فأن “العلاقة غير السوية تفقد المرأة الثقة فى الغد، والشريك”،
و أن “المرأة دائمًا تحتاج إلى حنان دائم وكلمات مطمئنة”.
فأن “العلاقة السوية هى التى تستمر وتحتاج إدارة ورؤية وتخطيط منذ البداية، وهى التى ينجح فيها الطرفان، ويرى كل منهما نفسه فيها بصورة إيجابية، ويرى بوضوح إضافته فى حياة الشريك”.
* إن الشعور بالعجز الدائم فى أى شىء ينتج عنه عناد المرأة التى تلجأ إليه، للحفاظ على أمانها النفسى، بالتالى يغضب الرجل فتسوء العلاقة بينهما وتنتهى بشكل أسرع”،
وهنا نقول أن “كل ما يحتاجه الطرفان للخروج من هذه الأزمة هو الوعى المشترك ، الذى يريد أن يفهم ويطور ويُغير ويصلح، للوصول إلى نقطة ترضى الاثنين دون الانتصار للنفس فالحب هو حين لا تجد حاجة للاعتذار”.
والنصيحة للرجل نقول له ابحث دائمًا عن أسباب كل ما يضايقها وتكره ، وابحث عن الحل وتحدث مع شريكك بشكل دائم بكلمات وأفعال مطمئنة و أن تجاهل المشاكل وإهمالها يجعلها مع الوقت سبب عظيم لنهاية العلاقة، وملئ القلب بمشاعر سلبية تجاه الشريك .
وأخيرًا نقول لكلا من الشريكين “نظف خزان قلبك بشكل دائم بالتحدث والعطاء، وتغيير الحال بهدية أو كلمة أو فضفضة أو حتى بكاء تُعبر فيه عن شعورك واسمع شريكك وتوصلوا لحل سوى، بذلك ستكون علاقتكما أفضل حافز للنجاح بالحياة والاستقرار العاطفى”.
لابد ان نتحدث عن جوانب العناد اولا : العناد له شقين ، السلبية والإيجابية
لكي نستوعب ماهيه العناد لابد ان نفهم انواعه لعدم خلط المفاهيم ومعرفة ما يعنيه :- العناد يمكن تقسيمه موضوعيًّا إلى نوعين:
* عناد إيجابيٌّ
وهو تعبير عن التمسُّك بالحق، وقِيَم العدل، ومُقتضيات العِلم والصلابة، في مواجهة الباطل ومُقاوَمة الظلم والانحراف.
وربما خير مثال على هذا النوع قادة ودعاة وعلماء رفع الله شأنهم وشأن أعمالهم.
وقد يُطلق على هذا النوع مِن العناد عناد التصميم والإرادة، خاصةً عند الأطفال عندما تجد أحدهم يُحاول إصلاح لعبته أو إعادتها إلى حالتها الأصلية بعد تفكيكها، ويُصرُّ على ذلك مهما منعه الكبار، وهو عنادٌ وتصميم محمود يَجب تشجيعه وعدم منعه.
– والنوع الثاني مِن العناد هو
* عناد سلبي
الذي يُقاوم الحق ويجحَد الحقائق، يُصرُّ صاحبه على التمادي في الإثم والغيِّ والعدوان على مقتضيات العقل والحكمة والمنطق والموضوعية، مهما بذلت معه مِن محاولات الإقناع أو الحوار، وكثيرًا ما يرفض الحلول والبدائل، حتى التقارُب والحلول الوسَط.
وبالمشاهدة والتجربة تستطيع أن تُميز بين نوعَين يَندرجان تحت العناد السلبي:
١- عناد عقْلي
وهو ناتج عن غياب المعلومات والأحداث والوقائع والدلائل، بعكْس مَنطِق المعاند ورأيه ورؤيته، وليس لديه المصداقية في جميع ما يُطرح عليه من معلومات وحقائق، بل ويقاوم تصديقها.
٢- والآخر هو العناد النفسي
وهو الأعمُّ الأغلب، والعناد هنا لا يقوم على منطق، ولا يسانده دليل ولا حجَّة، بل هو نزعة عدوانية، وسلوك سلبي، وتمرُّد ضدَّ الآخَرين مهما كانت علاقة المعاند بهم (آباء – أزواجًا – إخوة – أصدقاء – ذوي رحم)، تظهر معه إرادة المخالفة والتصادم وعدم الاستجابة للنصْح والتوجيه.
والعناد النفسي والإصرار والممانَعة هنا يَنطلِق مِن دوافع نفسية بحتَة، قد تكون الكبر ومخالفة الحق، أو الغيرة والمنافسة على المكانة والصدارة، أو محاولة تحصيل مكاسب أعلى في موقف معيَّن (العناد النفعي أو الانتهازي أو الابتزازي)، وقد تكون بدوافع تحقيق الذات والاستقلالية.
* ونجد هنا أسباب العناد ودوافعه:
خَلص بعض الباحثين إلى أن أسباب العِناد تكاد تنحصر في ثلاثة أمور:
١- انعدام الثقة.
٢- افتقاد الحقوق.
٣- عدم إشباع الرغبات والاحتياجات.
فأي بيئة (الأسرة – مؤسَّسات العمل – المجتمع) يَسودها انعدام للثِّقة، يَكثُر فيها العناد المتبادَل بين أفرادها، ولذلك يَعرف الإداريون والتنمويون حالةً تُسمى مقاومة التغيير عند استبدال الإدارات أو إجراء عمليات إحلال وتجديد، خاصة إذا لم يَسبقْها نوع مِن التهيئة والدورات الإيضاحية لطبيعة ومرامي التغيير المنشود.
ومِن المُهمِّ جدًّا منْح أفراد الأسرة – خاصة الشباب في سنِّ المراهقة – الثِّقةَ الكافية، وإتاحة الفُرصة لهم للمُشاركة وتحمُّل الأعباء المنزلية، والمشاركة في توجيه المصروف الشهريِّ؛ مما يُقلِّل حالات التمرُّد والعناد، التي مردُّها إلى محاولة إثبات وتحقيق الذات، وإرادة الشعور بالاستقلالية.
لابد مِن الوقوف مليًّا مع دافع إشباع الرغبات والاحتياجات ، خاصةً في حالات العناد الأسري؛ لأنه كثيرًا ما يكون خفيًّا، وفي منحى واتجاه مخالف لموضوع العناد ذاته .
” نجد هنا ان العناد مجرَّد ردِّ فعل “
*عضو اللجنة الاستشارية بمجلس الدفاع عن حقوق الانسان .
*خبيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.