كامل مراد يكتب: لا تُوقِفْ رِحْلَتَكَ من أَجلِ راكبٍ مُتَرَدّد
كامــل مـــــراد
أتحدثُ عن هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون قدراتٍ هائلةً للنَّقد الهدَّام، والمشكّكين في نجاح أيّ مشروعٍ والمحاربين لأيّ شخصٍ يرغبُ بالتَّغيُّر للأفضل، عندما كتبتُ أوَّل مقالٍ لي قمتُ بإرساله لمجموعةٍ من الأصدقاء منهم من هو متخصصٌ في المجال ومنهم من يعمل في مجالات أخرى مختلفة، وقد تفاجأتُ بأنّي حصلتُ على إشادةٍ وحافزٍ معنويَ من المختصّين في المجال، وإحباطٍ من أشخاصٍ لم يكلّفوا أنفسهم قراءة المقال حتّى، وأعتقد أنَّنا نقابل هذه النوعيَّة من الأشخاص كثيرًا في حياتنا، وبالأخص عندما نقترح أمامهم فكرةً لمشروع جديدٍ فيبادرون وبدون أيّ تفكير بقولهم: لن ينجح المشروع، فهم اختزلوا كلَّ العلمِ والتَّجارب في الحياة بكلمة واحدة.
في يومٍ من الأيام سألتُ أحد الأصدقاء أثناء وجودنا في (كافيه) مشهور عالميًّا، هل ترغب بشرب (كابتشينو) ؟ تخيلوا ماذا كان رده !! قال: هذه قهوةٌ فوقها حليب لا تستحق هذه القيمة من النقود، بعد هذه الإجابة أصبحتُ لا أشعر برغبةٍ في مقابلته؛ لأنَّه قام بتقييم أكبر شركة قهوة في العالم بثوانٍ غير مدرك قيمة أسهم الشركة أو تاريخها، هذه النوعيَّة من الشخصيَّات يفهم في كلّ شيءٍ إلّا في مصلحته؛ لذلك تجده في آخر الصُّفوف في كلّ شيء.
فعند الرغبة بعمل مشروعٍ أو شراء شيءٍ جديدٍ يجب أن يعتمد الشخص على نفسه بعد استشارة أهل الخبرة والاختصاص فقط دون غيرهم من المحبطين، فلا يوجد أحدٌ أعلم بكَ من نفسك، فأنت أدرى بقدراتك وإمكانيَّاتك وما تستطيع القيام به أكثر من غيرك.
قبل فترةٍ اشتريتُ سيارةً جديدةً، ولسوء الحظ قابلتُ أحد المحبطين الذي بادرني سائلًا لماذا اشتريتها باللون الأبيض؟! تلعثمتُ بالجواب؛ لأنّني لم أتوقع سؤاله، علمًا بأنَّه لم يشترِ سيارةً منذ أكثر من عشر سنوات، فهو فقط حرق فرحتي بكلمةٍ غير موزونةٍ خرجت من فمه لمجرد الانتقاد الهدَّام.
وتيرة الحياة السَّريعة وقصص النَّجاح التي نشاهدها يوميًّا تجبر الإنسان على عدم التردد في اتخاذ القرار للمضيّ إلى الأمام، وخير دليلٍ على ذلك ما حدث أثناء أزمة (كورونا)، من إنشاء ونجاح مشاريع ضخمة في مجال التقنيَّة، وسقطت مشاريع أخرى كان أصحابها يظنّون أنَّهم وبدون تطوّر سيحافظون على القمة؛ لذلك عندما تلمع فكرةٌ في ذهن أيّ أحدٍ منكم لابدَّ أن يقوم بعمل دراسةٍ محكمةٍ لها، وإذا اقتنع بها لا مانع من سؤال أهل الخبرة والاختصاص بذلك.
فرحلة النَّجاح في الحياة تأتي على شكل فرصٍ عابرةٍ في مرحلةٍ معينةٍ من أعمارنا فإمَّا أن نستثمرها وإمَّا أن نقضي باقي العمر نبكي على الأطلال.