الجمهوري كريس كريستي يقدم نفسه بديلاً لترامب
بخطاب مبني على مهاجمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أطلق الجمهوري كريس كريستي حملته الانتخابية للرئاسة الأميركية 2024.
وبينما يتجنَّب المرشحون الجمهوريون الهجوم المباشر على ترمب، أملاً في الحصول على دعم أعضاء الحزب الجمهوري للترشح للرئاسة، يقدم حاكم نيوجيرسي السابق نفسه منذ البداية باعتباره خصماً لترمب وبديله “القابل للتطبيق”.
قبل دخوله السباق الرئاسي رسمياً، وصف كريستي (60 عاماً) نفسه بأنه المرشح الوحيد الذي لا يخشى التعبير عن إحباطات الجمهوريين من أثر ترامب على الحزب الجمهوري، وقال عن الرئيس السابق إن “نهايته لن تكون خاتمة هادئة”.
طوال 4 سنوات، حرص “كريستي” على مهاجمة ترمب وانتقاده في أكثر من موضع وتعهد بتخليص الحزب الجمهوري من قبضته.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، طرح “كريستي” نفسه بصفته “الناقد الرئيسي” لترمب، ووصف نفسه، في مقابلة مع صحيفة “ديلي بيست”، بأنه “بديل ترمب القابل للتطبيق”.
وفي “معهد نيو هامبشاير للسياسة”، حيث أعلن كريستي عن ترشحه رسمياً لخوض انتخابات الرئاسة الثلاثاء، وصف المرشح الجمهوري الرئيس السابق بأنه “خاسر” بسبب هزيمته في عام 2020، وقال إنه غير لائق للعودة إلى البيت الأبيض بعد تحريض “الغوغاء” على مهاجمة مبنى الكابيتول.
من صديق إلى خصم
هجوم كريستي على ترمب، مثّل “انقلاباً” في نظر الكثيرين، خاصة أنه جاء بعد علاقة تقارب وود استمرت لسنوات.
في عام 2016، خاض كريستي انتخابات الحزب الجمهوري وانسحب بعد 71 يوماً، محتلاً المركز السادس في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير.
خلال تلك الحملة، اعتمد كريستي على خلفيته مدعياً عاماً فيدرالياً وخبرته بصفته حاكماً لولاية نيوجيرسي، وأدعى، حينها، بأنَّ الحاكم يمكن أن يصبح أفضل من يتولى منصب الرئيس مقارنة برجل أعمال، مثل ترمب، أو عضو في مجلس الشيوخ مثل المرشح آنذاك ماركو روبيو، الذي اهتزت صورته بفعل مناظرة عام 2016 أمام كريستي، من خلال أداء آلي واصل فيه تكرار جزئية واحدة تتعلق بمناهضة سياسات الرئيس السابق الديمقراطي باراك أوباما، مما جعل كريستي يكسب نقاطاً على حسابه من دون مجهود يذكر.
بعد انسحاب كريستي من السباق الرئاسي في 2016، أيد ترمب وعمل مستشاراً في حملته الانتخابية، وساند ترمب أيضاً في الانتخابات الرئاسية ضد هيلاري كلينتون في عام 2016، وضد جو بايدن في عام 2020، حتى إنه أصيب بعدوى قوية بكوفيد-19، أثناء الاستعدادات للمناظرة الرئاسية أمضى على إثرها أسبوعاً في العناية المركزة.
وطوال السنوات الأربع التي قضاها ترمب في البيت الأبيض، توطدت علاقة كريستي به، وظل مسانداً له، ولم يقطع علاقته به إلا بسبب مزاعم ترمب عن سرقة الانتخابات، ثم هجوم 6 يناير 2021.
سخرية متبادلة
بعد اقتحام مبنى الكابيتول، تغيرت العلاقة بين ترمب وكريستي، ولم يترك الأخير فرصة من دون السخرية من ترمب وانتقاده علناً.
وازداد الأمر حدة بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس وهزيمة هيرشل والكر، نجم كرة القدم السابق بجامعة جورجيا المدعوم من ترمب، أمام السناتور الديمقراطي رافائيل وارنوك، في جولة الإعادة في مجلس الشيوخ بولاية جورجيا.
حينها، قال كريستي عن ترمب: “هيرشل والكر هو صنيعة ترمب، لذا عليه أن يدرك حقيقة أن أداء هيرشل ووكر كان ضعيفاً للغاية”، وفقاً لما نقلته صحيفة “بوليتيكو” الأميركية.
وفي وقت سابق من هذا العام، وخلال مقابلة على قناة “ABC”، قال كريستي إنه لا يعتقد أنَّ ترمب يمكن أن يهزم بايدن العام المقبل، ليردَّ ترمب بوصفه بالحاكم الفاشل الذي غادر سباق الرئاسة عام 2016 بعد تصنيف قبول ضعيف جداً من الحزب، وتحول في اليوم الثاني لتأييد ترمب.
في نهاية مايو الماضي، واستعداداً لترشح حاكم نيوجيرسي السابق للرئاسة، لم يتوانَ الأخير عن السخرية من ترمب والتصريحات التي أدلى بها خلال ظهوره في برنامج “CNN town hall”، بأنه يستطيع إنهاء حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة، واصفاً الرئيس السابق بأنه “دمية بوتين”.
سخرية كريستي من الرئيس السابق، قابلها ترمب بالتقليل من شأنه والاستهزاء به، وبجدوى محاولته الحصول على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري، قائلاً في مقابلة مع “فوكس نيوز”: “اسمع كريس كريستي قادم.. ما الفكرة؟”.
شعبية محدودة
وبقطع النظر عن سخرية ترمب، يتمتع كريس كريستي، الذي شغل منصب حاكم ولاية نيو جيرسي من عام 2010 إلى عام 2018، بشعبية محدودة بالفعل.
وحصل كريستي على 1% في استطلاع للرأي أجرته شركة “Echelon Insights” مايو الماضي. والأسوأ من ذلك أنَّ 70% من الجمهوريين قالوا في استطلاع “CBS / YouGov” الصادر أوائل مايو الماضي، إنهم لن يفكروا حتى في التصويت لصالح كريستي، معتبرين خوضه السباق الرئاسي “أسوأ عرض”.
لم يكن الأمر كذلك على الدوام، فقد كان كريستي من أكثر الجمهوريين شعبية في الولايات المتحدة، وصنع لنفسه اسماً على المستوى الوطني من خلال إداراته عام 2012 لأزمة إعصار ساندي.
في ذلك العام، حدثت أسوأ عاصفة ضربت نيوجيرسي منذ قرن، وكان كريستي حاضراً في كل مكان بصفته الحاكم، يدعم المواطنين ويواسي أسر الضحايا، ويشيد بجهود الرئيس آنذاك باراك أوباما في التعامل مع العاصفة، فارتفعت شعبيته كثيراً.
بعد صعود نجمه بعامين، انكشفت فضيحة سياسية تورَّطت فيها واحدة من كبار مساعديه، وعرفت القصة إعلامياً بـ”فضيحة بردجيت”.
وبحسب التقارير التي نشرت حينذاك، دبَّرت مساعدة كريستي، بردجيت آن كيلي مع آخرين إغلاق منافذ الدخول إلى جسر جورج واشنطن فى بلدة “فورت لي” في ولاية نيوجيرسي، بغرض معاقبة عمدة البلدة لعدم دعمه محاولة إعادة انتخاب كريستي في العام السابق.
واضطر كريستي للاعتراف بالمؤامرة بعد محاولته نفيها مراراً، متنكراً لموظفيه الذين أقالهم، وعوقبوا بعدها بالسجن.
وعلى الرغم من نفي كريستي صلته أو حتى علمه بهذه المؤامرة، فإنَّ اسمه ارتبط بتلك الفضيحة التي يؤكد المراقبون أنها كانت سبباً في خسارته السباق الرئاسي 2016، وسبباً في ضعف شعبيته حتى اليوم.
طريق النصر
بعد أكثر من سبع سنوات من إنهاء حملته الأولى لمنصب الرئيس، يحاول كريستي، الذي نشأ في ضاحية ليفينجستون بولاية نيوجيرسي وتخرج من كلية الحقوق في سيتون هول في عام 1987، خوض السباق الرئاسي مرة أخرى، مستهدفاً ترمب بالأساس.
وقال كريستي لـ”بوليتيكو” إنه مستعد لتحدي الحكمة التقليدية في السياسة الجمهورية التي مفادها أنه من أجل التغلب على ترمب، يتعين على المرشحين الجمهوريين تسويق أنفسهم على أنهم ترمب “بدون الدراما” المصاحبة لشخصية الرئيس السابق وأسلوبه في إدارة الأمور.
وأضاف: “لا أعتقد أنَّ الناخبين الجمهوريين يعاقبون الأشخاص الذين ينتقدون ترمب”، مؤكداً أنه لن يدخل الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري إلا إذا رأى طريقاً إلى النصر.
ومع ترشح كريستي، أصبح هناك 10 مرشحين رئيسيين محتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري و4 مرشحين آخرين، لكن ترمب متقدم بأكثر من 30 نقطة على أقرب منافسيه أي حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس.