واشنطن تايمز تدق “إسفين” بين الإمارات وأمريكا .. اعرف الحكاية !
سلط المحلل السياسي البريطاني، ماثيو هيدجز، الضوء على اتجاه دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا نحو تعميق علاقاتها مع كل من الصين وروسيا، وأشار إلى أن موسكو وبكين تحلان بسرعة محل واشنطن كشريك مفضل لأبوظبي، داعيا إلى تكليف أبوظبي بثمن هكذا انحياز.
جاء ذلك في مقال نشره هيدجز في موقع صحيفة “واشنطن تايمز”، وسط اهتمام خاص به من المراقبين لاعتبارات تتعلق بتجربة هيدجز الأليمة في الإمارات، حيث تم اعتقال أثناء إجرائه بحثا ميدانيا واتهامه بالتجسس، حيث تعرض للتعذيب والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، قبل أن تفرج عنه سلطات البلد الخليجي بعد نحو 6 أشهر من احتجازه.
وذكر هيدجز أن “العديد من حلفاء الغرب التاريخيين يتظاهرون بالصداقة، إلا أنهم يعملون على تقويض مصالحنا في المنطقة من خلال التقرب من خصومنا”، مشيرا إلى أن “الإمارات، التي كان يُنظر إليها ذات يوم على أنها حليف موثوق للولايات المتحدة، لم تنأى بنفسها عن الولايات المتحدة فحسب، بل تتبنى أيضًا سياسات تعكس عداء لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.
وأضاف أن الإمارات عملت مع الغرب في ذروة الحرب على الإرهاب “لأنها كانت مهددة من قبل نفس المتطرفين”، لكن مع بروز روسيا والصين كتهديد وجودي لأمن الحلفاء القومي ومصالحهم الإقليمية لم تبد الإمارات أي استعداد للوقوف ضد هذين الخصمين، بل سارت في الاتجاه المعاكس.
وأكد هيدجز أن “إجراءات الإمارات الأخيرة سهلت زيادة هائلة في النفوذ الروسي والصيني في المنطقة”، متسائلا عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في معاملة الإمارات كصديق أو حليف.
وتابع: “تمثل الصين وروسيا تهديدات وجودية للأمن العالمي، لكن صديقتنا الإمارات تحتضنها. وبينما لا يمكن لأي منهما أن يحل محل الولايات المتحدة كضامن خارجي للأمن في الخليج، فإن التعاون المتنامي مع موسكو وبكين يعيد رسم قنوات التعاون الأمني على حساب مشاركة الولايات المتحدة بالمنطقة”.
وبينما تتمتع جميع الدول بحرية السعي وراء مصالحها الخاصة والبحث عن شركاء وحلفاء جدد مع تغير مصالحها، فإن “الإمارات تتصرف وكأنها لن تكون هناك عواقب لأنها تتخلى عن حليفها القديم في واشنطن” حسبما يرى هيدجز.
قاعدة صينية
وأشار إلى أن هذا التوجه الإماراتي ليس جديدا، ففي عهد الرئيس الحالي، محمد بن زايد، سرعت الإمارات، الابتعاد عن الولايات المتحدة، وحذرت من أن اندلاع حرب باردة جديدة بين الصين والولايات المتحدة سيجبرها على اختيار جانب منهما.
وجاء الإعلان الإماراتي ردًا على مطالبة الولايات المتحدة بأن توقف أبو ظبي عن بناء قاعدة عسكرية صينية في الخليج.
وأدت اعتراضات الولايات المتحدة على استعداد الإمارات لمساعدة بكين في إنشاء جسر بالمنطقة إلى “ما يبدو أنه كان مجرد توقف مؤقت بدلاً من إلغاء المشروع”، بحسب هيدجز، مشيرا إلى “الإبلاغ مؤخرًا عن استئناف بناء القاعدة العسكرية الصينية”.
واعتبر هيدجز أن إعلان الإمارات انسحابا أحاديا من القوة البحرية المشتركة في الخليج، بقيادة الولايات المتحدة، مؤشرً على “المسافة في العلاقة مع الإمارات وانفصالها عن المصالح الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة”.
وهذا لا يرفع التهديدات المباشرة لمصالح الأمن القومي الأمريكي في الخليج فحسب، بل يعكس أيضًا استعداد الإمارات المتزايد لتجاهل المصالح الأمريكية من خلال تعميق العلاقات مع موسكو وبكين، حسبما يرى هيدجز، مشيرا إلى أن المراقبين نظروا إلى القرار الأول لقادة الإمارات بالسماح ببناء القاعدة العسكرية الصينية على أنه خطأ، لكن استئناف البناء في مواجهة اعتراضات الولايات المتحدة ليس سوى إصرار.
وهذا الإصرار ليس مفاجاة، حسبما يؤكد المحلل البريطاني، مشيرا إلى أن أبو ظبي انتهكت حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، ودعمت إعادة قبول نظام بشار الأسد، الذي يمارس الإبادة الجماعية، في جامعة الدول العربية، وحكم عليها المفتش العسكري الأمريكي بأنها مولت عمليات مجموعة المرتزقة الروسية “فاجنر” في جميع أنحاء إفريقيا.
كما تعمل الإمارات بنشاط على توفير الوصول التجاري للشركات الروسية من خلال مساعدة موسكو على التحايل على العقوبات الغربية، بحسب هيدجز، مضيفا: “إذا كان من المفترض تصديق التسريبات الأخيرة، فقد شكلت (الإمارات) تحالفًا مع أمن الدولة الروسية لاستهداف وكالات المخابرات البريطانية والأمريكية”. ويؤكد هيدجز أن الشراكة المتنامية للإمارات مع روسيا تمثل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية في المنطقة، والأمن الأوروبي، وسيادة القانون الدولي، مشيرا إلى أن التقارير الأخيرة، الصادرة عن مجلس الاستخبارات الوطني، تشير إلى الحاجة الماسة لإعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة بالإمارات.
وشدد هيدجز على أن واشنطن لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تنحرف الإمارات إلى جانب الصين وروسيا، مضيفا: “سيُنظر إلى صمت الولايات المتحدة على أنه عامل تمكين، حيث تنزلق المنطقة في أيدٍ معادية. وقد بدأ هذا بالفعل مع استسلام دول أفريقية أخرى لموسكو وبكين. فقد أجرت جنوب إفريقيا مؤخرًا مناورات عسكرية مشتركة مع الصين وروسيا، وتقوم مصر بتسليم الأسلحة والذخيرة إلى موسكو”.
ويخلص هيدجز إلى أن استعداد الإمارات لتجاهل واشنطن دون تكلفة واضحة يعني ترجيح أن يحذو الآخرون حذوها، مضيفا: “لا يمكننا وقف هذا التآكل في النفوذ في المنطقة إلا من خلال السماح لأصدقائنا وحلفائنا المفترضين بمعرفة أن الصداقة هي طريق ذو اتجاهين”.