متى يتم السيطرة على زحام الفتاوى الدينية؟

بقلم : الكاتبة إنجي الحسيني
       (عضو إتحاد مصر)

 

في فترة تولى الشيخ “على جمعة” دار الافتاء المصرية، تم استضافته في أحد البرامج بشكل متواصل و إتاحة المجال للمتصلين كي يسألونه في أمورهم الحياتية.
وأتذكر أن المتصلين كانوا يسألونه أسئلة تافهة جدًا من وجهة نظري، ومن تلك الأسئلة؛ حكم الصلاة إذا كانت القبلة أمام باب الحمام، فما كان من “المذيع” إلا أن خاطب المتصلين: (عيب يا جماعة أنتم بتسألوا مفتي الديار، ما ينفعش نوعية الأسئلة دي)
وفي السنوات الأخيرة، ساهمت “السوشيال ميديا” في زحمة الفتاوي، فتجد “بوستات” تحمل فتاوى لشيوخ ، وأنت لا تعلم ما طبيعة الحديث أو السؤال، لكن اُجتزئت الفتوى و بُروزت وتم تداولها بشكل يقلل من قيمة الشيخ مما جعل فتاواه محل سخرية.
ومن هنا؛ أقول لشيوخنا، يجب فرز الأسئلة التي تتسم بالتفاهة، فكلمة “فتوى” هي كلمة عظيمة .. فقد تكررت أسئلة على شاكلة؛ هل “الشطافة” تفطر ؟ وهل “قطرة العين” تفطر ؟ ماذا عن العلاقة بين الزوجين “سهوا” في نهار رمضان ؟ لو كانت الإجابات من باب تعريف السائل أمور دينه، فهذا أمر محمود بالطبع، لكن إذا كانت طبيعة الأسئلة مردودها مسيء للدين، فهنا يجب الركون للحكمة.
لا يهمني شخص السائل، لكن يهمني المسئول خاصة إذا كان من الوجوه المعتدلة و الواعية؛ لأنه من المفترض قيمة دينية كبيرة، وعليه أحذره من أن يتصيده الخبثاء لجذب فتاوى أو اعترافات يتم تسيطحها وإبرازها بشكل يسيء لأصحاب العمم، أو الدخول في صراعات مصطنعة وترندات متعمدة برأي فقهي، فيبدو وكأن رجال الدين يتناولون توافه الأمور .
لذا؛ أتمنى وقف فقرة “الفتاوي التليفزيونية” و ” التصاريح الفيسبوكية” الهزلية والتي تذكرني ب”أكشاك الفتوى” والتي لا تليق بقيمة رجل الدين الدين وتقلل من قدره، فدار الافتاء لديها خط ساخن، وموقع إلكتروني لمن لديه مشكلة تتطلب رأي الدين، وأرى أن تركز البرامج الدينية على تصحيح المفاهيم المغلوطة وعلى تعاليم الأديان التي لا يختلف عليها أحد؛ أي ضرورة وجود برامج تندرج تحت بند ” الدين المعاملة” والتي تحث على مكارم الأخلاق والفضيلة وقصص الصحابة والتابعين وتفسير الأحاديث والسور القرآنية.
أما عن فتح الباب للفتاوى، فليس مكانه التلفاز خاصة أن معظم المشاكل ما تكون شخصية، وسردها على العام هو نوع من الفضائح، كما أن الفتوى الواحدة قد تختلف من شخص لآخر؛ بمعنى جوازالفتوى لشخص وقد لا تجوز لغيره، رغم أن ملابسات الآمرين فيهما تشابه كبير.
فدعونا من مناقشة المشاكل الفردية فالحلال بيّن والحرام بيّن، ولنركز على الدين المعاملة، فنحن نعاني في كل مكان من تردي الأخلاق والقيم والذمم وانتشار الفواحش والبدع، ويكفي أن جمهور مواقع التواصل الاجتماعي أصبح يوزع الفتاوى بلا ضوابط وبشكل مباح وكأن الفرد منهم موكل من جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي ظاهرة جديدة متفشية و يجب مواجهتها من خلال الاعلام ورجال الدين حرصًا منهم على تحجيم الآراء التي تنال من صحيح الدين ومن سلامة المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى