هذه الأضحية أكلها حرام .. لا تشتريها ولا تذبحها !!
مع قرب قدوم عيد الأضحى المبارك تنتشر الكثير من شوادر رؤوس الأغنام والعجول والإبل في الشوارع والطرقات لتصبح التجارة الأكثر رواجا في ذلك الموسم، وذلك نظرا لاقتران عيد الأضحى بشعيرة الأضحية لما فيها من ثواب عظيم، لكن هناك بعض الشروط التي وضعها الشرع الحكيم لرؤوس الماشية حتى تكون صالحة للتضحية بها، بل ومنها ما جعلها العلماء حرام أكلها فضلا عن التضحية بها.
ومع انتشار سرادق وشوادر بيع رؤوس الأغنام والماشية من الخراف والماعز والعجول والإبل، نجد بعض الرعاة والتجار يتعمدون تغذية تلك الخراف أو غيرها على “القمامة” لعدم تحمل تكاليف مرعاها من الأعلاف، وهذه الأغنام تسمى في الشرع بـ«بالجلالة» فما هي وما حكم التضحية بها؟
يقول فضيلة الشيخ مبرك أحمد طلبة، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن الحيوان الذي يتغذى على النجاسات يسمى عند الفقهاء بـ«الجلَّالة»، وأي حيوان يتغذى على النجاسات ويظهر أثر النجاسة عليه، لا يجوز في هذه الحال أكل لحمه ولا بيضه ولا شرب لبنه إلا بشرط أن تتطهر من النجاسات.
وأوضح «طلبة»، ، أن شرط ذبح حيوان الجلالة أو التضحية بها أن تحبس لمدة اختلف فى زمانها، لكن المستقر عند معظم أهل العلم والخبرة أن مدة الحبس 40 يومًا سواء كانت من الإبل أو 20 يومًا إن كانت من البقر أو 10 أيام إن كانت من الغنم.
واستدل في حكمه على أكل «الجلالة» بعدد من النصوص النبوية، حيث قال أنه ورد في الحديثين الذي صححهما الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ» وعَنْ ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ، وَأَلْبَانِهَا»، وكذلك نا رواه رواه النسائي وحسنه ابن حجر في “الفتح” عَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ الْجَلَّالَةِ ، وَعَنْ رُكُوبِهَا ، وَعَنْ أَكْلِ لَحْمِهَا».
ويستطرد «طلبة»، فيقول، إنه من هذه الأحاديث يتبين لنا أن المنهي عنه في حيوان الجلالة ثلاثة أمور: أكل لحمها وشرب لبنها، وركوبها، ويلحق بها: بيضها، عند جمهور العلماء، حيث عرفها الإمام أحمد رحمه الله: بأنها مَا أَكَلَتِ الْعَذِرَةَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ”.
ويوضح أن الجلالة تكون اسم يشمل أي حيوان يتغذى على النجاسات، سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج، أو الإوز، أو غيرها من الحيوانات المأكولة، كما قال الإمام النووي رحمه الله: “وَتَكون الْجَلالَة : بَعِيرًا ، وبقرةً ، وشَاةً ، ودجاجةً ، وإوزة ، وَغَيرهَا ”
ورأى أن الحيوان الذي يتغذى على النجاسات له أحوال:
الأولى: أن يكون تغذيه عليها قليلا، وأغلب طعامه من الطيبات، فهذا لا يشمله حكم الجلالة، حيث قال الخطابي رحمه الله: “فأما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحَبَّ، وكانت تنال مع ذلك شيئاً من الجِلَّة، فليست بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها، وغالب غذائه وعلفه من غيرها: فلا يكره أكله”.
الثانية: أن يكون أكثر طعامه من النجاسات، ويظهر تأثير ذلك على الحيوان في نتن لحمه ورائحته، فهذا يشمله النهي، فلا يجوز أكل لحمه وبيضه، ولا شرب لبنه ولا ركوبه، حيث قال الكاساني رحمه الله: “إنَّمَا تَكُونُ جَلَّالَةً إذَا تَغَيَّرَتْ وَوُجِدَ مِنْهَا رِيحٌ مُنْتِنَةٌ ، فَهِيَ الْجَلَّالَةُ حِينَئِذٍ ، لَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا ، وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا ” انتهى من “.
الثالثة: أن يكون أكثر طعامه من النجاسات، ولكن لا يظهر تأثير ذلك على الحيوان في لحمه ورائحته، فهل يعد جلالة أم لا؟، فالحنابلة قالوا إنه يعد جلالة؛ أما الحنفية والشافعية فلم يعدوها من الجلالة
ويتساءل قائلا: «هل أكل لحم الجلالة محرم أم مكروه؟»، ليجيب بأن مذهب الحنابلة هو تحريم أكل لحمها وبيضها وشرب لبنها، وكراهة ركوبها، ومذهب الحنفية والشافعية كراهة الأكل والشرب والركوب
واختتم بالقول: «إن من يضحى بالخراف والأبقار والبهائم التى تأكل القمامة فهو آثم، ومن يضحى بها دون علم بأن البهيمة تأكل من خبث الأرض، فلا وزر عليه ووزرها يقع على من باعها، ومن أضحى ببهيمة ويعلم أنها تأكل من خبث الأرض، فلا أضحية له ويتحمل وزرها».