كامل مراد يكتب: ((صَفْحَةٌ طُوِيَتْ))
كامل مراد
في حياة كلّ واحدٍ منّا دفتر ذكريات يحتوي على العديد من الأحداث والشّخصيَّات العابرة، فبعضها يترك أثرًا في أنفسنا وبعضها الآخر يزول أثرها بزوال صاحبها، وفي فترة من العمر يتعرف الإنسان على العديد من الأصدقاء بحكم الدراسة، ثمَّ بسبب ظروف العمل، ومع مرور الوقت تبدأ مصفاة العلاقات داخل كلّ واحدٍ منّا بتصفيةٍ دوريَّةٍ لمن عبر حياتنا، فيبقى في نهاية المطاف الجيّد من الأصدقاء، ويزول من كانت العلاقة معه مبنيَّةً على مصالح أحاديَّة الجانب وما أكثر هؤلاء الأشخاص.
وقد كنتُ في مقتبل حياتي ألهثُ وأحرصُ على معرفة سبب اختفاء بعض الأصدقاء من حياتي وألتمسُ لهم العذر، لكن مع مرور الوقت أدركتُ أنَّ ذلك الحرص على العلاقات العابرة مرهقٌ لي صحيًّا ونفسيًّا، فقرَّرتُ حينها أن أعامل بالمثل، فمن غاب بدون سببٍ أدعه وشأنه وما يتخيل من أوهام؛ فهناك شخصيَّات يعتقدون أنَّهم ببعدهم عنَّا سيؤثرون في حياتنا، لذلك لابدَّ أن يكون الإنسان مهيأً للتعامل مع مثل تلك الشّخصيَّات العابرة، والتي تختفي فجأةً وبدون سبب، فمن هجرنا بلا سبب يستحقُّ أن ننساه بدون ذكرى، فالعتاب دليلٌ على المحبَّة، ومن لا يتقبل العتاب والمواجهة فهو لم يكن راغبًا باستمرارالعلاقة من الأصل؛ لذلك أوجدوا بدلاء من كلّ شيءٍ في تفاصيل حياتكم؛ حتّى لا تتأثروا بغياب أحدٍ من الشخصيَّات في حياتكم، ودائمًا اتركوا مسافة أمانٍ في علاقاتكم بين النَّاس؛ فالأصدقاء كالمسافرين منهم من يكنُّ لكَ المحبة والإخلاص على الدَّوام، ومنهم من هو صديق عابر يغادر محبّتك ليلتحق برحلة أخرى تحقق له مصلحة مع شخص آخر.