أردوغان في “خطاب النصر”: سننحي الخلافات جانباً

أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، الأحد، فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة أمام منافسه كمال كيليجدار أوغلو. وحصل الأول على 52.14% من الأصوات مقابل 47.86% للثاني، بعد إحصاء جميع الأصوات تقريباً.

وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات أحمد ينار في مؤتمر صحافي، إنه وفقاً لهذه النتائج “فإن الرئيس أردوغان قد تم إعادة انتخابه مرة أخرى”، مشيراً إلى أنه تم إحصاء 99.43 بالمئة من صناديق الاقتراع.

وأضاف أنه مع وجود فارق يزيد عن مليوني صوت بين المرشحين الاثنين فإن بقية الأصوات التي لم تحص بعد لن تغير شيئاً في النتيجة. وذلك ليبقى سجل أردوغان الانتخابي خالياً من الهزائم.

وأمام نحو 320 ألف من أنصاره، دعا أردوغان (69 عاماً) إلى “الوحدة والتضامن” بعد فوزه بفارق ضئيل في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي مددت حكمه المستمر منذ عقدين حتى العام 2028.

وخاطب الرئيس التركي مؤيديه الذين احتشدوا أمام القصر الرئاسي في أنقرة قائلاً: “سنترك الخلافات السياسية جانباً وندعو إلى الوحدة والتضامن”، مؤكداً “ندعو إلى ذلك من كل قلبنا”.

وقال إن إطلاق سراح صلاح الدين دمرداش، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد غير ممكن في ظل حكمه.

ودمرداش مسجون منذ 2016 في انتظار محاكمته بتهم مرتبطة بالإرهاب ينفي ارتكابها.

وفي إسطنبول، قال الرئيس التركي الذي فاز بولاية ثالثة: “لقد فزت في جولة الإعادة بدعم وإرادة شعبنا، وأشكره على التصويت” في هذه العملية الانتخابية التي جرت بشكل “سليم وهادئ”، لافتاً إلى أن “الشعب التركي منحني تفويضاً رئاسياً جديداً لخمس سنوات مقبلة”.

وأضاف خلال حديثه من فوق حافلة أمام مقر إقامته، أن “نتائج الانتخابات أظهرت مرة أخرى أنه ليس باستطاعة أحد أن يطعن في مكاسب تركيا، وقلنا سابقاً إننا سنفوز فوزاً لن يخسر فيه أحد، لذا فإن الفائز الوحيد اليوم هو تركيا”.

واعتبر أن “الفائز في هذه الانتخابات هو 85 مليون مواطن تركي”، مضيفاً: “سأكون بقدر ثقتكم كما كنت خلال الـ21 سنة”، لافتاً إلى أن “حزب الشعب الجمهوري المعارض سيحمل كيليجدار أوغلو مسؤولية الأداء السيء”.

وأشار إلى “أننا نقوم الآن بكتابة التاريخ”، معرباً عن شكره لـ”الشعب التركي الذي جعلنا نعيش فرحة عيد الديمقراطية بين عيدين دينيين”.

وتابع: “سنعمل على الانتصار في الانتخابات المحلية المقررة في 2024 ولن نتوقف”، لافتاً إلى أم “كلمتنا القادمة ستكون من القصر الرئاسي في أنقرة وسنوجهها للعالم بأسره”، متعهداً بحل مشاكل المناطق التركية التي أصابها الزلزال في فبراير الماضي.

وأضاف أردوغان خلال “خطاب النصر”، أن التضخم هو القضية الأكثر إلحاحاً للبلاد، مضيفاً أنه سيتراجع في أعقاب خفض سعر الفائدة إلى 8.5% من 19% قبل عامين.

وأشار الرئيس التركي إلى أن بلاده “تشيد اقتصاداً يركز على الاستثمار والتوظيف مع فريق إدارة مالية يتمتع بسمعة دولية”.

كيليجدار أوغلو: سنواصل النضال
من جانبه، قال المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة التركية كمال كيليجدار أوغلو: “لن أقبل للأتراك أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثالثة، ولم أقبل أن يتم التغاضي عن انتهاك حقوقهم”، مشيراً إلى أن “المعارضة التركية تعرضت لضغوطات خارجة على القانون”.

وأضاف في مؤتمر صحافي عقب خسارة جولة الإعادة أمام رجب طيب أردوغان: “حريصون على تحقيق حقوق الشعب التركي”، معتبراً أن هذه الانتخابات “كانت أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات”.

وقال في أول تصريح له بعد الانتخابات: “إنني حزين للغاية في مواجهة الصعوبات التي تنتظر البلد”، من دون أن يعترف رسمياً بالهزيمة.

وتابع: “حاربت من أجل عيش الشعب التركي بأمان وسأستمر بالمحاربة”، داعياً إلى “النضال من أجل الديمقراطية فلقد عشنا أكثر انتخاب شرس في تركيا”.

وأوضح أنه “كانت لدي إرادة لتغيير النظام الرئاسي، كما أن حزب الشعب الجمهوري وتحالف الأمة بكل ما لديهم من قوة عملوا من أجل ذلك”.

بدورها، هنأت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح التركي المعارض، الرئيس رجب طيب أردوغان على فوزه بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية لكنها قالت إنها ستواصل مسيرتها كمعارضة.

وأضافت أكشينار في تصريحات من أنقرة أن النتائج أظهرت أن هناك درساً كبيراً يحتاج أردوغان إلى تعلمه.

وأصبح أردوغان أول رئيس ينال 3 ولايات منذ تأسيس الجمهورية التركية الجديدة في 1923. وبذلك، يكون قد أمضى في السلطة داخل مناصب مختلفة، عقدين من المئوية الأولى للجمهورية.

وتصدر أردوغان، نتائج الجولة الأولى بحصوله على 49,5% من الأصوات، فيما حصل كيليجدار أوغلو على 44.88%.

وتحدى أردوغان قبل إجراء الانتخابات استطلاعات الرأي وحقق تقدماً مريحاً بـ5 نقاط تقريباً على منافسه زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، لكنه فشل في الحصول على نسبة 50% المطلوبة لحسم الجولة الأولى من السباق.

تركيا تحتفل
ووفقاً لوكالة الأناضول، شهدت مدن تركية، مساء الأحد، احتفالات بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة. وفي إسطنبول أقيمت احتفالات أمام مقر حزب العدالة والتنمية وفي العديد من مناطقها.

وتجمع أمام مقر الحزب عدد كبير من المواطنين وأعضاء الحزب حاملين رايات الحزب وهم يلقون شعارات مؤيدة لأردوغان. وجرت الاحتفالات وسط إجراءات أمنية، وأصوات الموسيقى، حيث علقت لافتة كبيرة أمام مقر الحزب كتب عليها “سوف نربح بشكل لا يخسر فيها أحد”.

كما خرج عدد كبير من المواطنين في مواكب بسيارتهم احتفالاً بفوز أردوغان.

وفي العاصمة أنقرة، احتشد المواطنون في العديد من المواقع والشوارع الرئيسية، رافعين أعلام حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”. ومن أبرز المواقع التي احتشد فيها المواطنون، مقرات حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، والمجمّع الرئاسي.

وفي السياق، قام البعض الآخر من المواطنين بتنظيم مواكب سيارات للاحتفال بفوز الرئيس أردوغان على منافسه كيليجدار أوغلو.

الزعماء يهنئون
وهنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب أردوغان بفوزه في انتخابات الرئاسة التركية الأحد، قائلاً إن الفوز دليل على تقدير الشعب التركي للعمل المتسم بنكران الذات الذي يقوم به أردوغان ولسياسته الخارجية المستقلة.

وقال الكرملين إن بوتين وجه رسالة لأردوغان قال فيها إن “الفوز في الانتخابات كان نتيجة طبيعية لعملكم المتفاني كرئيس للجمهورية التركية، وهو دليل واضح على دعم الشعب التركي لجهودكم في تعزيز
سيادة الدولة وإدارة سياسة خارجية مستقلة”.

وأضاف بوتين: “نحن نقدر بشدة إسهامك الشخصي في تعزيز العلاقات الروسية التركية الودية والتعاون الثنائي المثمر في مختلف المجالات”.

وقدم الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التهنئة للرئيس التركي بمناسبة إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.

وقال الملك سلمان في تهنئته: “بمناسبة إعادة انتخابكم لفترة رئاسية جديدة، يسرنا أن نبعث لكم أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد، ولشعب الجمهورية التركية الشقيق المزيد من التقدم والازدهار، مشيدين بهذه المناسبة بالعلاقات الأخوية التي تربط بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، والتي نسعى لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة”.

بايدن: أتطلع لمواصلة العمل
من جانبه، هنّأ الرئيس الأميركي جو بايدن، أردوغان على إعادة انتخابه. وقال بايدن عبر تويتر: “أتطلع إلى مواصلة العمل معاً بصفتنا حليفين في الناتو بشأن القضايا الثنائية والتحديات العالمية المشتركة”.

بدوره، هنأ رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أردوغان بفوزه في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.

وأكد سوناك مجدداً على العلاقة القوية بين المملكة المتحدة وتركيا كشريكين اقتصاديين وحليفين في حلف شمال الأطلسي، وفقا لما ورد في بيان أصدرته الحكومة.

كما هنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رجب طيب أردوغان بإعادة انتخابه رئيساً لتركيا، معتبراً أن “لدى فرنسا وتركيا تحديات هائلة تخوضانها معاً”.

وبين هذه التحديات، أشار ماكرون عبر “تويتر” إلى “عودة السلام في أوروبا ومستقبل تحالفنا الأوروبي الأطلسي والبحر المتوسط”، مضيفاً “مع الرئيس أردوغان الذي أهنئه سنواصل المضي قدماً”.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هنأ نظيره التركي بإعادة انتخابه رئيساً، معرباً عن أمله في “تعزيز” العلاقات بين البلدين و”التعاون من أجل أمن واستقرار” أوروبا.

وقال زيلينسكي عبر “تويتر”: “نأمل في مزيد من تعزيز الشراكة الاستراتيجية لصالح بلدينا وكذلك تعزيز تعاوننا من أجل أمن واستقرار أوروبا”.

بدورها، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عبر “تويتر” عن رغبتهما في “مواصلة تطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا”.

من جانبه، قال الأمين العام لحلف “الناتو” ينس ستولتنبرج في تغريدة: “أتطلع إلى مواصلة عملنا والتحضير لقمة الناتو في فيلنيوس في يوليو”.

كما هنأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أردوغان بفوزه بولاية رئاسية جديدة، معرباً في تغريدة عن تمنياته بأن تحقق “ما يطمح له الشعب التركي من تقدم ورخاء، ولعلاقات بلدينا القوية مزيداً من التطور والنماء”.

وأعلنت الرئاسة المصرية، الأحد، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بعث رسالة تهنئة للرئيس التركي بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية.

كما بعث رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، برقية تهنئة إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان بمناسبة فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية.

وهنأ الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف نظيره التركي بفوزه في الانتخابات الرئاسية، داعياً أردوغان لزيارة أذربيجان في “القريب العاجل”، بحسب وكالة “الأناضول”.

من جهته، اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن إعادة انتخاب أردوغان “يعكس الالتفاف الشعبي حول سياسته ودعمه المطلق في مسار التنمية المستدامة، وتجاوز التحديات”.

وأعرب تبون في بيان عن يقينه بأن “العهدة الجديدة ستمكنكم من تعزيز الثقة، ومضاعفة الإنجازات والـمكاسب المحققة على جميع الأصعدة”، مشدداً على الإرادة “القوية للعمل سوياً من أجل التعزيز الـمستمر للتنسيق والتشاور للدفع بالعلاقات الثنائية إلى أعلى الـمراتب”.

بدوره، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس نظيره أردوغان لإعادة انتخابه رئيساً لتركيا، مثمناً في بيان “مواقف الرئيس أردوغان المبدئية والثابتة في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”.

وفي السياق، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية لوكالة الأنباء التركية “الأناضول”: “نبارك فوز أردوغان وشعبه في العرس الديمقراطي الحقيقي”.

وقدم رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان، التهنئة لأردوغان بفوزه بولاية جديدة، وقال في تغريدة: “تهانينا للرئيس التركي بفوزه بالانتخابات الرئاسية.. انتصار واضح لا شك فيه”.

مستقبل تركيا
ووصفت وكالة “رويترز” هذه الانتخابات بأنها لن تحدد فحسب من سيحكم تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، لكن أيضاً كيف تُحكم، واتجاهات اقتصادها بعد أن انخفضت عملتها إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار خلال عقد، وكذلك شكل سياستها الخارجية، التي أثارت غضب الغرب بسبب تنمية أنقرة لعلاقاتها مع موسكو.

ورغم النفور الغربي، سمحت الحرب في أوكرانيا لأردوغان بالعودة إلى صدارة المشهد الدبلوماسي بفضل جهود الوساطة التي قام بها بين كييف وموسكو، إلى جانب تعطيله منذ نحو عام دخول السويد إلى حلف “الناتو”، بحسب “فرانس برس”.

لكن في المقابل، معارضو أردوغان يتهمونه بـ”نزعة استبدادية”، ولا سيما بعد المحاولة الانقلابية التي وقعت في يوليو 2016، والتعديلات الدستورية عام 2017 التي وسعت صلاحياته، وفقاً للوكالة الفرنسية.

وعود أردوغان
وأحدث أردوغان تحولاً عميقاً في تركيا من خلال مشاريع بنى تحتية تضمنت بناء طرقات سريعة ومطارات ومساجد، وسياسة خارجية منفتحة على شرق آسيا ووسطها على حساب حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين الذين حاول التقرب منهم إثر وصوله إلى السلطة، بحسب وكالة “فرانس برس”.

كما أسرع أردوغان بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود، ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويواجه أردوغان انتقادات الفترة الماضية، بسبب الوضع الاقتصادي، وغضب الناجين من زلزال السادس من فبراير المدمر الذين تركوا لمواجهة مصيرهم في الأيام الأولى التي تلت الكارثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى