كامل مراد يكتب: قبل فوات الأوان

       كامل مراد 

كنت قد مررتُ منذ سنواتٍ بظروفٍ حزينةٍ أرهقتني، وعرفتُ حينها ، بأن أحاسيسَ البشر ِ ومشاعرهم تختلف باختلاف من يفقدون من أحبة، ولكنهم جميعًا يتفقون في حمد الله على ما أصابهم.
‏‎

الحزن على من نفقد يعتمد على مقدارِ تعلقنا واحتياجنا لمن فقدنا.
‏‎

كثيرًا ما كنت أهربُ من الحزن بالجلوس مع الأصدقاء ولكنني وجدت أن الحزن يلاحقني فأجده في موعظة مؤثرةٍ أو في وجه يشبه من رحل عني أو ربما في أغنيةٍ مرت في خاطري ولا حل لمواجهة هذا الحزن إلا بقوة الإيمان، والرضى بما قسمه الله لنا، فكلنا مرتحلون.

أكثر‎ ما كان يتعبني في تلك المرحلة عدم تقدير بعض الأشخاص لهذه الظروف فهم يطالبونك بأن تكون قويًا، ينسون أو يتجاهلون بأنك ببساطة لا تستطيع.
لذلك أرجوكم أن لا تحاصروا قلبًا حزينا، فكل ما يحتاجه هو بعض الوقت.
‏‎أفهم صعوبة أن تضعوا أنفسكم في مكانه، لأن قهر الموت والفقد يستحيل تخيله، والصدمات الحزينة يتبعها موجاتٌ من الألم.

‏‎فالحزن يبدء صغيرًا في أول الأيام ويكبرُ بعد ذلك، لأنك ستجد من فقدته في كل زوايا البيت ، وآخرون ستفتقدهم في تفاصيل حياتك اليومية وفي رحلاتك وحتى في تذكر ما أحببتموه سويًا، إن كان طعامًا أو عطرًا أو أي شئٍ جمعكما في لحظة أو في ذكرى.
‏‎

بعد فقداني لأقرب الناس لقلبي، حيث فقدت سبعة أشخاص في أقل من خمس سنوات، شعرتُ بحجم الفراغ، فمنهم من كان الناصح ومنهم من كان السند ومنهم من كان السعادة في حياتي وربما يتفاجأ القراء أن أحد الأصدقاء والذي أكمل رحيلُه عامَه الأول كان أكثر من ترك رحيله جرحًا غائرًا في صدري فهو صديقي من أيام الدراسه، لقد كان معى في كل أوقاتي وتفاصيل حياتي ، عاش معي أفراحي وكل الأزمات وكان أخي
‏‎الذي لم تنجبه أمي.

وفي رفقة هذه الأحزان وجدت أن من أكبر عيوب العصر الحديث هو التكنولوجيا، لأنها وكأنها تعاندنا فتوثق جميع اللحظات السعيدة التي قضيناها مع الأحباب الذين رحلوا ، والتي كلما مررنا بها ثار الألم والوجع واستنزفت الدموع.

‏‎أريد قبل أن انهى حديثي إليكم أن أذكّركم وأذكّر نفسي بأن الحياة أقصر من أن نقضيها في الخصام والعتاب، وبالأخص بعد تجاوزنا لعمر يصعب بعده تعويض الأصدقاء والأعزاء.

لذلك لا أريد أن أندم على مقاطعة شخص بعد رحيله.
‏‎

حافظوا على أحبابكم وسجلوا معهم الكثير من اللحظات السعيدة لأنها أجمل ما يبقى بعد الرحيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى