ميدل إيست آي: كيف ستكسب إسرائيل من الحرب في السودان؟
الامة – ترجمات
تعد دولة الاحتلال الإسرائيلي أبرز الرابحين من الحرب التي تعصف بالسودان حاليا وتدور رحاها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهي ترى أن انتصار الأخيرة قد يكون مفيدا بشكل أكبر سياسياً واقتصاديا لأجندتها الإقليمية.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره موقع “ميدل إيست آي”، وترجمه “الأمة”، حيث يبدأ بالتأكيد على أن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في التطبيع مع السودان، حيث إن ساحل البحر الأحمر السوداني ضروري من منظور أمني واقتصادي.
ويمثل السودان قلب أفريقيا بامتدادات عميقة إلى القارة السمراء بفضل موقعه ومساحته الجغرافية الشاسعة وحدوده الشاسعة.
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، احتل السودان موقعًا محوريًا في “عقيدة الأطراف” الإسرائيلية، والتي تم تطويرها كموازنة لمنطقة عربية كانت معادية إلى حد كبير لإسرائيل، وقد تضمنت العقيدة تشكيل تحالفات وبناء علاقات مع الدول الإسلامية الأخرى.
وكان الدعم الذي قدمته إسرائيل للحركات المتمردة في جنوب السودان قبل انفصالها خير مثال على ذلك، بحسب التحليل الذي كتبه الباحث في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA) بجامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول شادي إبراهيم.
وبعدما جعلت واشنطن الانفتاح والتطبيع مع إسرائيل معيارًا لقوة العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية، خاصة في عهد إدارة دونالد ترامب، سارعت السلطات العسكرية الجديدة في السودان إلى التطبيع مع تل أبيب من أجل الحصول على الشرعية الدولية.
وقد تجلى ذلك في عدد من التطورات الأخيرة؛ بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم في فبراير/شباط الماضي، حيث التقى بقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان.
لكن يبدو أن محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، كان قادرا على تقديم تنازلات أكبر للإسرائيليين، بحسب الكاتب، خاصة بعد توقيع صفقة 2019 مع شركة ضغط أسسها عميل سابق في المخابرات الإسرائيلية.
وأكد أن “حميدتي” عقد اجتماعات مع المخابرات الإسرائيلية، وفي مايو/أيار 2022، ورد أن وفدًا سريًا سلم تكنولوجيا مراقبة متقدمة إلى زعيم الميليشيا.
كما أعربت قوات الدعم السريع عن دعمها لعملية التطبيع وتوقيع “اتفاقيات أبراهام”، رغم الاعتراضات الشعبية في السودان.
لماذا تريد إسرائيل التموضع استراتيجيا في السودان؟
يجمل الكاتب هنا عدة أسباب تتنوع بين السياسية والاقتصادية والأمنية، حيث يرى أن دولة الاحتلال تسعى إلى وضع نفسها بشكل استراتيجي في السودان لتعزيز أمنها وتوسيع نفوذها الإقليمي، خاصة في أفريقيا. وتهدف إلى الاستفادة من طول ساحل البحر الأحمر لأغراض التجارة والدفاع والأمن، خاصة كحصن ضد إيران.
ويضيف أن إسرائيل تريد كبح نفوذ إيران المتزايد في المنطقة، ووقف طرق تهريب الأسلحة من السودان إلى غزة.
كما أن تحسين العلاقات مع السودان من شأنه أن يعزز علاقات إسرائيل مع الدول الأفريقية الأخرى، ويساعدها على الوصول إلى الأسواق الأفريقية، خاصة بعد تعليق وضع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تبادل المعلومات الاستخباراتية بين تل أبيب والخرطوم حول تحركات مجموعات المقاومة الفلسطينية وغيرها في شمال أفريقيا، إسرائيل في سعيها لتقويض هذه المنظمات.
تنظر إسرائيل أيضًا إلى التطبيع من منظور اقتصادي، وتسعى إلى فتح الباب أمام الاستثمارات في الزراعة والتعدين والأمن، مع تعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية في إثيوبيا وعبر القرن الأفريقي، وستستفيد أيضا من بناء سد النهضة الإثيوبي، الذي كان نقطة خلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا.
لماذا الدعم السريع هي الأقرب؟
يرى الكاتب أنه من بين الأطراف المتحاربة في السودان، تتماشى قوات الدعم السريع بشكل وثيق مع مصالح إسرائيل الإستراتيجية وأهدافها الوطنية، حيث تعهدت بمحاربة “الإسلاميين المتطرفين” وأزالت مؤخرًا كلمة “قدس” من شعارها، قبل أن تعيدها مجددا تحت وطأة انتقادات لاذعة، رغم أن الكلمة هي اختصار اسمها (الحروف الأولى من كلمة قوات دعم سريع)، لكن توافقها مع اسم مدينة القدس المحتلة دفعها لإزالتها من شعارها في بدايات الحرب.
من ناحية أخرى، لا يزال الإسلاميون يتمتعون ببعض النفوذ على الجيش السوداني، وهو ما يتعارض مع المصالح الإسرائيلية.
ومن المعروف أن النظام السوداني دعم علانية حركات المقاومة الفلسطينية في الماضي.
في الوقت نفسه، أثبتت قوات الدعم السريع فاعلية في الأزمات الإقليمية، مثل دعمها لزعيم الحرب خليفة حفتر في ليبيا.
علاوة على ذلك، فإن مشاركة قوات الدعم السريع في تعدين الذهب خارج سيطرة الدولة تجعل من السهل على القوى الدولية التلاعب بالمجموعة وتوجيهها لخدمة مصالحها وأهدافها.