“أبو ربيع” .. رسائل فنية واضحة بلا أغراض

      بقلم الاديبة  –   إنجي الحسيني

“أبو ربيع” هو أجير فى أرض الحاج راغب الذى يتعرض للضغط من عصابة تطمع فى شراء الأرض بكل الوسائل الشريفة والغير شريفة، ولكن أبوربيع يقف في وجههم بحزم ويواجههم بكل قوة واخلاص.

يتحدث أبو ربيع عن الأرض قائلًا: (أنا متربي من خير الأرض، شفت فيها طفولتى وصباى وشبابى ولا يمكن أن يأخدوها منا، فالأرض تاريخ لو تركناه لن يتركنا، وهى وطنى، إزاي أفرط فيها) …وعلى الصعيد الآخر، يري الطامعون فى الأرض إنها مجرد سلطة و نفوذ.

بعد موت الحاج راغب تأتى ابنة أخيه المدللة ذات الافكار الغربية، وتبدأ في اجراءات بيع الأرض، ولكن أبو ربيع يتصدى لرغبتها بعد الدخول معها في صدامات عنيفة، لكنه استطاع أن ينتزع ثقتها فيه ويزرع فيها حب الارض ليواجها معا الطامعين فى شراء أرضهم ..ويتساءل : (كيف يبيع الانسان المكان الذى يحبه ويعيش فيه) وبما إنه يعتبر نفسه مسئول عن تلك الأمانة وهى حماية الارض من كل طامع، فيفقد إحدى قدميه أثناء دفاعه عن المحصول بينما تتعرض الأرض للحرق على يد العصابة إياها والتي تنتهز الفرصة لتضغط على الفتاة للبيع.

وفى مشهد مؤثر تجد الفتاة اليائسة نفسها بين إلحاح العصابة وهى تردد كلمة ( امضي ) أي امضى على عقد بيع الأرض وحولها الفلاحين قارعين على الجرادل حتى لا تستمع الفتاة إلى أصوات الجشع البغيضة .. لتكتب النهاية ظهور أبو ربيع فى مشهد بطولى رائع مهددًا وبكل قوة وهو يصيح بأعلى صوت إنه : ( لو فقد قدمه الأخرى ولآخر نفس فيه لن يتم بيع الأرض) .. وكما جاء على لسانه فإن (الأرض هى الكنز الحقيقي وكل ما نراه هو من خيرها).

هذه هي رسالة الفيلم، التأكيد على أهمية الأرض، التي تموت من أجلها الأرواح الثمنية فدءًا لها، بدون تكرار فني مفلس لمشاهد متكررة لزوجة تعبر لزوجها الضابط عن ضيقها من عدم حصوله على أجازة أو لخوفها الشديد عليه ” وذلك على سبيل المثال”
هذا هو العمل الفنى الهادف والذى يدلل على أن للفن رسالة حقيقية قادر على توصيلها.. فالفيلم يحمل رسالة لكل عميل وناشط و أصحاب شعار “الثورة مازالت مستمرة” أو لنكن أكثر دقة “المؤامرة مازالت مستمرة”، هؤلاء الذين ناموا مليء الجفون، وكانوا سببًا فى دمار الأوطان وهدم البيوت وتشريد العائلات وقتل الاطفال والنساء والشيوخ، بعد قبض ثمن الخيانة والتنازل عن شرفهم مقابل بيع وتسليم الأوطان ..
إن رسائل هذا الفيلم حقيقية، بعيدا عن “سره الباتع” و تاريخ الأفلام المدونة بالتحريض وتجسيد للعشوائية من أجل نقل مردودها إلى الشارع حتى لو كان مجرد فيلم “ريش” يسئ لصورة مصر ويحصد الجوائز من أجل ذلك.
للأسف تلك الرسائل لن تصل إلى كل خائن عميل، بل ستصل فقط الى كل وطنى مخلص .. ولكن يبقى “أبو ربيع” المواطن المصري البسيط قادر على حماية الأرض، يهدد كل من يحاول الاقتراب منها، حتى لو قُطعت أوصاله و فقد حياته.. “أبو ربيع” لن يكون “منسي” أبدًا ولن يقتصر اسمه على عمل فني ، فكل الشرفاء سيرون أنفسهم في شخص أبو ربيع بمبادئه وقيمه، وهي شخصية لا يمكن تحديدها بأسماء معينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى