هل تنجح الصين بإيجاد نظام تحويلات مالية بديلا عن “سويفت”؟

نشر موقع “أتلانتيك كاونسل” تقريرا تحدث فيه عن استخدام دول الغرب لنظام “سويفت” للتحويلات البنكية، كأداة اقتصادية ضد روسيا، حيث تحولت “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك” إلى الترسانة الرئيسية الاقتصادية للغرب بعد غزو أوكرانيا.

وتأسست جمعية “سويفت” عام 1973 مع 239 عضوا أصليا ونمت لتشمل 11,696 مصرفا ترسل أكثر من 44 مليون بروتوكول مراسلة حول العالم كل يوم.

وقال الموقع، في تقرير ترجمته “الأمة”، إن الهدف الأساسي من “سويفت” هو توفير طريقة موحدة للتواصل بين البنوك حول العالم بشأن المعاملات المالية، حيث يحصل كل عضو على رمز فريد يشمل تفاصيل حول البلد والموقع وحتى فرع البنك، وعندما يريد البنك تحويل الأموال إلى بنك آخر، فإنه يقوم ببساطة بإدخال الرمز من خلال شبكة سويفت، ويخبر البنك الآخر بالمبلغ، ثم ترسل الأموال الفعلية.

وأوضح أن نظام “سويفت” ليست سوى خدمة مراسلة، فهو لا يوفر حسابات مصرفية أو يحتفظ بأموال للبنوك، والتي تقوم بالفعل بتحويل الأموال من خلال كيان مختلف، ما يعني أن “حظر” أي بنك من نظام “سويفت” لا يعني أن المؤسسة لا يمكنها الحصول على أموال من البنوك الأخرى، بل يعني أن العملية ستكون أكثر تعقيدا وتكلفة.
اظهار أخبار متعلقة

في سنة 2020؛ حولت الشركات العالمية ما يقرب من 23.5 تريليون دولار عبر الحدود، وكلفتها أكثر من 120 مليار دولار لمعالجة المعاملات. وغالبا ما تستغرق هذه المدفوعات أيامًا لتسويتها.

وتجدر الإشارة إلى أن الصين تسعى منذ سنة 2016 إلى إنشاء شبكة يمكن أن تجمع بين كل من المراسلة والتسوية وتصبح متجرا شاملا للمدفوعات الدولية من خلال إنشاء “نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود”، ومؤخرا مع مشروع “إم-سي بي دي سي بريدج” للعملات الرقمية المتعددة للمصارف المركزية.

وأشار الموقع إلى أنه يمكن استخدام كل من مشروعي “نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود”، ومشروع “إم-سي بي دي سي بريدج” لأغراض البيع بالجملة عبر الحدود (أي من بنك إلى بنك).

ويهدف كلاهما إلى تسهيل عملية إرسال مبالغ كبيرة من المال بين البنوك دوليا، دون استخدام نظام “سويفت” للرسائل أو نظام المدفوعات بين البنوك.

وتعاونت هونغ كونغ والإمارات وتايلاند بالفعل مع بنك الشعب الصيني في مشروع “إم بريدج”، في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وقاموا بتسوية 22 مليون دولار عبر الحدود، وكان هذا أول اختبار ناجح للعملة الرقمية عبر الحدود من بنك إلى آخر باستخدام أموال حقيقية.

وأوضحت أبحاث “أتلانتك كاونسيل” حول مشاريع سي بي دي سي، أن مشروع “إم بريدج” هو مجرد واحد من أكثر من عشرة مشاريع في الغرض ذاته على مستوى العالم، وقد تسارعت وتيرة تطوير الكثير منها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا واستجابة مجموعة الدول السبع للعقوبات.
اظهار أخبار متعلقة

ورأى الموقع أن نجاح أنظمة التحويلات المالية الجديدة، يمكنها من إنشاء شبكات تحويل مالي بديلة وتوفير قناة مفيدة للبلدان التي تهدف إلى الالتفاف حول العقوبات الغربية، لكن “سويفت” يسعى لمواكبة الركب من خلال تكريس فرق التكنولوجيا في مقرها الرئيسي خارج بروكسل بتجربة نظام سي بي دي سي الخاص بها عبر الحدود، بالشراكة مع البنوك الخاصة الكبرى والبنوك المركزية بما في ذلك بنك فرنسا والبنك الألماني، كما أنهم يقومون بتجربة أنواع جديدة وأسرع من التحويلات العالمية بين البنوك.

لكن تحويل نظام سويفت من نظام مراسلة إلى نظام تسوية جديد عبر الحدود يمكنه التعامل مع جميع أنواع الأصول (التقليدية والرقمية) سيستغرق سنوات وملايين الدولارات واتباع المزيد من الإجراءات.

وأشار الموقع إلى أن البنك الوطني البلجيكي والبنك المركزي الأوروبي جنبًا إلى جنب مع البنوك المركزية لإيطاليا وهولندا وسويسرا والسويد وكندا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يشرفون على “سويفت”.

وتتحمل هذه الدول مسؤولية تزويد النظام بالتوجيهات الاستراتيجية والدعم في توجيه مخططاتها التكنولوجية. ومن المنطقي أن تشعر البنوك المركزية الغربية بالتفاؤل بشأن هيمنة “سويفت” الحالية، لكنها ينبغي ألا تغتر بهذه المكانة. فعلى سبيل المثال، وافقت بنغلادش على الدفع لشركة روسية تساعد البلاد في بناء محطة للطاقة النووية في روبور، ونظرا لأن البنوك الروسية محظورة إلى حد كبير من “سويفت”، فقد استخدمت بنغلادش حسابا مصرفيا في بنك صيني يحول اليوان إلى روسيا من خلال نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود.

وأكد الموقع أن بنغلادش ليست وحدها، فقد زاد حجم المعاملات على نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود بأكثر من الضعف منذ عام 2020، وزاد عدد المشاركين المباشرين وغير المباشرين في شبكتها. ومن المؤكد أنه في المستقبل سيشهد العلم أنظمة بديلة لسويفت وذلك يرجع لأسباب جيوسياسية وتسليح الدولار واليورو ضد روسيا، ناهيك عن أخرى تكنولوجية.

وأشار الموقع إلى أن سويفت يتمتع بميزة رائعة، لأنه يمكنه تطوير نظام يعتمد عليه العالم بالفعل بدلاً من إنشاء نظام جديد بفضل شبكته التي تضم أكثر من 11 ألف بنك، فيما يتعين على الصين وروسيا بناء نظام منافس من الألف إلى الياء وهذا يستغرق وقتًا.

علاوة على ذلك، تعد شبكة سويفت شبكة مألوفة وموثوقا بها، ناهيك عن أن نظام سويفت يوفر بوابة للتفاعل مع البنوك في نيويورك ولندن وطوكيو وباريس وفرانكفورت. وتتمثل نقطة قوة نظام سويفت في أن أي شخص أو جهة تريد إجراء مبادلات بالدولار واليورو والجنيه والين – والتي تُستخدم معًا في أكثر من 85 بالمائة من المعاملات العالمية – فهي توفر المنصة المناسبة لهذا الغرض.

وللحاق بركب التقدّم التكنولوجي، سيتعيّن على نظام سويفت الجديد القيام بأشياء متعددة في وقت واحد مثل التواصل والتسوية بين آلاف البنوك في جميع أنحاء العالم، وإيجاد طريقة لتحويل أموال البنوك التجارية التقليدية وكذلك الأموال على البلوكتشين، وسيتطلب ذلك استثمارا ضخما في الابتكار من البنوك الغربية التي توجه نظام سويفت.

وخلص الموقع إلى القول إن هذه السنة تصادف الذكرى الخمسين على تأسيس نظام سويفت. ولعقود من الزمان، كان “سويفت” هو الرائد في السباق نحو مستقبل المال؛ حيث ربطت تقنيته بين المؤسسات المالية في العالم وساعدت في تأمين النظام. لكن العالم يشهد الكثير من التطورات، وفي حال أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها إنشاء وتعزيز هذه التكنولوجيا في العقد المقبل مع ضمان فعالية العقوبات، فقد حان الوقت للتحرك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى