الموسيقار عمر خيرت يحصد جائزة الشيخ زايد
أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب اختيار الموسيقار المصري الكبير عمر خيرت لمنحه جائزة شخصية العام الثقافية لنسختها رقم 17.
يأتي ذلك تكريماً لمسيرة عمر خيرت الإبداعية التي امتدت عقوداً، قدَّم خلالها مجموعة من الأعمال الموسيقية الخالدة، أسهمت في تشكيل وجدان وثقافة شعوب المنطقة.
ووافق مجلس أمناء الجائزة على قرار الهيئة العلمية للجائزة بمنح الموسيقار عمر خيرت جائزة شخصية العام الثقافية، تقديراً لجهوده المتميزة وأعماله الموسيقية اللافتة، التي أحدثت نقلة في تقديم الأعمال الموسيقية ببصمة خاصة وواضحة، تجلَّت في العديد من المقدِّمات الموسيقية الخاصة بالأفلام والأعمال الدرامية، وتميَّزت بشخصيتها وبجُمَلها الموسيقية التي تتسم بالعمق والثراء والتدفق.
ويأتي تكريم الموسيقار عمر خيرت بجائزة “شخصية العام الثقافية” من قِبَل جائزة الشيخ زايد للكتاب، انطلاقاً من كون إمارة أبوظبي عاصمة للفن والإبداع، ومصنَّفة من قِبَل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) “مدينة الموسيقى”، ونظراً لاهتمام الإمارة الكبير بالموسيقى بصفتها جسرَ التقاء بين العالم العربي والثقافات الأخرى، حيث تسهم بشكل هائل في تعزيز الانفتاح والتبادل الثقافي ودعم هذا القطاع، ما يعزِّز فرصَ الاندماج والهُوية عبر المجتمعات وبين الأجيال.
وقال الدكتور علي بن تميم، الأمين العام للجائزة، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: “نحرص في جائزة الشيخ زايد للكتاب كلَّ عام على إبراز إحدى أهم قامات الثقافة والفن والإبداع، ممَّن أسهموا في إثراء الحركة الثقافية بجهودهم التي ستظل منارة للأجيال المقبلة. ويمثِّل الموسيقار عمر خيرت إحدى هذه القامات التي نفخر بها وبأعمالها التي ستظل عنواناً للفن والرقي. سيظل الموسيقار عمر خيرت يفيض بموسيقاه العذبة ومعانيها السامية التي تحرِّك المشاعر الإنسانية وتدفعها نحو تذوُّق الفن الراقي. تحمل إبداعات خيرت في طياتها ملامح ثقافتنا؛ فقد استطاع ببراعة مزجها بثقافات أخرى، نتجت عنها أعمال خالدة ضمنت خلودها في ذاكرتنا وهُويتنا. سنظل في جائزة الشيخ زايد للكتاب كلَّ عام نعمل على إبراز أهم القامات الثقافية والأدبية والإبداعية في المنطقة والعالم، لنسلِّط الضوء عليها ونشجِّع الآخرين على التماس النهج نفسه من أجل ميلاد قامات ثقافية أخرى في المستقبل نحتفي بها من جيل إلى جيل”.
عمر خيرت في سطور
وُلِدَ الموسيقار عمر علي محمود خيرت عام 1947 في حي السيدة زينب بالقاهرة لأسرة محبة للفنون، وعشق البيانو الذي اكتشف معه مناطق موسيقية جديدة في إحساس وذكريات وقوة الشخصية المصرية. تخرَّج خيرت في معهد “الكونسرفتوار”، وكان ضمن الدفعة الأولى من المعهد الموسيقي العريق، حيث درس العزف على البيانو على يد البروفيسور الإيطالي “كارو”، إلى جانب دراسته النظريات الموسيقية. انتقل بعدها لدراسة التأليف الموسيقي في كلية ترينتي بلندن إلى أن اكتملت ملامح شخصيته الموسيقية المستقلة مؤلفاً محترفاً يصوغ رؤاه الموسيقية الخاصة بجمل موسيقية مميزة تتسم بالعمق والثراء والتدفق.
انضم عمر خيرت في بداياته لفرقة (ليى بُتي شا – Les petits chats) التي كانت فرقة مصرية لموسيقى الروك نشأت في مطلع ستينيات القرن الماضي، وعمل خيرت في الفِرَق عازف درامز (طبول)، ما كان له أثر واضح في مؤلفاته مثل: “الخادمة”، و”رابسودية عربية” وغيرها. وأطلَّ عمر خيرت على الجمهور للمرة الأولى مع الموسيقى التصويرية من خلال فيلم “ليلة القبض على فاطمة” عام 1983.
توالت أعمال خيرت الموسيقية، إذ شارك في تأليف العديد من مقدمات المسلسلات وتأليف الموسيقى التصويرية لها بطريقة مميزة خاصة به، حيث استطاع دمج الموسيقى الأوركسترالية الغربية بالأنغام الشرقية، مستخدماً آلات غربية مثل البيانو والأكسليفون، وآلات النفخ كالكلارينيت والأبوا والساكس، إضافة إلى الآلات الشرقية المميزة كالأكورديون الشرقي والعود والقانون والكمان. ومن أهم أعماله “قضية عم أحمد”، و”البخيل وأنا”، و”ضمير أبلة حكمت”، و”غوايش”، و”ليلة القبض على فاطمة”.
كان لعمر خيرت السبق في إعادة توزيع الأغاني التي لحَّنها محمد عبد الوهاب، من بينها “أنت عمري”، و”امتى الزمان يسمح”؛ فأعطى للأغاني مذاقاً خاصاً، حتى إنَّ محمد عبد الوهاب شكر عمر خيرت على التوزيعات واعتبرها أجمل هدية قُدِّمَت له.
حصد عمر خيرت عشرات الجوائز وشهادات التقدير، المصرية والعربية، عن أعماله، منها جائزة الفارس الذهبي عام 2001 من اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري، عن أغنية “المصري” من فيلم “سكوت ح نصور”، وجائزة أوسكار السينما المصرية من جمعية فن السينما المصرية عام 2003 عن فيلم “مافيا”، واستفتاء الجمهور لأحسن موسيقى تصويرية عام 2005 عن مسلسل “العميل 1001”.
تتنوَّع حفلات الموسيقار عمر خيرت في مختلف بلدان العالم العربي والعالم، وقدَّم عام 2000 موسيقى أوبريت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وبالمجمل فإنَّ أعمال خيرت الموسيقية استطاعت أن تنقل الموسيقى العربية إلى أفق عالمي.