انتخابات تركيا تظهر أزمة في العلاقات مع أمريكا

خلال الدعاية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي أُجريت الأحد، شن معسكر الرئيس رجب طيب أردوغان هجومان حادا على الولايات المتحدة واتهم معسكر مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو بالتعبية لواشنطن، وهو ما يظهر أزمة في العلاقات التركية الأمريكية تراقبها روسيا عن كثب.

ذلك ما خلص إليه ألكسندر سفارانتس، الدكتور في العلوم السياسية، في تحليل بمجلة “نيو إيسترن أوتلوك” (NEO) الروسية ، مضيفا أن أتباع أردوغان، مرشح تحالف الشعب، يتهمون خصمه الأساسي، مرشح تحالف الأمة، كليتشدار أوغلو بـ”الخنوع للمؤيدين للولايات المتحدة”.

وتساءل إن كان ما تشهده تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، هو صراع بين قوتين سياسيتين وثقافتين، إحدهما هو معسكر أردوغان (يحكم منذ 20 عاما)، أي الإسلاميين والقوميين، الذي يطالبون باستقلال أنقرة عن الولايات المتحدة، والآخر هو معسكر كليشتدار أوغلو، أي العلمانيين والجمهوريين والبراجماتيين والمؤيدين للغرب.

وتابع سفارانتس أن وزير الداخلية سليمان صويلو، أحد أبرز أعضاء فريق أردوغان، دعا صراحة الولايات المتحدة إلى رفع “أيديها القذرة” عن تركيا، وتحدث عن ضغوط أمريكية عليه لجمع هويات اللاجئين السوريين في تركيا، واتهم واشنطن بترتيب انقلابات 1960 و1971 و1980 و1998 ومحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

ورأى أنه “من غير المرجح أن تعفو الولايات المتحدة عن مثل هذه التصريحات من وزير داخلية دولة حليفة، ومن غير المرجح أن تقتصر على وضعه على قائمة الزوار غير المرغوب فيهم للولايات المتحدة”.

واعتبر أنه “أما أن يتعامل أردوغان مع وزيره بعد الانتخابات (لاحتواء تصريحات المثيرة)، أو يخسر أردوغان.. على أي حال، أتمنى نجاح أردوغان وصويلو، لأن مسار تركيا المستقل عن الإملاءات الأمريكية هو قبل كل شيء في مصلحة الشعب التركي نفسه ومرحب به أيضا في روسيا (المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة)”.

وحتى الساعة 10:40 بتوقيت جرينتش الإثنين، وبعد فرز أكثر من 99% من الأصوات، يتجه أردوغان وكليتشدار أوغلو إلى جولة إعادة في 28 مايو/ أيار الجاري، فيما حصد تحالف الشعب، بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، أغلبية مقاعد البرلمان.

سياسات أردوغان

سفارانتس قال إن “تركيا، لا سيما في ظل رئاسة أردوغان، لم تتحرك ضد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وفضاء ما بعد (انهيار) الاتحاد السوفيتي (1991).. لكن لا يمكن الآن إنكار الأدلة المتزايدة على الصعوبات في العلاقات الأمريكية التركية”.

وأردف أنه “كثيرا ما تتعثر الدبلوماسية الأمريكية على الصخرة التركية، عندما تقرر كيفية المضي قدما في مبادرات مختلفة في الشرق الأوسط”.

وزاد بأن “تركيا بزعامة أردوغان نفذت سياسات أكثر راديكالية وغير متوقعة بالنسبة للغرب، منها رفض أنقرة السماح للفرقة الرابعة الأمريكية باستخدام الأراضي التركية للتدخل في شمال العراق عام 2003 (إسقاط نظام صدام حسين)”.

واستطرد سفارانتس: وكذلك “إبرام تركيا اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع روسيا، بينها خط أنابيب الغاز ترك ستريم، ومحطة أكويو للطاقة النووية في مرسين (جنوبي تركيا)، وشراء أنظمة صواريخ أرض-جو الروسية إس-400، والتقييمات التركية حول منظمي انقلاب يوليو/ تموز 2016 (الفاشل)، والصراع التركي الأمريكي بشأن الداعية (التركي) فتح الله جولن الموجود في الولايات المتحدة (والذي تتهمه أنقرة بدعم محاولة انقلاب 2016)”.

ومضى قائلا إن “جهات مختصة سياسية وعلمية وفنية في روسيا تتابع عن كثب الأزمة في العلاقات التركية الأمريكية لأسباب منها أن تركيا هي الجار الجغرافي الحاسم لروسيا، كما أن تركيا والولايات عضوان الناتو، الذي لا يزال يعتبر روسيا تهديا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي طموحا جيوسياسيا وجغرافيا اقتصاديا ذا أولوية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى