صفقة الإمارات النووية.. هكذا تعمق الصين نفوذها بالشرق الأوسط
يعتقد خبراء الشرق الأوسط أن توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة، 3 اتفاقيات مع هيئات الطاقة النووية الصينية، مجرد بداية لأهداف الطاقة النووية في البلد الخليجي والمنطقة، إذ تتجه الصين إلى تعميق نفوذها الإقليمي.
وجاء توقيع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مذكرات تفاهم مع معهد أبحاث عمليات الطاقة النووية الصيني، والمؤسسة النووية الوطنية الصينية في الخارج، ومؤسسة صناعة الطاقة النووية الصينية، قبل أشهر من استضافة دولة الإمارات لقمة المناخ العالمية “كوب 28” هذا العام، وفي ظل استراتيجيتها لتحويل 6% من احتياجاتها من الطاقة إلى الطاقة النووية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، حسبما أورد تقرير لموقع “المونيتور”.
وفي السياق، قال كبير الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، روبرت موجيلنيكي، إن الصين ستلعب دورًا مهمًا في ظل جدية الإمارات في التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، مشيرا إلى أن ذلك سيقود الصين، وهي مستورد رئيسي للخام من الشرق الأوسط، إلى تغيير علاقتها بالمنطقة.
وأضاف: “في الوقت الذي يبتعد فيه منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط عن صادرات الطاقة التقليدية ونحو طاقة أنظف وأكثر اخضرارًا، سيصبح دور الصين كمورد للمعدات والتكنولوجيا والمعرفة الصناعية أكثر بروزًا”.
ويتوقع موجيلنيكي أن يستمر الزخم في شراكة الطاقة بين الإمارات والصين وأن يعود ذلك بالفائدة على الطرفين، مضيفا: “الفاعلون الاقتصاديون على كلا الجانبين سيستفيدون من هذا التعاون. وأعتقد أيضًا أن هناك طريقة يمكن للجهات الحكومية (الخليجية) من خلالها الاستفادة من هذه الصفقات أيضًا”.
طموحات نووية
ولا يزال تطوير الطاقة النووية ناشئًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ لدى إيران وتركيا والأردن طموحات نووية، كما تبدي السعودية اهتماما بالطاقة النووية منذ عقود، وتسعى إلى الحصول على عطاءات لبناء أول محطة للطاقة النووية، وفقًا لبيان ميزانية 2023 في فبراير/شباط الماضي. كما وقعت المملكة مذكرة مع فرنسا للتعاون في مجال الطاقة خلال الشهر ذاته.
وفي عام 2020، وبعد تأخير دام 3 سنوات، ربطت الإمارات أول محطة نووية متعددة الوحدات في العالم العربي بشبكتها، التي بنتها شركة كوريا للطاقة الكهربائية.
وبدأت محطة براكة للطاقة النووية في أبوظبي عمليات الوحدة الثالثة في فبراير/شباط 2023، ومع اكتمال الوحدة الرابعة، ستوفر الدولة 25% من الكهرباء بالطاقة النووية.
ومن شأن ذلك أن يقلل انبعاثات الكربون بمقدار 21 مليون طن، أي ما يعادل 3.2 مليون سيارة على الطرق سنويًا، وفقًا لحكومة الإمارات العربية المتحدة.
والإمارات هي الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستخدم الطاقة النووية بنشاط بعد إيران وإسرائيل، ووضعت اتفاقية 123 مع الولايات المتحدة، في أواخر عام 2009، إطارًا قانونيًا لهذا النشاط.
ووفقاً لسفارة الإمارات بواشنطن، فقد سُمح لأبوظبي بتطوير برنامجها النووي المدني، كما أتيح للشركات الأمريكية فرصة المشاركة في برامجها النووية.
وبدأت الاتفاقيات الإماراتية الأحدث مع الصين فصلاً جديدًا بأهداف الطاقة النووية في المنطقة مع مجموعة أوسع من الشركاء.
مكسب دبلوماسي
وفي هذا الإطار، قال المستشار في شركة قمر للطاقة، ومقرها دبي، أحمد زهير، إن اتفاق التطبيع الأخير بين إيران والسعودية، في مارس/آذار الماضي، بوساطة الصين، ساعد في فتح الباب أمام الصفقات النووية الأخيرة.
وأضاف: “تأتي الاتفاقيات النووية مع الإمارات والصين على خلفية الصفقة السعودية الإيرانية، وكان من الممكن مناقشتها كجزء من صفقة الوساطة التي حدثت في مارس”، مشيرًا إلى الاتفاقات النووية كنقطة دخول إلى المنطقة بالنسبة للصين، التي تدير أكثر من 53 مشروعًا للطاقة النووية ولديها حوالي 20 مشروعًا آخر قيد الإنشاء، حسب قوله.
وأشار إلى أن الصين تعتبر الصفقات النووية مع الإمارات مكسباً دبلوماسياً لأنها تسعى بشكل متزايد إلى تقديم رؤية بديلة للوجود الأمريكي بالشرق الأوسط.