بينها الاقتصاد.. 3 دوافع خليجية للوساطة بين فرقاء السودان
اعتبر الباحث في العلاقات الدولية الدكتور صموئيل راماني أنه توجد ثلاثة دوافع خلف جهود دول مجلس التعاون الخليجي للوساطة بين فرقاء الحرب في السودان، وهي تعزيز مكانتها في أفريقيا ودعم التعاون مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاستثمارات الاقتصادية.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد السودان حربا بين الجيش، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” شبه شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حمديتي)، مما أودى بحياة مئات الأشخاص وأطلق موجة جديدة من النزوح واللجوء في أحد أفقر دول العالم.
وأضاف راماني، زميل “منتدى الخليج الدولي” (Gulf International Forum) في تحليل له ، أنه “بدافع الرغبة في توسيع الدور الإقليمي والتنسيق مع الولايات المتحدة والاستثمارات الاقتصادية، تواصل دول مجلس التعاون الخليجي مشاركتها النشطة في المشهد السياسي بالسودان وتعمل على التوسط في الصراع”.
وأضاف أنه بعد اندلاع الحرب، “سرعان ما أصدرت السعودية والإمارات وقطر بيانات دعت إلى وقف تصعيد الأعمال العدائية”، كما دعا مجلس التعاون الخليجي إلى السلام، وأشاد بدور السعودية في إجلاء الرعايا الأجانب من السودان”.
ورأى أن “رد مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان) الموحد على أعمال العنف يؤكد المصلحة المشتركة للمنطقة في الاستقرار في السودان، الذي نجح تاريخيا في التغلب على صراعات مماثلة”.
وتابع أنه “مع تفاقم العنف، من المرجح أن تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من علاقاتها التجارية والشخصية مع الأطراف المتحاربة وتحاول تسهيل تسوية سلمية، حيث بدأت (قبل أيام) محادثات في جدة بين ممثلي قوات الدعم السريع والجيش، ويمكن لهذه الإجراءات أن تعزز مكانة دول مجلس التعاون الخليجي في أفريقيا وتخلق فرصا للتعاون مع الولايات المتحدة في أزمة إقليمية كبرى”.
استقرار السودان
و”بصرف النظر عن تخفيف التوترات الإقليمية، يمكن تفسير التقارب في مواقف دول مجلس التعاون الخليجي برغبتها المشتركة في استقرار السودان”، وفقا لراماني.
وأوضح أن “الإمارات مستثمر نشط في الاقتصاد السوداني، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، أبرمت مجموعة موانئ أبوظبي وشركة Invictus Investments اتفاقية بقيمة 6 مليارات دولار لبناء ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر بالسودان”.
وتابع: “كما سعت السعودية إلى إعادة بناء الوجود الاقتصادي في عهد (الرئيس المعزول عمر) البشير (1989-2019)، حيث امتلكتا 12 مليار دولار و4 مليارات دولار من الاستثمارات على التوالي قبل انقلاب 2019”.
وأردف: “وفي مارس/ آذار 2021، تعهدت السعودية باستثمار 3 مليارات دولار في الاقتصاد السوداني (…)، وبعد محادثات في مايو/ أيار من العام نفسه بين رئيس وزراء السودان آنذاك عبد الله حمدوك وأمير قطر الشيخ تميم بم حمد آل ثاني، اقترحت الدوحة بناء منطقة استثمارية في السودان”.
مهمة معقدة
راماني شدد على أن “آفاق صفقة وساطة ناجحة، من خلال إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، لا تزال غير واضحة”.
واستدرك: “لكن النجاحات السابقة، مثل استضافة السعودية لقمة السلام بين إثيوبيا وإريتريا في سبتمبر/ أيلول 2018، وتوسط قطر في اتفاق المصالحة التشادية في أغسطس/ آب 2022، تبشر بالخير لمبادرات دول مجلس التعاون الخليجي الحالية”.
ومضى قائلا إن “دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت جبهة موحدة ونصبت نفسها كوسطاء محتملين، غير أن مهمة الوساطة معقدة بسبب الخطاب التحريضي”، في إشارة إلى الاتهامات المتبادلة بين البرهان وحمديتي.
وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن مقترح لدمج قوات “الدعم السريع” في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة سلطة المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن انقلب عليهم البرهان، حين كان متحالفا مع حمديتي، بفرضه إجراءات استثنائية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ، وهو ما اعتبره الرافضون “انقلابا عسكريا”.