ترشح الغانم للبرلمان.. ينذر بـ”اشتعال أزمة سياسية” في الكويت

 

عقب فترة وجيزة من الإعلان الرسمي عن حل البرلمان في الكويت، أعلن رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، عن ترشحه مجددا للانتخابات النيابية في خطوة قد تنذر باستمرار الأزمة السياسية التي تعيشها الدولة الخليجية.

وكان الغانم أعلن عدم رغبته بالترشح للانتخابات النيابية الأخيرة في سبتمبر الماضي بعد حل أمير البلاد لمجلس عام 2020 في أعقاب أزمة سياسية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وآنذاك، قال الغانم إن قراره “لا يعني الابتعاد عن المشهد السياسي”، مردفا أن “عدم ترشحي هو قرار مرحلي ستعقبه عودة ذات تأثير أقوى، لنكمل مسيرة الحفاظ على مصلحة الوطن”.

ومع ذلك، وجد الغانم نفسه رئيسا للبرلمان مجددا بقرار من المحكمة الدستورية التي أبطلت في مارس الماضي، المجلس المنتخب خلال سبتمبر 2022 برئاسة النائب، أحمد السعدون، حيث أعاد قرار المحكمة مجلس 2020 الذي قرر أمير البلاد حله في يونيو الماضي.

وقّع ولي عهد الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الاثنين، مرسومًا أميريًا يقضي بحل مجلس الأمة المنتخب عام 2020، وذلك بعد قرار الشهر الماضي من المحكمة الدستورية في البلاد، بإعادة المجلس.

لكن أمير البلاد حل مجلس 2020 للمرة الثانية في مرسوم صدر، الاثنين، وذلك “احتكاما إلى الدستور ونزولا واحتراما للإرادة الشعبية وصونا للمصالح العليا للبلاد وحفاظا على استقرارها في خضم المتغيرات الاقتصادية الدولية والإقليمية”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).

ويرى أستاذ العلوم السياسية الكويتي، فايز النشوان، أن قرار المحكمة الدستورية يعكس الديمقراطية التي تعيشها الكويت من خلال “تأكيد استقلالية القضاء الكويتي وقدرته في الفصل حتى في مراسيم صادرة عن أمير البلاد”.

وقال النشوان إن ترشح الغانم حق يكفله الدستور وينظر إليه حاليا على أنه مرشح للانتخابات كحال أي مرشح آخر، حتى لو كان فوزه متوقعا.

وأضاف أن الغانم “يقدم نفسه كمرشح وإذا ما نجح وهو أمر متوقع قياسا على امتلاكه لشعبية عارمة”، ما يعني أن الحديث عن وصوله لرئاسة البرلمان مجددا أمر سابق لأوانه في ظل وجود إجراءات أخرى.

ويحتاج الغانم إلى النجاح أولا في الانتخابات ثم الترشح لانتخابات الرئاسة والفوز فيها للبقاء في منصبه. ومع ذلك، فإن خطوة الغانم قد تنذر باستمرار الأزمة السياسية في الكويت، لا سيما وأن المعارضة كانت تطالب برحيله خلال مجلس 2020 وهو ما تحقق لاحقا.

بعد صدور قرار من المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الأمة الكويتي 2022، وعودة البرلمان السابق لممارسة مهام عمله، يكشف خبراء من الكويت، عن أسباب وملابسات وتداعيات ذلك على الدولة الخليجية النفطية التي تتمتع بحياة برلمانية استثنائية مقارنة مع جيرانها.

وقال المحلل السياسي الكويتي، مساعد العنزي، إن “من حلاوة الديمقراطية الكويتية أنها جامعة لكل المتناقضات”.

وتساءل العنزي، عن إمكانية عودة مرزوق لكرسي الرئاسة من عدمه، قائلا إنه “فيما لو حدث ذلك هل سيكون النواب المنتخبون من قبل الشعب متعاونين مع شخص مرزوق”.

وأضاف: “هل مرزوق قادر على إيجاد اتفاقيات مع النواب والسياسيين للعمل على تحقيق الاستقرار داخل السلطة التشريعية نفسها وإذا لم يفز برئاسة المجلس هي سيمارس دور المعارض من داخل قاعة عبدالله السالم”.

“شماعة الغزو”
وعلى النقيض من الدول الخليجية الأخرى، تتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة وبرلمان قوي، رغم أن مفاتيح السلطة تبقى بشكل أساسي في أيدي عائلة الصباح الحاكمة.

وتهز الدولة الخليجية أزمات سياسية متكررة تتعلق بالحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة.
وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

وقال الشنوان إن الأزمات السياسية “لن تختفي” من البلاد، مضيفا: “الحياة النيابية موجودة منذ 1963 … مسألة ألا تعيش الكويت أزمة سياسية هذا مستحيل”.

وكانت الكويت أول دولة خليجية تتبنى نظاما برلمانيا في عام 1962. ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.

لكن التساؤلات بشأن جدوى هذه التجربة النيابية تظل مطروحة بين فترة وأخرى، لا سيما في ظل تكرر الأزمات بنفس السيناريو دون أن يكون هناك حلولا جذرية لها.

بعد 100 يوم على تشكيلها، قدمت الحكومة الكويتية استقالتها في مشهد تكرر 6 مرات في 3 سنوات فقط، مما يطرح الأسئلة بشأن تقييم التجربة النيابية بالدولة الخليجية الثرية، وضرورة إيجاد حلول جذرية.

وفي هذا الإطار، قال العنزي إن الكويت تفتقر إلى “الثقافة الديمقراطية” سواء من قبل الناخبين أو بعض النواب، مشيرا إلى أن الناخب لا يزال يصوت بناء على المعايير القبلية والطائفية.

وأردف قائلا إن “النواب يذهبون أيضا إلى قضايا شعبوية ويصعدون فيها بدلا من إيجاد الحلول دون أن يدركوا أن السلطة التنفيذية ليست خصما للشارع”.

وفي وقت يقول فيه العنزي إن الدستور لم يطبق بحذافيره حتى الآن رغم مرور عقود على إقراره، يعتقد الشنوان أن الكويت بحاجة إلى التفكير جديا في تعديلات دستورية تساهم بإخراج البلاد من الأزمات السياسية المتكررة التي تعيق عمليات التنمية.

وقال الشنوان إن “الوضع التنموي (في الكويت) متأخر جدا مقارنة بالثروات التي تمتلكها البلاد”، مضيفا: “دول لديها موارد أقل مثل البحرين ولديها وسبقتنا في المجالات التنموية ونحن لا نزال نضع الغزو (العراقي) كشماعة بعد 33 سنة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى