تحذير سوداني: انتصار حميدتي ينذر بتكرار “سيناريو الصومال”

قال ياسر زيدان، وهو محاضر في الشؤون الدولية بجامعة السودان الوطنية، إنه على الدول التي تفضل السلام على الفوضى أن تأمل في تحقيق الجيش السوداني “نصرا سريعا” على قوات “الدعم السريع”، محذرا من أن احتمال انتصار الأخيرة ينذر بـ”سيناريو الصومال”، في إشارة إلى حرب أهلية مدمرة اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الجاري، تدور اشتباكات بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي)؛ مما خلَّف 460 قتيلا و4 آلاف و63 جريحا معظمهم مدنيون في 11 ولاية (من أصل 18)، بحسب وزارة الصحة.

وأضاف زيدان، في تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأمريكية ، أن “خطوة حميدتي للاستيلاء على السلطة تُظهر التهديد الذي تجسده قوات الدعم السريع ضد وجود الدولة السودانية”.

وتابع: “حمديتي قال إنه خاض الحرب حفاظا على التحول الديمقراطي في السودان. رغم أن الاحتفاظ بقوات مسلحة كبيرة بإمبراطورية اقتصادية مستقلة عن الدولة يهدد أي احتمال للانتقال الديمقراطي”.

وبين حميدتي والبرهان خلافات أبرزها حول مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش، وهو شرط أساسي لاتفاق يهدف إلى عودة الحكم المدني في البلاد، بعد أن تحالف الزعيمان معا للإطاحة بالشركاء المدنيين من حكم المرحلة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 عبر إجراءات استثنائية أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.

علاقات مع حفتر وفاجنر

زيدان قال إن “الدعم السريع طورت علاقات خارجية مستقلة، وليس سرا أن حميدتي حافظ على علاقات قوية مع الجنرال (المتقاعد) خليفة حفتر في ليبيا، ومجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية (مرتبطة بالكرملين)”.

وأوضح أن “النظريات الأساسية لتشكيل الدولة تؤكد أن الدولة يجب أن تحتكر الاستخدام المشروع للقوة. لذلك، فإن وجود ميليشيا قبلية قوية (يقصد “الدعم السريع”) تأسست من منطلق المصالح الشخصية والسياسية للبشير (الرئيس المعزول عمر البشير 1989- 2019) يشكل تهديدا لاحتكار الدولة للعنف، وبالتالي الدولة نفسها”.

واعتبر أن “أفضل نتيجة للحرب الجارية ستكون قضاء الجيش على قوات “الدعم السريع” لمنع سيناريو صومالي ثانٍ، حيث يتنافس المسلحون منذ فترة طويلة مع الدولة على السلطة، في منطقة مضطربة”.

وتابع: “لذلك، يجب على الفاعلين الدوليين والإقليميين تجنب معالجة القتال في السودان على أنه قتال بين جنرالين. بل هي معركة بين بقايا مؤسسات الدولة الوطنية ضد ميليشيا قبلية فاسدة أسستها ديكتاتورية البشير”.

رحلة صعود حميدتي

و”يعود تاريخ قوات الدعم السريع إلى الثمانينيات (من القرن الماضي)، عندما سلَّحت حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي (1986-1989) القبائل العربية في جنوب كردفان (جنوب) لمحاربة الجماعات المتمردة في الجنوب، ثم قاد البشير انقلابا عسكريا أطاح بحكومة المهدي، لكنه واصل سياسة تجنيد الميليشيات بين أفراد القبائل”، وفقا لزيدان.

وأضاف: “حدثت آخر حلقة من تجنيد الميليشيات القبلية للقتال لصالح الحكومة في (إقليم) دارفور (غرب)، حيث واجهت الحكومة تحديات هائلة في قتال الجماعات المتمردة عام 2003”.

وأوضح أن “تلك الميليشيات كانت تُعرف باسم الجنجويد، ووفقا للأمم المتحدة ارتكبت جرائم حرب بين 2003 و2007. وكانت أعدادهم ضئيلة إلى أن سعى البشير إلى زيادة تطوير الميليشيا بعد أن هاجمت حركة العدل والمساواة، وهي جماعة متمردة رئيسية في دارفور، العاصمة الخرطوم في 2008”.

وبخصوص حميدتي، قال زيدان إنه “برز إلى الصدارة عندما حقق نجاحات كبيرة في القتال ضد الجماعات المتمردة في دارفور، ليتم اختياره كقائد جديد لقوة جديدة حلت محل الجنجويد، وهي “الدعم السريع” التي مُنحت وضعا شبه عسكري”.

وبحسب حسن علي، الأستاذ في جامعة الخرطوم، “رفض الجيش آنذاك دمج قوات “الدعم السريع” فيه، ولذلك تم دمجها في أجهزة المخابرات والأمن، وفي 2017، تبنى المجلس الوطني قانونا ألحق قوات “الدعم السريع” بالجيش، لكنه أعطاها هيكلا مستقلا وتسلسلا قياديا منفصلا”.

ولم تكن “الدعم السريع”، بحسب زيدان، قوة عسكرية فحسب، بل كانت أيضا فاعلا سياسيا، واعتبر البشير أنها حامية ضد الانقلابات العسكرية التي قد تنبثق عن قوات الأمن الأخرى.

وأردف: “نتيجة لذلك، نمت القوة العسكرية للجماعة، لكنها طورت أيضا ذراعا ماليا مستقلا عن المؤسسات المالية الحكومية، وسيطرت على أحد أكبر مناجم الذهب في السودان وأنشأت شركات تصدره مباشرة إلى الأسواق الدولية”.

وأفاد بأنه “في أعقاب انتفاضة ديسمبر (كانون الأول 2018 الشعبية)، رأى حميدتي فرصة لتعزيز محفظته السياسية والاقتصادية، ولذلك انقلب على البشير وانحاز إلى المجلس العسكري الذي أطاح به في 11 أبريل (نيسان) 2019، وأصبح نائبا لرئيس المجلس العسكري ونائبا لرئيس مجلس السيادة بعد توقيع اتفاق تقاسم السلطة بين الجيش وقوى إعلان الحرية والتغيير (المدنية)”.

ولاحقا، انقلب البرهان وحميدتي معا على الشركاء المدنيين في حكم المرحلة الانتقالية، قبل أن يتحولا إلى عدوين جراء خلافات يقول مراقبون إن خلفها أطماع في السلطة والنفوذ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى