10 أسئلة وأجوبة عما يجري في السودان
بينما تتوالى الأنباء عن تطورات الأحداث في السودان بشكل لحظي مع استمرار المواجهات المسلحة منذ السبت، يحاول كل طرف استغلال كل ما لديه من قوة عسكرية لتحقيق مكاسب في الميدان، بالتزامن مع الانخراط في حرب معلومات زادت المشهد إرباكاً، إذ يحاول كل من طرفي النزاع تأليب الرأي العام بما يخدم أهدافه، مع إصدار بيانات عن انتصارات في الميدان غالباً ما ينفيها الطرف الآخر.
وسط هذا التدفق المتناقض من المعلومات، تقدم “الامة” 10 أسئلة وأجوبة تشرح بشكل مبسّط حقيقة ما يجري.
1- من أطراف النزاع؟
يدور النزاع في السودان بين طرفين أساسيين، هما: الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
ويشغل الرجلان أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم، إذ يتولى البرهان رئاسة المجلس، بينما يشغل دقلو منصب نائب الرئيس.
كان البرهان ودقلو شركاء في الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019. كما دعم دقلو البرهان في 25 أكتوبر 2021، حين أعلن رئيس المجلس السيادي عن إجراءات أطاحت بالمكون المدني وأنهت اتفاق تقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين، ما تسبب في احتجاجات حاشدة تطالب بالديمقراطية.
لكن، ظهرت أخيراً خلافات بين البرهان ودقلو، بسبب ملفات أبرزها دمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية في الجيش النظامي.
2- ما “الدعم السريع”؟
تأسست قوات “الدعم السريع” في عام 2013 من رحم “ميليشيا الجنجويد” المسلحة، والتي قاتلت في مطلع الألفية في الصراع الذي شهده إقليم دارفور (غرب)، واستخدمها نظام الرئيس السابق عمر البشير آنذاك في مساعدة الجيش لإخماد التمرد.
وفي عام 2017، تم إقرار قانون يمنح “الدعم السريع” صفة قوة أمنية مستقلة. وعقب ثورة 2019 التي أطاحت بالبشير، تحولت “الدعم السريع” إلى قوة رديفة للجيش تضمّ آلاف العناصر.
3 – كيف انفجرت المواجهات؟
اندلعت الاشتباكات السبت بين وحدات في الجيش وقوات “الدعم السريع” في منطقة المدينة الرياضية جنوب العاصمة الخرطوم. وليس واضحاًَ من بادر إلى إطلاق النار، فيما يتبادل البرهان ودقلو الاتهامات ببدء القتال.
وبعد ذلك، تحولت الاشتباكات إلى مواجهات بالأسلحة الثقيلة بين الجانبين.
وتفجر العنف بعد يومين من تحذير الجيش السوداني من مواجهة مسلحة، على خلفية نشر قوات الدعم السريع لعناصرها حول العاصمة، في خطوة رأى فيها الجيش “تهديداً”.
وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان لشبكة “CNN”، الاثنين، إن الهجوم الذي شنّته قوات “الدعم السريع” في الأيام الأخيرة “محاولة انقلاب”.
4- أين تدور المعارك؟
بدأت المعارك في العاصمة الخرطوم، قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى من أنحاء البلاد.
وضربت قذائف المدفعية مقر الجيش السوداني، فيما أظهرت صور الأقمار الصناعية من شركة “ماكسار تكنولوجيز”، نشرتها صيحفة “نيويورك تايمز”، دماراً كبيراً في العديد من المباني الحكومية. كما دارت معارك حول القصر الرئاسي ومقر إقامة قائد الجيش ومطارات في الخرطوم ومدينة مروي الاستراتيجية، التي تضم مطاراً كبيراً وسداً لتوليد الكهرباء على نهر النيل.
وتنافس الجانبان المتقاتلان على السيطرة على الجسور التي تربط العاصمة الخرطوم عبر نهر النيل. كما اندلعت معركة كبيرة قرب سجن كوبر شمالي المدينة، حيث يحتجز الرئيس السابق عمر البشير.
وامتد القتال إلى أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك مدينة بورتسودان الساحلية الاستراتيجية على البحر الأحمر وفي مدن نيالا والأبيض والمناطق الشرقية على الحدود مع إثيوبيا وإريتريا.
كما نفذ الجيش ضربات جوية على معسكرات قوات “الدعم السريع” في مدينة أم درمان القريبة من الخرطوم.
ووردت كذلك أنباء عن اندلاع قتال في منطقة دارفور، حيث قالت الأمم المتحدة إن 3 من موظفي برنامج الغذاء العالمي سقطوا هناك. وقالت “نيويورك تايمز” إن الاشتباكات امتدت إلى مدن نيالا بجنوب دارفور والفاشر بشمال دارفور وزالنجي بوسط دارفور، مما أجبر الكثيرين على الفرار من مخيمات النازحين ومنازلهم في تلك البلدات.
5- كيف تسير المعارك؟
يزعم كلا الطرفين السيطرة على مواقع رئيسة في العاصمة ومدن أخرى، إلّا أنه يتعذّر التحقّق من ذلك بشكل مستقل.
على سبيل المثال، أعلنت قوات “الدعم السريع” أنها سيطرت على مطارات الخرطوم السبت، الأمر الذي نفاه الجيش. وقالت إنها دخلت القصر الرئاسي، لكن الجيش ينفي ذلك أيضاً ويؤكد أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمعات السلطة في الخرطوم.
أما التليفزيون الرسمي فيؤكد كل من الطرفين السيطرة عليه. لكن سكاناً في محيط مقر التليفزيون يؤكدون أن القتال متواصل في المنطقة، فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية.
والأحد، بدا أن الجيش كان له اليد العليا في القتال في الخرطوم باعتماده على الضربات الجوية لقصف قواعد قوات “الدعم السريع”. كما قال الجيش السوداني الاثنين إنه يقترب كثيراً من “لحظة الحسم”.
في المقابل، أعلنت قوات “الدعم السريع” الاثنين، إنها استولت على مطار وقواعد عسكرية، بينما أكد الجيش أنه يسيطر على مقراته رغم ما وصفها بأنها “اشتباكات محدودة” في محيطها.
6- لماذا يرفض الطرفان للتفاوض؟
عرضت جهات عدة من بينها مصر وجنوب السودان الوساطة بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، فيما صدرت دعوات دولية وعربية كثيرة دعت إلى وقف النار والعودة إلى الحوار، لكن الطرفان رفضا وقف القتال. وأعلن كلاهما تمسكه بمواقفه.
وقالت القوات المسلحة إنها لن تتفاوض مع قوات “الدعم السريع” ما لم ينفذ قرار حلّها. وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات “الدعم السريع” تسليم أنفسهم.
في المقابل، قال قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو الاثنين، إنه يعتزم “ملاحقة البرهان وتقديمه إلى العدالة”. ورد الأخير متهماً دقلو بـ”التمرد”، مؤكداً السعي إلى محاكمته حال القبض عليه.
7 – ما أبرز أسباب الخلاف؟
أحد الأسباب الرئيسة للخلاف يتعلق بموضوعي الرقابة على الجيش ودمج قوات “الدعم السريع” في القوات النظامية. ويتعرض الجانبان (البرهان وحميدتي) لضغوط من المدنيين تطالب بتسليم شركات الجيش المربحة في قطاعات الزراعة والتجارة والقطاعات المدنية الأخرى، وهي مصدر رئيسي للنفوذ لجيش طالما عهد بالأعمال العسكرية إلى الفصائل المسلحة.
وتتعلق إحدى نقاط التوتر أيضاً بالسعي إلى تحقيق العدالة بشأن مزاعم ارتكاب الجيش السوداني وحلفاء له تجاوزات يقال إنها ترقى إلى جرائم حرب” خلال الصراع في دارفور منذ عام 2003. وتسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة البشير ومسؤولين سودانيين آخرين مشتبه بهم بالتورط فيها”.
قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي”
قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي”
وثمّة نقطة خلاف أخرى هي التحقيق في سقوط متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الثالث من يونيو 2019، في واقعة أشارت فيها أصابع الاتهام لتورط قوات الجيش. ويُثير التأخر في نشر نتائج هذا التحقيق غضب الناشطين وجماعات مدنية.
كما تطالب القوى المدنية بتحقيق العدالة بشأن سقوط أكثر من 125 شخصاً على يد قوات الأمن خلال احتجاجات منذ إجراءات الجيش.
8- ماذا عن الملفات الخارجية؟
شكّلت إدارة الملفات الخارجية ولا تزال، تحدياً كبيراً للبرهان وحميدتي، بحسب مصادر عسكرية أوضحت لـ”الشرق”، أن أبرز القضايا الخلافية في هذا الملف تتمثل في العلاقات بين السودان وإسرائيل وروسيا، إلى جانب العلاقات مع الدول المجاورة.
ويتهم الجيش، حميدتي، بالسعي إلى “خلق علاقات دبلوماسية موازية للدولة”، مشيراً بذلك إلى زياراته عدداً من الدول سبق أن زارها البرهان، ما يعطي إيحاءً بأن هناك قائدين للبلاد.
وبشأن العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب، ذكرت مصادر دبلوماسية لـ”الشرق”، أن “هناك تنافساً بين الرجلين من أجل فتح قنوات اتصال بين البلدين، إذ يسعى حميدتي لتأسيس علاقة مع جهاز “الموساد”، وهو ما دفع البرهان وحمدوك للاحتجاج لدى الجانب الإسرائيلي في وقت سابق.
وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، نشب خلاف بين الطرفين بشأن العلاقة مع روسيا، باعتبار أنها تؤثر بشكل مباشر على علاقة الخرطوم مع واشنطن.
وقبل بدء الحرب الروسية بأسابيع قليلة، زار حميدتي العاصمة الروسية موسكو، والتقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف، ما أثار آنذاك تساؤلات بشأن الهدف من الزيارة.
وأثارت رحلة حميدتي حفيظة الجانب الأميركي، إذ كشفت مصادر حينها أن القائمة بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم لوسي تاملين، عقدت اجتماعاً مع البرهان وعدد من أعضاء المكون العسكري، استفسرت خلاله عن سبب زيارة حميدتي إلى روسيا.
9 – ما موقف القوى الداخلية؟
حذرت “قوى الحرية والتغيير” من استمرار القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع”، مشيرة إلى أن المعارك “تتصاعد وتيرتها بصورة تهدد وحدة وتماسك وسيادة الوطن”.
واتهمت “قوى الحرية والتغيير” في بيان، من وصفتهم بـ “فلول نظام المؤتمر الوطني البائد” بأن لديهم مخططات “لجر البلاد لحرب لا تبقي ولا تذر، بهدف قطع الطريق أمام استرداد مسار الانتقال المدني الديمقراطي”.
ودعت القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع” إلى “تحكيم صوت الحكمة ووقف المواجهات العسكرية فوراً والعودة لطاولات التفاوض، فالقضايا العالقة لا يمكن حلها حرباً والخيار الأفضل لبلادنا هو معالجتها سلما عبر الحلول السياسية”.
10- ما تأثير النزاع على مستقبل السودان؟
ينذر الصراع على السلطة بخطر وقوع السودان في براثن حرب أهلية، بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، فضلاً عن عرقلة الجهود المدعومة دولياً لإطلاق عملية انتقالية نحو الحكم المدني، والتي كان مقرراً التوقيع على الاتفاق الخاص بها في وقت سابق هذا الشهر.
كما أن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها البلاد أساساً.