“ساعة النصر” بين وعد البرهان ووعيد حميدتي.. السودان يحترق
“اقتربت ساعة النصر” في مقابل “على البرهان تسليم نفسه”، خطابان كانا على النقيض من بعضهما مضمونا ومعنى، كشفا عن حالة من “العدائية” و”الضبابية” تسيطر على المشهد السوداني بعد التطورات الأخيرة.
ففيما تعهد الجيش السوداني برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان بـ”نصر قريب”، كانت قوات الدعم السريع تقف على الضفة الموازية برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) تطالب عناصر الجيش بالاستسلام، وتزعم سيطرتها على مقار رئيسية في مناطق متفرقة.
فماذا قال الجيش عن التطورات الأخيرة؟
في بيان مقتضب، نشرته القيادة العامة للقوات المسلحة عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قال الجيش السوداني إن “ساعة النصر اقتربت”، مضيفا “نترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها مليشيات الدعم السريع المتمردة ودعواتنا للمصابين”.
وأضاف البيان “نبشر شعبنا الصابر الآبي بأخبار سارة قريبا بإذن الله”، وفيما لم يشر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة عن ماهية تلك الأنباء، نشر مقطعا ثانيا، يوثق ما قال إنه “تدمير كامل لمقر قيادة قوات العدو الرئيسي”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وفيما لم يكشف المقطع عن مكان المقر الذي زعم الجيش أنه دمره، قال الناطق الرسمي إن هناك عمليات تمشيط واسعة “وتنظيف للعاصمة من فلول التمرد ودحرهم نهائيا”.
في السياق نفسه، نشرت القيادة العامة للقوات المسلحة مقطعا للفريق البرهان، يتفقد فيه عناصر الجيش بـ”أريحية تامة” وبروح معنوية عالية”، حسب بيان الجيش.
وسُمع في المقطع صوت لم تعرف هويته بعد، يتحدث للبرهان عن أن عناصر الجيش تمكنوا من القبض على بعض أعضاء قوات الدعم السريع “بعد محاولتهم الدخول إلى المساجد للاحتماء”، على حد زعمه.
كما سُمع في المقطع هتافات: “الله أكبر، النصر أو الشهادة” بينما كان البرهان يتفقد القوات المنتشرة، فيما لم يكشف عن الموقع الذي كان يتفقده البرهان.
ماذا عن البرهان؟
وفي تصريحات تلفزيونية، قال البرهان إن ما حدث يجب أن يمنع تكوين أي قوات خارج رحم القوات المسلحة، مشيرًا إلى أن “قوات الدعم السريع هي من هاجم مقرات الجيش في بيت الضيافة (مقر إقامة رئيس مجلس السيادة).
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية (جنوبي العاصمة الخرطوم)، مؤكدًا أنها “تسللت إلى مطار الخرطوم عبر صالة الحج والعمرة، وأحرقت بعض الطائرات، إلا أن القوات المسلحة تعاملت معها”.
وردًا على إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على بيت الضيافة والقصر الجمهوري، قال البرهان إنه لم يستطع أحد دخول القيادة العامة للجيش السوداني، مشيرًا إلى أن كافة المرافق الاستراتيجية تحت السيطرة.
كيف رد حميدتي؟
في المقابل، أكد حميدتي أن قواته تسيطر على قصر الضيافة والقصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وجميع المطارات، زاعما أن قواته حيدت الطائرات التي يعتمد عليها البرهان.
وتوعد قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، رئيس مجلس السيادة قائلا: البرهان محاصر، وعليه الاستسلام فقط”.
وأكد حميدتي، في تصريحات تلفزيونية: ليس لدينا أي اتصالات مع البرهان حتى الآن، وننتظر استسلامه”، مضيفا هناك قتلى من قوات الجيش والآن نحن نسيطر (..) الحرب كر وفر، كل القواعد التي استلمناها ما زالنا نسيطر عليها”.
وأضاف أن قوات الدعم السريع ليس لديها عداء مع الجيش، معربًا عن أسفه “للقتال مع أبناء شعبنا (..) المعركة ستحسم خلال الأيام المقبلة”.
ما آخر تطورات الوضع الميداني؟
شن الجيش السوداني، يوم الأحد، ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع بالقرب من العاصمة، في محاولة لإعادة تأكيد السيطرة على البلاد.
وقال شهود عيان، في ساعة متأخرة من مساء السبت، إن الجيش قصف في نهاية يوم من القتال العنيف معسكرا تابعا لقوات الدعم السريع التابعة للحكومة في مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم.
ولا يزال بإمكان شهود العيان سماع أصوات مدفعية ثقيلة في الخرطوم وأم درمان وبحري القريبة في الساعات الأولى من صباح الأحد، وسمع شهود أصوات إطلاق نار في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، والتي لم ترد تقارير سابقة عن اندلاع قتال فيها.
ودعت القوات الجوية السودانية في وقت متأخر من يوم السبت المواطنين إلى البقاء في منازلهم لأنها ستقوم بعملية مسح كامل لأماكن وجود قوات الدعم السريع، وأعلنت ولاية الخرطوم يوم الأحد عطلة تغلق فيها المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية.
وأمكن سماع دوي إطلاق نار وانفجارات في عدة مناطق بالخرطوم، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية تصاعد الدخان من عدة مناطق وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات عسكرية تحلق على ارتفاع قليل فوق المدينة، وبدا أن واحدة منها على الأقل تطلق قذيفة.
ورأى صحفي من “رويترز” مدافع وعربات مدرعة منتشرة في الشوارع وسمع دوي أسلحة ثقيلة قرب مقرات الجيش وقوات الدعم السريع.
وأفاد شهود بوقوع إطلاق نار في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد خارج العاصمة. وأبلغ شهود رويترز بوقوع تبادل كثيف لإطلاق النار في مروي. وقال الشهود إن اشتباكات اندلعت أيضا بين قوات الدعم السريع والجيش في مدينتي الفاشر ونيالا بدارفور.
ما تأثير الأحداث الحالية على الأوضاع في السودان؟
من شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق، في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي، ويمكن أيضا أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات في الجيش، وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوى السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية.
ودعت القوى المدنية، التي وقعت على مسودة لذلك الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الطرفين يوم السبت إلى “وقف العدائيات فورا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل”.
وقالت في بيان “هذه اللحظة مفصلية في تاريخ بلادنا.. فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد، وسنخسر فيها بلادنا إلى الأبد”.