القوات المصرية في السودان.. محمية بموجب القانون الدولي
صحب الكشف عن وجود عدد من الجنود المصريين في قاعدة عسكرية بالسودان حالة من الجدل بشأن أسباب تواجدهم هناك، بينما يكشف خبير في القانون الدولي عن القوانين المنظمة لوجود هذه القوات على الأراضي السودانية وماذا يمكن أن يحدث إذا تعرض هؤلاء الجنود إلى الإيذاء.
السبت، نشرت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا، السبت، قالت إنه لقوات مصرية “تسلم نفسها” لها في قاعدة مروي التي تقع في منتصف الطريق تقريبا بين العاصمة الخرطوم وحدود المدينة مع مصر.
وأفادت تقارير من مصادر مخابراتية، لم يتسن لـ”رويترز” التأكد من صحتها، بأن قوات الدعم السريع استولت على عدة طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية المصرية واحتجزت طياريها إلى جانب أسلحة ومركبات عسكرية سودانية.
من جانبه قال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية في بيان إن قوات بلاده موجودة في السودان لإجراء تدريبات مع جنود سودانيين، مضيفا أن التنسيق يجري مع الجهات المعنية هناك لضمان تأمين القوات المصرية.
وفي تصريحات تلفزيونية السبت، أكد قائد قوات الدعم السريع السودانية، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي”، أن قواته مستعدة للتعاون مع مصر لتسهيل عودة الجنود المصريين الذين سلموا أنفسهم لقواته في مدينة مروي.
وقال حميدتي إن الجنود المصريين في أمان، وإن قوات الدعم السريع زودتهم بالغذاء والماء وإنها على استعداد لتسهيل عودتهم.
وذكر مصدران أمنيان مصريان لـ”رويترز”، أن مسؤولين مصريين تمكنوا من إجراء اتصال مع قائد الوحدة المصرية للتأكد من سلامتهم.
أسرى حرب؟
يرفض خبير القانون الدولي، أيمن سلامة، توصيف القوات المصرية بـ”المستسلمة”، مرجعا ذلك لكونها “ليست طرفا في النزاع المسلح الداخلي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع”.
ويوضح لموقع “الحرة” أن القوات المصرية في السودان لم تدمج في الجيش السوداني ولا ترتدي الزي العسكري للقوات المسلحة السودانية وتحمل أسلحتها ومعداتها الشخصية.
ولا يجوز إطلاق مسمى “أسرى الحرب” لأن تلك القوات لم تشارك في الحرب ولم تقدم مجهود حربي أو دعم عسكري خلال العمليات العسكرية الدائرة منذ صباح السبت في السودان، حسب خبير القانون الدولي.
ولذلك لا يمكن تصنيف أو إدراج القوات المصرية في السودان كـ”أسرى حرب”، لأنهم لم يحاربوا أو يستسلموا، وفقا لسلامة.
هل الوجود المصري قانوني؟
يقول سلامة إنه “لا يمكن أن يتم نشر قوى عسكرية أجنبية في إقليم الدولة المضيفة دون إبرام اتفاق قانوني لتحديد وضعية تلك القوات”.
ويشير إلى شرعية وقانونية تواجد القوات المصرية في السودان وفق اتفاقيات عديدة منها العسكري ومنها غير العسكري مثل اتفاق المركز القانوني (SOFA) والتي عقدتها الولايات المتحدة مع الدول الحليفة والصديقة.
ويوضح خبير القانون الدولي أن اتفاقية المركز القانوني لا تتعلق بالتعاون أو التحالف العسكري لكنه تنصب على “الوضعية القانونية وحقوق وامتيازات وواجبات القوى العسكرية الأجنبية في إقليم الدولة المضيفة”.
وعن سبب التواجد المصري في السودان يقول سلامة، إن القوات المصرية من قوات تدريبية وخبراء ومستشارين عسكريين هم عاملين بالجيش المصري ويقوموا بـ”تدريب وتأهيل قوات الجيش السوداني بفروعه المختلفة البرية والبحرية والجوية”.
وفي مارس 2021، وقعت كل من مصر والسودان، اتفاقية عسكرية في الخرطوم، بحضور قائدي جيشي البلدين، اللذين أكدا أن البلدين يواجهان تهديدات مشتركة.
وتم وقتها الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري، والأمني بين مصر والسودان، خصوصا في مجالات التدريبات المشتركة والتأهيل وأمن الحدود ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية.
وفي مايو 2021، أجرت القوات المسلحة المصرية ونظيرتها السودانية تدريبات عسكرية مشتركة حملت اسم “حماة النيل”، بمشاركة عناصر من القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي والقوات الخاصة للبلدين.
هل من حق مصر الدفاع عن جنودها؟
تحتل القوات المسلحة المصرية المرتبة الرابعة عشر بين أقوى جيوش العالم وفقا لتصنيف موقع “غلوبال فاير باور” لعام 2023.
وحسب سلامة فإذا اندلعت اشتباكات أو نزاع مسلح بين القوات المصرية في السودان والقوات السودانية ذاتها، فلن تطبق اتفاقية المركز القانوني وسيتم تطبيق القانون الدولي الإنساني “قانون الحرب سابقا”.
ويحظر القانون الدولي الإنساني استغلال أو استخدام الخاضعين لحماية اتفاقيات جنيف كدروع بشرية بهدف “تحصين المواقع العسكرية” من هجمات العدو، أو منع الهجمات المضادة الانتقامية خلال هجوم ما، وهو ما ينطبق على القوات المصرية المبتعثة في السودان، حسب سلامة.
ويقول سلامة إن القوات المصرية “المحتجزة” في السودان محمية حسب القانون الدولي الإنساني مثل الجرحى والمرضى والعاملين في المجال الطبي.
وإذا تم استغلال أو استخدام المصريين دروع بشرية من جانب أي طرف محارب في السودان فيعد ذلك “جريمة حرب”، وفقا لخبير القانون الدولي.
ويشير سلامة إلى أن القانون الدولي العام يكفل للدول “حماية مصالحها ورعاياها ومواطنيها في الخارج” في حالات مماثلة للحاصلة للقوات المصرية في السودان.