التطبيع الإيراني السعودي يدخل الشرق الأوسط حقبة غير أمريكية
سلط الدكتور آلان جابون الأستاذ المشارك في الدراسات الفرنسية ورئيس قسم اللغات الأجنبية وآدابها في جامعة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، الضوء على تداعيات الاتفاق بين الرياض وطهران على نفوذ واشنطن في منطقة الشرق الأوسط.
واعتبر جابون في تحليل نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن الاتفاق السعودي الإيراني الذي جاء بوساطة صينية يدخل منطقة الشرق الأوسط وليس السعودية وحدها في حقبة غير أمريكية.
وأضاف أن الاتفاق يعتبر بمثابة هزيمة مذلة جديدة للإدارة الأمريكي التي كان عليها أن تبتلع كبريائها مرة أخرى بعد رفض السعودية الانصياع لطلباتها في زيادة إنتاج تحالف أوبك+ للنفط قبل أشهر.
وأشار إلي أنه يبدو أن واشنطن قد استُبعدت عن عمد من المفاوضات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، كما أنها ليس لها علاقة بالصفقة التي تم إعلانها في 10 مارس/آذار الجاري.
وأضاف أنه من المحتمل أن ينهي الاتفاق عزلة إيران ويزيد من كسرها للحظر الذي تعمل الولايات المتحدة بجد لاستمرار فرضه ضد طهران منذ اندلاع الثورة الإيرانية وأزمة الرهائن عام 1979.
ولفت جابون إلي أن وسيط الاتفاق بين إيران والسعودية في إشارة إلي الصين، تعتبر الخصم الاستراتيجي الأول لأمريكا، وأبرمت الاتفاق بين دولتين من الشرق الأوسط الذي كان دائما ما يعتبر الفناء الخلفي للولايات المتحدة.
وذكر أنه يبدو أن إعلان هذه الصفقة في بكين يرمز إلى تحول السياسة الخارجية الشرق أوسطية والتحالفات نحو الشرق، و “التطلع إلى الشرق” (كما تسميها إيران).
إضافة لذلك، فإن الاختراق الدبلوماسي والنجاح الذي حققته الصين في هذا الاتفاق يجعل الأمر أكثر وضوحًا من خلال المقارنة مع العدد الهائل من الإخفاقات والهزائم والكوارث في السياسة الخارجية للولايات المتحدة المستمر منذ عقود.
والأسوأ من ذلك، بالنسبة لأمريكا أن الصين تخرج من هذا الأمر كقوة مهتمة وقادرة على تحقيق السلام، والوفاق، والتطبيع، ووقف التصعيد.
وفي الوقت الذي تبدو فيه الصين الآن كصانع سلام لامع تبدو الولايات المتحدة تمامًا مثل دعاة الحرب كما كانت دائمًا ، إذا نظر المرء فقط إلى تاريخها منذ بداياتها الدموية للغاية في الإبادة الجماعية للسكان الأصليين للبلاد وصولا إلى فيتنام والعراق.
وذكر جابون أنه يمكن أن تمتد عملية “نزع الأمركة” من السعودية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها. وأضاف “مثل بقية العالم، باستثناء الاتحاد الأوروبي، فإن هذه الدول أخرجت نفسها أخيرًا من سيطرة وهيمنة الولايات المتحدة حتى لو كان ذلك يعني إقامة شراكات تكتيكية مع أنظمة استبدادية مثل الصين”.
وأشار إلي أن الشرق الأوسط دخل بالفعل حقبة غير أمريكية إلى حد كبير، تتميز بتحالفات متقلبة وواقعية ومنفتحة جذريًا وغير متوقعة تمامًا من أجل إعطاء نفسه مساحة أكبر للمناورة والمزيد من الخيارات من أجل امتلاك السيادة.