حفيد الشيخ محمد رفعت يكشف أسرار “قيثارة السماء”.. رمضان كريم
تتجمّع الأسر حول موائد الإفطار في مصر، في انتظار صوت شجيّ يأسر قلوبهم، ويشعرهم بروحانيات شهر رمضان الكريم.
دقائق ويبدأ الشيخ محمد رفعت الملقب بـ”قيثارة السماء” في تلاوة آيات من القرآن الكريم، قبل أن يصدح بالأذان، بعذوبة لا مثيل لها، حيث ظل صوته منذ الثلاثينيات علامة لشهر رمضان.
طقوس الشيخ الذي فقد بصره صغيراً وهو في سن الثانية من عمره، وحكايته مع الملك فاروق والناس، رواها علاء حسين محمد رفعت أصغر أحفاد الشيخ محمد رفعت، لـ”العين الإخبارية”، كاشفاً عن تفاصيل مرضه الأخير الذي أقعده عن القراءة.
وتطرق “رفعت الصغير” إلى الحديث عن التبرعات التي جمعت من أجل علاج الشيخ التي وصلت في بداية أربعينيات القرن الماضي إلى نحو 50 ألف جنيه مصري، إلا أنّ الشيخ رفض معلنا قبوله بقضاء الله وقدره.
وإلى نص الحوار:
حدثنا عن نشأة الشيخ محمد رفعت وأسرته؟
– ولد الشيخ محمد رفعت في حي “المغربلين” بالقاهرة في 9 مايو/ أيار عام 1882 ووالده كان يعمل ضابط شرطة، وولد مبصراً حتى سن العامين قبل أن يصاب بالعمى بعد إصابته بالرمد، ولم يكن الطب آنذاك قد تطور في مصر فظل كفيفاً حتى وافته المنية.
كيف تعلم القرآن الكريم وحفظه؟
– لما استيأس والد الشيخ محمد رفعت من علاجه، ألحقه بالكتّاب أسوة بزملائه لتعلم فنون تلاوة القرآن الكريم وحفظه وأتم الحفظ في سن العاشرة من عمره.
– هل بدأ القراءة داخل المساجد في سن مبكرة؟
– نعم في سن 15 من عمره كان قد ذاع صيته في منطقته لأنه كان يتمتع بالإتقان الشديد لمخارج الألفاظ، فضلاً عن عذوبة صوته ما أهّله لأن يكون قارئاً في جامع “فاضل باشا” الذي تعلم فيه القرآن وعرف بعد ذلك بجامع الشيخ محمد رفعت.
كانت شعبية الشيخ محمد رفعت تتصاعد لما يتمتع من جمال في صوته، وكان الناس يأتون منذ صلاة الفجر ويتنظرون الشيخ لساعات طويلة، قبل أن يبدأ في تلاوة القرآن الكريم، كما أن وسائل المواصلات العامة مثل “الترام” في ذلك الوقت كانت تتوقف حين مرورها وقت أن يقوم الشيخ بالتلاوة للاستماع إلى صوته.
كيف امتدت شهرته في مصر والعالم كله؟
شهرة الشيخ جابت أرجاء الدنيا لما التحق بالإذاعة المصرية وقت افتتاحها، وفي هذا الأمر حكاية طريفة حيت كان الشيخ يرفض بشكل قاطع أن يقوم بالتلاوة في الإذاعة لأنها يمكن أن تفتح في أي مكان ولا يستمع للقرآن من قبل الحاضرين كالمقاهي وغيرها، إلا أنّه حصل على فتوى من شيخ الأزهر بالالتحاق بالإذاعة لأن صوته سيكون جاذباً للناس ويهديهم إلى طريق الله وبالفعل أقدم على ذلك وبلغت شهرته العالم كله.
هل كان الشيخ يحيي حفلات ومآتم الأسرة الملكية في مصر؟
نعم بكل تأكيد، وهناك قصة حكاها لي والدي أن الملك فاروق اتصل بنفسه ذات يوم للتأكد من حضور الشيخ في مناسبة وردّ عليه والدي وأخطر الشيخ محمد رفعت بأن الملك يستفسر عن مجيئه وأكد له أنه سوف يحضر فلقد كان حريصاً على الالتزام بكلمته ومواعيده.
كان الشيخ يولي أهمية كبرى بالفقراء وطيلة عمره ما كان يتفق على أجر، ويأخذ ما يدفعه من يطلبه مما قل منه أو كثر، وهناك واقعة معروفة أن أحد الأشخاص أعطى للشيخ بالخطأ مبلغا أقل من المتفق عليه وذهب إليه لإعطائه باقي المبلغ، إلاّ أن الشيخ رفض ذلك رفضاً قاطعاً، ولهذا مات الشيخ ولم يترك لذويه من ميراث إلا سيرته العطرة.
ماذا كانت طقوس الشيخ في شهر رمضان؟
شهر رمضان كان شهر “السرادقات” لدى جدي الشيخ محمد رفعت، فقد كان يقضيه بين سرادقات العزاء والمناسبات الليلية في المساجدk وكان في صباح كل يوم يدرب نفسه داخل المنزل ساعة كاملةk قبل أن يذهب إلى عمله.
حدثنا عن قصة إصابته بمرض في حنجرته وجمع الناس المال لعلاجه
الواقعة صحيحة في عام 1943 أصيب الشيخ بمرض في حنجرته وبدأ يتجنب الذهاب إلى الإذاعة واكتفى بالقراءة في المساجد، غير أنّه لما اشتد عليه التعب قرر الاعتزال، وبعد أشهر قام أحد الصحفيين بمجلة المصور المصرية بنشر خبر حول حالة الشيخ الصحية، داعياً القراء للتبرع لعلاجه فجمعوا نحو 50 ألف جنيه مصري، وهو مبلغ كبير جداً في هذه السنة.
وهل قبل الشيخ هذه الأمر؟
لا نهائياً رفض الشيخ بشكل قاطع مثل هذا الأمر، وشكر الناس وقال إني راض بما قسمه الله لي.
يقال إن تراث الشيخ محمد رفعت قد محي أغلبه واستكمل بعض الشيوخ الآيات الضائعة ما حقيقة هذا الكلام؟
هذا الكلام غير صحيح، فتراث الشيخ محمد رفعت جمع من مصدرين رئيسيين، الأول هو زكريا باشا مهران وهو أحد محبي الشيخ وكان عضو مجلس أمة وكان يسجل للشيخ على أسطوانات، والمصدر الآخر هو محمد فريد خميس وهو كان من محبي الشيخ أيضاً وكان يحرص على التسجيل للشيخ، والأخير كانت تسجيلاته ليست بنقاء التسجيلات الأولى، ولما حرص والداي على جمع تراث جدي أخذا من المصدرين ويظهر اختلاف لبعض القراءات في التسجيل الواحد الذي ينشر الآن.
هل يتم تجديد تراث الشيخ محمد رفعت حاليا؟
– لما جمع والدي تراث الشيخ كان قد كتب على أسطوانات محددة غير صالحة للسماع وعدلنا جزءا منها بعد تطور التكونولوجيا، ومدينة الإنتاج الإعلامي تسلمت منا كل ما يخص تراث الشيخ فضلاً عما جمعته من الإذاعة المصرية لإعادة العمل عليه وبثه في أنقى جوده ممكنة.